“ليبانون ديبايت”
متأخراً خمسة أشهر عن موعده، يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وسط “معلومات شحيحة” عن هذه الزيارة رغم الكمّ الكبير من التحليلات والتكهّنات. وبرأي الكاتب والمحلِّل السياسي جورج شاهين، فإن ما من معطيات جديدة حتى هذه اللحظة حول عودة لودريان إلى بيروت في زيارته السادسة، وذلك لجهة ما جنته جولاته بين واشنطن والرياض والقاهرة والدوحة خلال الشهرين الماضيين.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يقول المحلِّل شاهين، إنه بالإستناد إلى المعطيات التي يمكن أن يحملها قياساً على ما انتهت عليه أعمال لجنة سفراء الخماسية في بيروت، لا يمكن تحديد الخيار الذي سيطرحه، خصوصاً وأن الدعوة إلى القادة اللبنانيين لعقد طاولة حوار أو تشاور في باريس بدلاً من ساحة النجمة، قد سقطت بالضربة القاضية نتيجة موقف الرئيس نبيه بري في الساعات القليلة الماضية، إذ أنه وجّه ما يشبه الرسالة المسبقة، لكي يعدل لودريان عن هذا الخيار إذا كان يحمل خياراً من هذا النوع يتلبّس “غطاء الخماسية” العربية والدولية.
ورداً على سؤال حول الربط بين مهمة لودريان وما يمكن أن تأتي به القمة الفرنسية – الأميركية في السادس من حزيران المقبل، يؤكد شاهين، أن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن هذا الموضوع، وإن كان لودريان يحضّر ورقة من مجموعة الأوراق الفرنسية التي يمكن أن تطرح على طاولة هذه القمة، معرباً عن الإعتقاد بأن لودريان لا يملك المعطيات الكافية، ذلك أن الجانب الأميركي معنيّ بهذا الملف وإذا كان هذا الموضوع على جدول أعمال القمة، فإن الموقف الأميركي مختلف تماماً عن الموقف الفرنسي، والسعي الفرنسي إلى فكّ الإرتباط بين ما يجري في قطاع غزة والمنطقة وجنوب لبنان، لم تشاركه واشنطن، والدليل في ارتياح “الثنائي الشيعي” للطرح الأميركي إلى إمكان عقد صفقة مباشرة مع الجانب الأميركي، وهو ما يؤدي إلى تهميش باقي الأدوار الأربعة في مجموعة “الخماسية”.
وعن حظوظ نجاح مهمة لودريان، يجزم شاهين بأن الموفد الرئاسي “أصيب بسلسلة نكسات كبيرة، إن عدّدنا المهمات التي بدأها منذ تموز 2020 ولا ننسى أنه زار بيروت حاملاً مجموعة النصائح عن الإصلاحات الإدارية والمالية، وكنا نعيش تداعيات 17 تشرين والأزمة المالية والنقدية التي تسبّبت بها المصارف عندما أقفلت أبوابها ونقل أركانها حساباتهم إلى الخارج، قبل أن يأتي تفجير مرفأ بيروت بعد أيام قليلة على زيارته، والتي استجرّت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد يومين على التفجير، وإن تناولنا الجولات الأخرى للودريان في بيروت، كانت متفاوتة وبُني الكثير عليها ولم يسجل أي انتصار في أي ملف”.
وحول العاصمة التي تمتلك اليوم كلمة سرّ الحل في لبنان، وما إذا كانت باريس أو واشنطن، يجيب شاهين، بأن “هذا السؤال يحتمل الكثير من المعطيات الجديدة، كلنا ندرك أن العاصمة الفرنسية تشهد منذ يوم الجمعة وأمس السبت، حركةً ديبلوماسية لافتة غير مسبوقة، وكلنا نعرف أن وزراء اللجنة الوزارية العربية الخماسية التي شكّلتها قمة الرياض العربية – الإسلامية الإستثنائية، والتي تضم وزراء خارجية السعودية، مصر، الأردن، المغرب والإمارات العربية المتحدة الذين هم في باريس، المهتمة بالوضع في غزة”.
وبالتالي، يتابع شاهين أنه، وفي حال وُجد أي بند خاص بلبنان، فأنه سيكون مجرّد “ورقة صغيرة” في هذا الملف الكبير، ذلك أن القناعة بدأت تترسّخ يومياً بأنه لن يكون بقدرة أحد مواجهة “الثنائي الشيعي” الذي ربط أحداث الجنوب والإستحقاق الرئاسي بما يجري في غزة، مع مخاوف جدية بأن ملف غزة قد يكون طويل المدى، حيث ليس هناك أي بارقة أمل تتصل بما يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات الجارية بين باريس والقاهرة والدوحة وواشنطن وتل أبيب.
ومن هنا، يرى شاهين أنه لا يمكن تجاهل وجود مديرَي المخابرات الإسرائيلي والأميركي إلى جانب زميلهم الفرنسي في باريس، وهو أمر قد يحيي ما سمّيناه سابقاً “اللجنة الإستخبارية الثلاثية”، التي عقدت أكثر من اجتماع في باريس، لكن النظر إلى حصيلتها وقياساً على حجم المبادرات الأميركية وغيرها، القطرية المصرية والسعودية، فإن لقاء باريس ضاع بين هذه الإجتماعات ولم ينتج أي حل في ظل الصراع الذي ما زال قائماً بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية من جهة، والمواجهة المفتوحة مع محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت سلسلة قرارات بحق نتانياهو وحكومته، ولو شملت بعض قادة حركة “حماس”، وإن كان معلوماً أن ذلك سيبقى من باب التداعيات المعنوية، ذلك أن المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية لا تمتلك القوة القادرة لتنفيذ هذه القرارات التي ُتحفظ في درج المواثيق والقرارات الإنسانية التي تخاطب الرأي العام بطريقة إنسانية وإجتماعية وليس لها أي قدرة لمواجهة العقل الإسرائيلي.