أدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء بند إقرار المرسوم التطبيقي للمادّة 91 من القانون رقم 17 (تنظيم قوى الأمن الداخلي الصادر عام 1990). هذا البند غير المفعّل منذ 34 عاماً، ضمن سياق التقصير المُعتاد في مؤسّسات الدولة، يتيح استبقاء ضبّاط اختصاصيين في الخدمة الفعليّة لمدّة سنتين كحدّ أقصى، وهو ما يعني تمديد سنوات الخدمة “تأميناً للمصلحة العامّة”، كما ورد في الأسباب الموجبة للمرسوم.
لا يمكن بالتأكيد مُعايرة أيّ ضابط يستفيد من نصّ هذه المادة بعد إقرار مرسومها التطبيقي في ظلّ دولة تعمل كلّ مفاصلها الأساسية بالوكالة أو بالتمديد من سياسيين وقضاة وأمنيّين وعسكريين ومديرين عامّين. لا رئيس جمهورية، لا حكومة أصيلة، لا تعيينات، وفوضى ماليّة مستمرّة. بالتالي يمكن توقّع المزيد من جولات “الترقيع”. والأهمّ أنّ تقصيراً يُسجّل لناحية عدم إصدار الحكومات المتعاقبة المراسيم التطبيقية لعشرات القوانين.
أوّل المستفيدين من المرسوم، كما تفيد معطيات “أساس”، هو رئيس شعبة الشؤون الإدارية في أمن الدولة العميد عامر الميس (موقع سنّي) الذي يحال إلى التقاعد في 1 حزيران المقبل وليس من ضابط يَخلفه باختصاصه ورتبته. وفي حال تمّ تكليف ضابط آخر أدنى رتبة سيؤدّي ذلك إلى تطيير عدد كبير من الضبّاط.
كما أنّ نائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير الذي يُحال إلى التقاعد في آب المقبل سيكون من ضمن المشمولين بالقانون عبر احتمال استبقائه في الخدمة لمدّة سنتين.
مركز نائب المدير العام لأمن الدولة إذا شَغر لا يستطيع أن يَشغَله الضابط الأعلى رتبة لأنّ مجلس القيادة في أمن الدولة مؤلّف فقط من المدير العامّ ونائبه، وأيّ ضابط غير معيّن بمرسوم بالأصالة أو ممدّد له في مجلس القيادة، لا يستطيع أن يمهر توقيعه على القرارات الصادرة عن المديرية، وعندها تنتقل كلّ الصلاحيّات إلى المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا.
هنا يبرز توجّه لدى الثنائي الشيعي بإبقاء العميد شقير في موقعه بالنظر أوّلاً إلى صعوبة إقرار تعيينات بالأصالة في مجلس الوزراء، ولأنّ “الخارطة” الأمنيّة حالياً لا تلحظ وجود ضابط محسوب على الطائفة الشيعية في موقع أمنيّ مُقرّر ويُشارك في اجتماعات مجلس الأمن المركزي سوى العميد شقير الذي أوكلت له منذ تعيينه إدارة ملفّات عدّة بعضها ذات طابع إقليمي.
تركيبة مجلس الأمن المركزيّ
كما أنّ تركيبة مجلس الأمن المركزي الحالية، وفق مطّلعين، تفرض إيقاع التمديد لنائب مدير أمن الدولة. إذ إنّ وزير الداخلية والمدير العام لقوى الأمن الداخلي ومدّعي عام التمييز وأمين سرّ المجلس المركزي والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع ورئيس شعبة المعلومات سُنّة، فيما قائد الجيش ومدير المخابرات والمدير العام للأمن العام بالوكالة والمدير العام لأمن الدولة ومحافظ بيروت ورئيس مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام ورئيس شعبة الخدمة والعمليات في قوى الأمن الداخلي مسيحيون.
يبدو أنّ الثنائي يتعاطى مع هذا التمديد بوصفه موازياً للتمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي والمدير العام لأمن الدولة، وعلى خلفية وجود ضابط مسيحي اليوم على رأس المديرية العامّة للأمن العام.
أمّا في قوى الأمن الداخلي فيجري الحديث عن سعي سنّيّ يتقدّمه الرئيس ميقاتي واللواء عثمان لإبقاء رئيس شعبة الشؤون الإدارية العميد عصام طقوش الذي يُحال إلى التقاعد في أيلول المقبل في موقعه. لاحقاً، في حال استمرار الفراغ الرئاسي قد يُفتح الباب أمام التمديد لمزيد من الضبّاط، تحت عنوان الاختصاص، عبر استبقائهم في الخدمة الفعليّة.
دوزنة أمنيّة
بالتأكيد، سيفتح المرسوم التطبيقي للمادة 91 من القانون رقم 17 “الشهيّة” لدى بعض السياسيين للتمديد للعديد من الضبّاط، خصوصاً أنّ المادّة نفسها تنطبق على عشرات الضبّاط الذين قد تكون هناك “مصلحة عامّة” بإبقائهم في مواقعهم، ولأنّ الأمر لا يحتاج عندها إلّا إلى رفع اقتراح من المدير العام وموافقة وزير الوصاية.
لكنّ “الدوزنة”، وفق مطّلعين، ستحكم الاستفادة من هذه المادة كي لا تتحوّل إلى مطلب أمني إرضاءً لسياسيين وضبّاط، خصوصاً أنّ هذه المادّة نُبِشَت من قانون يعود عمره إلى 34 عاماً، ويرى البعض أنّها ستُنشِئ غبناً لدى ضبّاط مستحقّين للاستفادة منها لكن تنقصهم “الرعاية” السياسية والأمنيّة للتمديد لهم. والأهمّ أنّ معايير الاختصاص منصوص عنها في المادة 90 من القانون ويُفترض أن لا تخضع للاستنسابية.
يُذكر أنّ كلّ الأجهزة الأمنيّة تستفيد من القانون باستثناء الجيش الذي يخضع لقانون الدفاع وليس القانون رقم 17.
الأسباب الموجبة
يشير المرسوم في أسبابه الموجبة إلى أنّ “المصلحة العامّة تستدعي استبقاء بعض الضبّاط والرتباء والأفراد بعد إحالتهم إلى التقاعد للإفادة من خدماتهم المتخصّصة في الحقل الذي يعملون فيه. وقد تمّ إعداد المرسوم الذي يحدّد شروط وقواعد الاستبقاء للتمكّن من تطبيق النصوص القانونية ذات الصلة”.
إصرار على صيغة المرسوم
يؤكّد مصدر مطّلع لـ “أساس” أنّ الساعين إلى مرسوم التمديد اقترحوا بداية إصدار قرار وزاري من دون مرسوم استناداً إلى قرار سابق لمجلس الشورى يفيد بأنّ الحكومة في حال لم تستطع إصدار المراسيم التطبيقية من أجل تنفيذ القوانين عندها يعتبر القانون نافذاً بأيّ طريقة من الطرق. لكنّ الأمانة العامّة لمجلس الوزراء أصرّت على ضرورة صدور مرسوم وفق الآلية القانونية، وهذا ما حصل.
ملاك عقيل – اساس ميديا