“ليبانون ديبايت’
لم تظهر بعد أي مفاعيل، على الأقل علنية، للإجتماعات التي شهدتها الدوحة والتي كانت مركزاً للنقاش بين المسؤولين القطريين وقيادات لبنانية زارت قطر أخيراً وقيادات تنتظر زيارتها وأخرى اعتذرت عن ذلك. وعلى الرغم من واقع التكتم الذي أحاط بلقاءات الدوحة، فإن أستاذ القانون والسياسات الخارجية في باريس والمحلل الدكتور محيي الدين شحيمي يكشف عن ترابط ما بين اجتماعات الدوحة وحراك سفراء “الخماسية” في بيروت، مشيراً إلى اجتماعات مماثلة ستعقد قريباً وذلك تحت عنوان استكمال المبادرة التي قام بها السفراء الخمسة والتي حمل بيانهم الأخير مراحلها وأهدافها.
ويقول المحلل شحيمي في حديثس لطليبانون ديبايت” إن السفراء الخمسة اليوم يعملون بشكل مختلف من أجل مقاربة الملف الرئاسي، حيث أنهم لا يكتفون بالإتصالات والجولات على الأطراف السياسية والحزبية المعنية باستحقاق رئاسة الجمهورية، بل ينشطون من أجل تسريع إنجاز هذا الإستحقاق.
وعن أفق حراكهم الأخير والذي لم يتضح حتى الساعة، يؤكد شحيمي، أن لبنان ما زال حاجةً وأولويةً على المستوى الإقليمي والدولي، ولذلك فإن الحفاظ على النظام الحالي للدولة اللبنانية هو ضرورة باعتراف الجميع، ولذلك تتم دعوة القيادات اللبنانية على اختلاف انتماءاتها، من أجل عرض الموقف الداخلي بكل تفاصيله.
وإنما في المقابل، يتحدث شحيمي عن وجود أصوات وأطراف لبنانية، تعمل في الإتجاه المعاكس لعمل “الخماسية” وتشن هجوماً مضاداً عليها، لسبب واضح وهو أن مفهوم عملها لا يفيد هذه الأطراف سياسياً ولا يتلاءم ولايلتقي مع تطلعاتها اللبنانية وكذلك الإقليمية.
وفي تفاصيل هذه “الموجة المعاكسة”، يشير شحيمي وبالدرجة الأولى، إلى الشائعات التي تهدف إلى تضليل اللبنانيين، حول وجود خلافات وتباينات في الآراء بين السفراء، بينما في الواقع، فإن الإنسجام تام بين أعضائها اليوم أكثر من كل الأوقات السابقة، علماً أن هذا كله يأتي من أجل كسب الوقت فقط بانتظار التطورات الإقليمية.
أمّا بالدرجة الثانية، يضيف شحيمي، فإن المهمّ يتمثل في التركيز على المهل الزمنية، موضحاً أن ما من مهلة زمنية لحراك السفراء الذي لن يتوقف، وإن كان عامل الوقت بالغ الأهمية، حيث أنه كان من المفروض انتخاب رئيس الجمهورية منذ أكثر من سنة، بينما هذه هي مهمة “الخماسية” والتي تضمّ “أصدقاء لبنان” الحريصين عليه، كما هي مهمة القوى الداخلية بأن تعمل من أجل الحفاظ على الدولة والمؤسسات، لا سيّما وأن لبنان لم يعد يملك ترف الوقت، لأنه يعاني منذ 4 سنوات من أزمة وجودية سياسية واقتصادية ومالية، وخصوصاً ديموغرافية لأن 33 بالمئة من الموجودين فيه هم من غير اللبنانيين.
وبالإضافة إلى ما تقدم، يشدد شحيمي على أن السفراء يركزون على وجوب الإسراع في انتخاب الرئيس من دون مهلة ملزمة للبنانيين، ذلك أن لبنان مجاور لحرب إبادة في غزة من قبل الإحتلال الإسرائيلي، ولذلك لا بديل عن التسوية في لبنان، الذي بات عبارة عن أزمات وتسويات متعاقبة.
وحول حظوظ نجاح السفراء في تحركاتهم، لا ينكر شحيمي أنهم يتحركون وفق إيقاع طبيعي مناسب شكلياً للمرحلة، وهذا أفضل من غياب أي اتصالات لأن غياب الإتصالات سيؤسس لانشطار عامودي على الساحة الداخلية، وبالتالي، ورغم أن هذا الحراك قد لا يؤدي إلى نتيجة إلاّ أنه بالتأكيد ليس مضيعة للوقت وهو أفضل من الجمود.