تطبيق “خطير” أهلك الفنادق في لبنان.. وسمح للعملاء بالاستقرار دون رقابة

من الحرب، وصولاً إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وانتهاءً بالتكنولوجيا، يواجه قطاع الفنادق في لبنان واحدة من أسوأ الأزمات التي مرّت عليه، إذ لا يزال منذ انتهاء الموسم الصيفي وتحديدًا منذ تشرين الأوّل الماضي يحاول تغطية الخسائر التي ازدادت مع موسم الأعياد، بالاضافة إلى موسم السياحة الشتوي، الذي تلقى أقسى ضربة من خلاله، حيث دفع بالعديد من الفنادق إلى الاستغناء عن العمال، بالاضافة إلى إغلاق العديد من الأقسام بداعي النفقات التي لا يمكن تغطيتها، حتى وصلت الأزمة خلال الأشهر الأربعة الماضية إلى ذروتها، مع وصول نسبة الإشغال إلى 5% فقط.

ومن الأمن والوضع السيء إلى التكنولوجيا التي دخلت على خط القطاع، برز في الآونة الأخيرة تطبيق خطير، يسمح بتأجير بيوت وشقق معروضة للإيجار للسياح الذين يأتون إلى لبنان، ويفضلون الإستقرار في بيوت مستقلة بدل الذهاب إلى الفنادق، وهو ما يُعرف بتطبيق “Airbnb“. فهذا التطبيق تكمن خطورته بأنّه يسمح لأي كان باستئجار المنزل من دون الكشف عن هوية الشخص، لا بل حتى من دون التواصل مع صاحب المنزل.

فعلى سبيل المثال، يستطيع شخص يتواجد في أميركا عرض منزله الذي يملكه في لبنان للإيجار مقابل بدل معين.. يتفق المالك مع الزبون وعلى أساسه يتم تسليمه المنزل من دون أن يتم التعرف على المستأجر، ولا طلب هويته، ولا القيام بأي عقد لازم، إذ إن الأمور كلّها تتم عبر التطبيق، حيث يحدد المستأجر المدة التي يريد أن يستأجر خلالها المنزل، ويدفع الأموال مباشرة على التطبيق.

وللعلم، فإنّ أغلب هذه المنازل والتي قارب عددها الـ10 آلاف وحدة سكنية حسب أرقام غير رسمية حصل عليها “لبنان24” باتت مجهزة بتكنولوجيا كاملة، أي أن المالك يفتح باب المنزل من أميركا ويغلقه وقت ما يشاء من خلال التطبيق، من دون الحاجة إلى توظيف أي شخص لفتح المنزل وإغلاقه، أو تسليم وتسلّم المفاتيح، وهذا الأمر يطرح نقطتين أساسيتين:

أولا، إن كافة الأعمال الإقتصادية التي تتم عبر هذه التطبيقات لا يستفيد منها لبنان بشيء، إذ إنّ أصحاب هذه المنازل غالبًا ما يكونون خارج لبنان، وبالتالي، فإن الأموال لا يتم الإستفادة منها فعليا داخل الأراضي اللبنانية، على عكس الفنادق، التي تتحمل ضرائب سنوية يتم دفعها بشكل دائم.

ثانيًا، وهو الأمر الأخطر، فإن هذه التطبيقات سمحت لأي كان يتواجد على الأراضي اللبنانية من الإستقرار، وبأسعار تصل إلى أقل من النصف داخل هذه البيوت، من دون أن يتم سؤال الشخص مَن أنت ومِن أين أتيت وما هي أهداف الزيارة، طالما أن لا علاقة مباشرة بين صاحب المنزل والمستأجر.
ومن أخطر الأمثلة على ذلك، هو لجوء العملاء الذين يتواجدون داخل لبنان إلى هذه المنازل، إذ يرون بأنّ هكذا أماكن تعتبر فرصة استثنائية لأخذ راحتهم بالاستقرار، على عكس الفنادق، التي تعلم الجهات الأمنية بشكل دوري بهوية نزلائها.

