نتنياهو ونص ر الله يتبادلان التوعّد بـ… المفاجآت

على وقع التوعُّد المتبادَل بـ «المفاجآتِ في الميدان» بين إسرائيل و«حزب الله»، يطلّ الأسبوع اللبناني الطالع على مشهدٍ سيتقاسمه الواقعُ العسكري على جبهة الجنوب و«الموصول بإحكامٍ» مع حرب غزة، كما الديناميةُ المستعادة في ما خص الأزمة الرئاسية والتي ستعبّر عنها عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان إلى لبنان، وبينهما قضية النزوح السوري التي تَحضر غداً في مؤتمر بروكسيل على وقع رفْعها في بيروت إلى مصاف «القنبلة الموقوتة».

ورغم محاذرةِ أوساط سياسية لبنانية إعطاء أي توقّعات حيال أفق المَهمة التي سيستأنفها لودريان في محاولةٍ لكسْر المأزق الرئاسي وصولاً لاستكشافِ إمكان استضافة باريس لقاء لبنانياً – لبنانياً على طريقة «الدوحة 2008» يكون بدَلاً عن ضائع اسمه «حوار الطرشان» المحلي حول «ممر التشاور» وشروطه وآلياته و«مفاتيحه»، فإن دوائر متابعةً تتوقّف عند توقيت عودة الموفد الشخصي للرئيس ايمانويل ماكرون بالتزامن مع ارتسامِ دورٍ متقّدم لفرنسا على صعيد ملفات المنطقة خصوصاً حرب غزة ومفاوضات تَبادُل الأسرى ووقف النار وصولاً لـ «اليوم التالي» في القطاع والذي بات متلازماً مع المسار السياسي للقضية الفلسطينية على قاعدة «حل الدولتين».

ومن خلف «تَفاجؤ» البيت الأبيض بإعلان إسرائيل استئنافَ المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» الأسبوع الطالع، علماً أن أرضية هذا التطوّر ساهم في التحضير لها مدير «سي آي إيه» وليامز بيرنز في لقائه كلاً من مدير «الموساد» ديفيد برنياع ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن في باريس، فإنّ هذا الاختراق – وإن كان من المبكّر التكهن بأفقه وهل بات فعلاً لدى تل أبيب استعداد لوقف نارٍ دائم في غزة – تَرافَقَ مع تحوّل الاليزيه محورَ حركة إقليمية – دولية بارزة عبّر عنها لقاء ماكرون بوزراء خارجية قطر والسعودية ومصر والأردن (مساء الجمعة) حيث تم بحث الوضع في القطاع وتحقيق «حل (قيام) الدولتين».

وهذا اللقاء الذي جاء أيضاً على وهْج القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية ضدّ إسرائيل طالباً وقف عملياتها العسكرية في رفح، وهو القرار الذي انطبع بـ «بصمةٍ لبنانية» جديدة حيث يترأس هذه المحكمة القاضي اللبناني نواف سلام، سبقه تَشاوُرٌ هاتفي (الاربعاء) بين الرئيس الفرنسي وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، وسط استعداداتٍ لقمة الرئيس الأميركي جو بايدن وماكرون في باريس بعد 11 يوماً، في الوقت الذي صار جلياً ارتباط لبنان بكل هذا الحِراك، سواء بطريقة غير مباشرة في ضوء «التلازُم» غير القابل للفكاك بين جبهة الجنوب وغزة، بإصرارٍ من «حزب الله»، أو بطريقة مباشرة حيث أن الملف اللبناني حضر في اتصال المستوى الأعلى الفرنسي – السعودي وسيكون على طاولة اجتماع سيّديْ الاليزيه والبيت الأبيض.

وكان بارزاً في بيان الرئاسة الفرنسية عن الاتصال مع وليّ العهد السعودي، والذي تم بمبادرة من ماكرون، أنه تَضَمَّنَ إشارةً الى ان البحث تناول «جهودهما للمساهمة في خفض التصعيد في المنطقة، لا سيما في ما يتعلق بنفوذ إيران المزعزع للاستقرار» وأن ماكرون ومحمد بن سلمان «اتّفقا على مواصلة جهودهما للعمل من أجل خفض التصعيد بين إسرائيل ولبنان، وفق القرار 1701 وتمسكهما التاريخي بأمن لبنان واستقراره»، كما شددا على «ضرورة خروج لبنان من أزمته المؤسساتية عبر انتخاب رئيس للجمهورية قادر على قيادة البلاد على طريق الإصلاحات التي لا مفرّ منها، وأعربا عن تصميمهما على مواصلة جهودهما في هذا الاتجاه مع شركائهما».

لودريان

ومجمل هذا الحِراك الاقليمي – الدولي متعدد الاتجاه يجعل الأنظار شاخصةً على لقاءات لودريان الذي يصل الى بيروت بعد غد، وعلى جدول أعماله اجتماعات على مدى يومين مع رئيسيْ البرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ومختلف القادة اللبنانيين، منطلقاً من «خريطة الطريق» التي رَسَمَتْها «مجموعة الخمس» حول لبنان في بيانها الأخير والتي حملت بين سطورها دعوة للذهاب الى «خيار ثالث» أي رئيس من خارج الاصطفافات (غير سليمان فرنجية مرشح «حزب الله» وبري، ومرشح المعارضة والتيار الوطني الحر جهاد أزعور) وذلك بعد تشاوُر محدود زمنياً بين الأطراف اللبنانية يُفضي إلى «تحديد مرشّح متفَق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان، مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد».

