لا تزال الجبهات في المنطقة مشتعلة بالرغم من الحدث الكبير الذي أزاح الأضواء باتجاه طهران إثر وفاة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية الإيراني والفريق المرافق له بعد حادثة تحطّم المروحية، لكنّ الجبهات العسكرية المفتوحة باتت هي التي تقرّر المسار السياسي في المرحلة المقبلة.
وبعد فشل المفاوضات الاخيرة في القاهرة وعدم توصّل كلّ من “حماس” والمقاومة الفلسطينية من جهة واسرائيل من جهة أخرى الى أي تسوية، يبدو أن المسار الديبلوماسي ومسار المفاوضات للوصول الى وقف إطلاق النار لم يعُد هو الأولوية، بل بات العمل العسكري والميداني هو الذي يقرّر بشكل نهائي مستقبل المنطقة ومستقبل الدول المشاركة في الحرب.
وبحسب مصادر مطّلعة فإنّ رفع المقاومة الفلسطينية مستوى عملياتها وتكثيفها، وكذلك قيام “حزب الله” بتصعيد المستوى النوعي للعمليات واستخدامه طائرات مسيّرة ومسلّحة، أصبح قادراً على فرض معادلات جديدة في المنطقة في ظلّ شبه العجز الاسرائيلي عن تحقيق اهدافه الاستراتيجية في قطاع غزّة وفقدانه المناورة في جنوب لبنان.
وانطلاقاً من هُنا، يبدو أن المعنيين قد حسموا فكرة أن تشهد المرحلة المُقبلة أي مبادرات جدية تؤدّي الى وقف إطلاق النار، وإن كان الحراك الغربي-العربي لم يتوقّف لعدم ترك الساحة للجنون العسكري، لكن يبدو أن جميع الأطراف تترك أيضاً مسافة للعمل العسكري في إطار عملية “عضّ الاصابع” الحاصلة.
وعليه فإنّ من يصرخ أوّلاً سيكون الطرف المتنازل خلال المفاوضات وإن كانت معادلة “الرابح والخاسر بالمطلق” باتت أمراً مستحيلاً في المعركة الحالية، لكن نتائج الميدان أدّت مؤخرا الى فرض توازنات لا يمكن تجاوزها، وبالتالي فإن الجميع سينال نسباً معينة من الربح والخسارة بعد انتهاء المعركة.