وأقرب مثل على ذلك، هي قضية الصراف محمد سرور الأخيرة، إذ يؤكّد مصدر أمني لـ”لبنان24″ أن الفيلا التي وقعت فيها الجريمة تم استئجارها عن طريق تطبيق “Airbnb“، وذلك من خلال حساب مصرفي موجود خارج لبنان.. وفعليًا فإنّ الهوية التي تم استئجار المنزل من خلالها كانت مزوّرة؛ بمعنى آخر، إنّ جميع المعلومات المتعلقة بالعصابة التي تم تسجيلها عبر التطبيق لأجل استئجار الفيلا هي غير صحيحة أبدًا.
 
وبالعودة إلى عام 2018، تاريخ تمكن جهاز قوى الأمن الداخلي من كشف مخطط للموساد كان يهدف من خلاله إلى قتل القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، محمد حمدان، في صيدا، آنذاك حاول عميل تابع للموساد، وهو إسرائيلي من أصل عراقيّ كرديّ يحمل الجنسيتين العراقية والسويدية أن ينفذ جريمته، بالتعاون مع ضابطين تابعين للموساد، دخلا لبنان عن طريق جواز سفر عراقي. وحسب المعلومات الأمنية، فإن العنصرين تمكنامن الحصول على منزلين للإيجار عن طريق تطبيق “Airbnb“، الأول كان قريبًا من المرفأ أما الثاني كان مركزه في الأشرفية.
 
وبالتالي، فإنّ جميع هذه الجرائم، التي كان نجمها الأبرز العملاء، تمكنوا من الإستفادة من التطبيق من دون أن يتم الإستفسار عن هويتهم أو من هم، وهذا ما أعطاهم دافعًا لأجل تنفيذ جرائمهم بشكل سلس طالما أنّهم قد اختفوا عن الأنظار.
أما على صعيد عمل الفنادق، فقد حذّر رئيس اتحاد النّقابات السّياحيّة في لبنان نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر من خطورة قطاع “Airbnb” الذي بات يتواجد بكثرة في لبنان.

وأوضح الأشقر خلال اتصال عبر “لبنان24” بأن هذا القطاع لا يدفع أي ضريبة على الإطلاق، بالاضافة إلى أنّه لا يوظّف أي شخص إذ إن العلاقة تتم بشكل غير مباشر، إلكترونيا، بين العميل وصاحب المنزل، وهذا ما يدفع بأصحاب الإستثمارات هذه بتخفيض أسعارهم لتكون منافسة وبشكل قوي للفنادق، ما يؤثر على عملية استقطاب النزلاء.
 
ويحذّر الأشقر بشكل أساسي من الشق الأمني الذي قد تكون نتائجه خطيرة، إذ إن هذا القطاع غير ملزم بالقيام بالتصريح لا للجهات الأمنية ولا للبلدية عن المستأجر، وذلك على عكس الفنادق والشقق المفروشة وبيوت الضيافة التي هي متصلة برابط مع الأمن العام، حيث يتم التصريح وبشكل مباشر عن أي نزيل يدخل إلى هذه الأماكن مع إرسال هوية هذا الشخص والباسبور الخاص به.
 
وفي هذا السياق دعا الأشقر عبر “لبنان24” إلى ضرورة أن يتم تنظيم هذا القطاع، خاصة على صعيد معرفة من هم الأشخاص الذين يستأجرون هذه المنازل، بالإضافة إلى ضرورة دفع المستثمرين الضرائب اللازمة، حيث أنّهم في الوقت الحالي يدفعون فقط ضريبة منزل عادي.
 
ولفت الأشقر إلى أن “هذا القطاع تمكن من النمو بشكل غير معقول خلال بضع سنوات حيث وصل اليوم إلى ما يقارب الـ10 آلاف غرفة، بمعدل 1000 غرفة جديدة كل سنة خلال العشر سنوات الماضية، على عكس قطاع الفنادق الذي يحاول تطوير نفسه وسط عمل مستمر، حيث وصل إلى حدّ اليوم إلى 30 ألف غرفة منذ عام 1900 تقريبًا، وهذا ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول هذا النمط من العمل الذي خرق السوق”.

Exit mobile version