تقرير رسمي يوثّق هدر 20 مليون دولار… فضيحة الطوابع تابع
تعقد لجنة المال والموازنة النيابية جلسة برئاسة رئيسها ابراهيم كنعان، لمناقشة تقرير ديوان المحاسبة الخاص حول أزمة فقدان الطوابع الصادر بتاريخ 15/5/2024، بحضور وزير المالية يوسف الخليل ورئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران, بعد أن كشف التقرير عن عملية هدر كبيرة وصلت إلى حدود الـ20 مليون دولار خسرتها الخزينة لصالح المرخصين وغيرهم ممن استطاع احتكار الطوابع لأشهر طويلة.
وكان النائب كنعان هو اول من أثار الموضوع في كتاب سلّمه الى وزير العدل الذي احاله بدوره الى النائب العام لدى محكمة التمييز بتاريخ 27/2/2024 وتضمن الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات ضد كل من أقدم على احتكار الطوابع المالية والمتاجرة بها على وجه مخالف للقانون وكل ما يتفرع عن ذلك من جرائم تبييض أموال وإثراء غير مشروع واستغلال سلطة وهدر المال العام، وذلك سنداً للمادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وقد طلب وزير العدل اجراء المقتضى والإفادة بالسرعة الممكنة.
وتقرير ديوان المحاسبة الذي يقع في 60 صفحة ذكر بأن الرسوم الضريبة تعتبر مورداً أساسياً من موارد الخزينة العامة وأن رسم الطابع المالي من أهم هذه الموارد ونظراً لأهميته أحاطه المشرّع بأحكام قانونية مفصلة، إلا أن الطوابع الورقية اللاصقة أثارت إشكاليات كبيرة باعتبار أنها تباع عبر الباعة المجازين.
ولفت التقرير الى أن هذه الطوابع بدأت تفقد من الأسواق مع بداية العام 2019 حيث دارت الشبهات حول المرخصين الذين اشتروا كميات كبيرة منها وقاموا باحتكارها وبيعها بأضعاف ثمنها الحقيقي في السوق السوداء.
وذكّر الديوان في تقريره بأن وزارة المالية بين العامين 2019 و2020 وبعد فشل مناقصات عديدة قامت باستدراج عروض ووضعت قيد التداول عدة دفعات حيث بلغ سعر الطابع بحدود 27,9 ليرة لبنانية، وجرت محاولات إجراء مناقصات منها مناقصة رفضها ديوان المحاسبة لارتفاع السعر.
واستعرض التقرير المحاولات لمنع الإحتكار أو توفير الطوابع بعد عرقلة كبيرة في معاملات المواطنين منها: توزيع آلات وسم الطابع لتشمل كل المناطق، تجميد الرخص وإلغاءها لبعض المرخصين، وحصر استعمال الطابع الورقي بحده الأدنى والاستعاضة عنه بإشعار التسديد ص14 أو وسم المعاملة.
كما أرفق التقرير لائحة بعدد المرخصين في كافة المناطق وأسماءهم إضافة إلى الوكالات المنظّمة وما جرى من عمليات احتكار واسعة من أصحاب الوكالات والمجازين ببيع الطوابع.
وقام فرع المعلومات على إثر تحرك النيابة العامة في عدد من المحافظات بمصادرة كمية من الطوابع المالية وتسليمها إلى مديرية الخزينة ووصل عددها إلى 35924 طابعاً، وجرى تجميد مؤقت لعدد من الرخص في المحافظات.
إلا أن أخطر ما كشفه تقرير الديوان ما وصله في تقرير مديرية الخزينة في وزارة المالية بنتيجة التدقيق الداخلي في موضوع أزمة الطوابع المالية، والذي أظهر أن معظم المرخّصين لم يلتزموا ببيع الطوابع المالية بالسعر الرسمي، بل تم بيعها بأضعاف ثمنها المحدد، الأمر الذي نتج عنه أن حقق المرخصون أرباحاً هائلة، بحيث بلغت حوالي 20 مليون دولار في السنة بمقابل مردود سنوي للدولة بلغ حوالي 1.8 مليون دولار فقط في السنة.
وكشف التقرير أيضاً عن رخص لبيع الطوابع لا تستوفي الشروط القانونية، ممّا يوجب على النيابة العامة المالية التحرّك فوراً لملاحقة من جنى الأرباح على حساب الخزينة ومن سلك طرقاً غير قانونية وانغمس في لعبة بيع الطوابع في السوق السوداء وهدر الملايين على الدولة.
وأوصى التقرير بضرورة وقف الوكالات الممنوحة لبعض الأشخاص والمؤسسات كافة، كما وفق الرخص الممنوحة ففي هذا الإطار.
كما أوصى التقرير بملاحقة المرخصين المخالفين جزائياً، حيث كان عدد من هؤلاء المرخصين من قبل الوزراة يتسلمون الطوابع ويقومون بعدها باحتكارها وبيعها في السوق السوداء
كما أوصى التقرير بإحالة الموظفين المخالفين على القضاء وتوقيفهم عن العمل.
أما في موضوع الإتفاق الرضائي مع الجيش التي كانت مطبعته تقوم بطباعة أكثر من 50 مليون طابع من فئات عدّة, حيث أنجزت 30 مليون طابع حتى الآن، فقد أوصى المجلس بإنهاء الإتفاق لجهة طبع ما تبقّى وخلال مهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
وطلب المجلس في توصياته بضرورة البدء فوراً بتطبيق النموذج ص14 مع تنظيم نماذج تودع المؤسسات، وكان هذا النموذج بدأ بالتطبيق في بعض الدوائر وعمم على شركات تحويل الأموال بما يمكن المواطن من دفع رسم الطابع في الفترة الماضية واتخذ هذا الإجراء في مواجهة الإحتكار لموضوع الطوابع إلا أن بعض الدوائر الرسمية لم تلتزم به.
كما طلب باسترداد جميع آلات الوسم وصيانتها ووضعها في الخدمة بمهلة لا تتجاوز الشهر.
وأوصى التقرير باستيفاء نقدي للطوابع التي تتجاوز قيمتها الـ500000 ليرة لبنانية.