وإذ يسود انطباعٌ في بيروت بأن أي انفراجٍ في ما خص غزة سينعكس ايجاباً على جبهة الجنوب كما الملف الرئاسي كون الأخيران صارا مترابطيْن مع الحرب في القطاع، وهو ما من شأنه أن يجعل مهمة لودريان هذه المرة أكثر قابلية لتحقيق اختراقٍ سيحضّ الفرنسيون على أن يحصل قبل بداية الصيف الذي لوّحت تل أبيب بأنه سيكون «ساخناً» مع لبنان وتَلافياً لأن «تُرحّل» هذه الأزمة لِما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن أوساطاً مطلعة بقيت على حذر كبير بإزاء أي قفز لاستنتاجاتٍ على المسار الرئاسي اللبناني كما المتعلّق بأفق جبهة الجنوب.

ووفق هذه الأوساط، فإن استشرافَ مآلات الحرب المحدودة جنوباً صعبٌ في ضوء عدم إمكان الجزم بما إذا كانت تل أبيب ستجعل أي هدنة في غزة، بحال وُلدت هذه المرة، تَسْري تلقائياً على الجبهة مع «حزب الله» أم أن تصعيداً ما قد يشكل «ممر النار» الإلزامي لوضع المسار السياسي الذي أرسا ركائزه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين على سكة التنفيذ استناداً إلى نسخة «معدّلة» من القرار 1701 – كما تم تطبيقه منذ 2006 – تراعي ما ظهّرتْه المواجهات منذ 8 أكتوبر الماضي من الحاجة الى ترتيبات أمنية أو ضماناتٍ على مقلبي الحدود.

بري و«الخماسية»

أما على الجبهة الرئاسية، فتشير هذه الأوساط إلى أنه لم يكن عابراً أن يعاجل بري «الخماسية» كما بيانها الذي تضمّن مهلة حض على إنجاز الاستحقاق بحلول نهاية مايو، وهي المهلة التي تأتي على حافتها مهمة لودريان، بمواقف ناسفة للبيان وإطار الحل الذي رسمه (لاقت مرتكزاته موقف المعارضة) وإن بصيغة «عدم الارتياح».

فقد أكد بري، بحسب صحيفة «الأخبار»، أن «مفهومي للحوار او التشاور يعرفه السفراء الخمسة، وسمعوه مني اكثر من مرة. مفاده شكراً لكم لجهودكم وتعاونكم ومؤازرتكم، شرط ان تعينوننا على ما نحن نريده ونختاره لا على ما انتم تختارونه لنا».

وإذ كرر الثبات على شكل «حوار الطاولة الواحدة» الذي ينخرط فيه الجميع، وأن «لا جلسة انتخاب للرئيس قبل التوافق على الاستحقاق الرئاسي والمرشح»، ومع «تأكيد المرجعية المزدوجة لمجلس النواب في الدعوة الى الحوار كما إدارة جلسة الانتخاب»، شدد على التمسك بترشيح فرنجية، رافضاً ما طرحته «الخماسية» لجهة جلسة انتخابية رئاسية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب الرئيس ومتشبثاً بجلسات مفتوحة بدورات متتالية في كل منها (يُقفل محضر كل جلسة في ختامها)، ومع عدم ذكر أي موقف من تطيير نصاب الجلسات الذي يبقى عائقاً حقيقياً أمام استيلاد حل.

مؤتمر بروكسيل

وفي انتظار لودريان ستشهد بروكسيل حيث ينعقد غداً المؤتمر الخاص بأزمة النازحين السوريين تحركاتٍ شعبيةً أمام مقر المؤتمر أبرزها سيقوده حزب «القوات اللبنانية» لاسماع صوت الاعتراض اللبناني على سياسات تمويل بقاء النازحين في لبنان عوض دعم عودتهم إلى المناطق الآمنة في بلدهم، بالتوازي مع موقف رسمي سيعّبر عنه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بالتحذير من تداعيات وجود مليونين و80 ألف مواطن سوري في «بلاد الأرز» أي «ما يزيد على نصف عدد المواطنين المقيمين» ومن «دمج النازحين في النسيج الوطني لأن نتيجته الحتمية ستكون تذويب الأقلِّية اللبنانية»، مع دعوة للمجتمع الدولي «لمتابعة تقديم المساعدات للعائدين داخل سورية لفترةٍ من الزمن».

جبهة الجنوب

ولم تحجب كل هذه الملفات الأنظار عن جبهة الجنوب التي بقيت على اشتعالها غارات وقصفاً «حارقاً» من إسرائيل لبلدات الخط الأمامي، وصولاً لتكرار استهداف «حزب الله» في منطقة القصير السورية حيث أغارت مسيّرة على سيارتين للحزب (تردد أن إحداهما شاحنة) ما أدى إلى سقوط 3 أشخاص أفيد بأن إثنين منهما من عناصره.

وفي المقابل مضى «حزب الله» في استهدافاته النوعية ضدّ تجمعات ومواقع عسكرية إسرائيلية، وصولاً لِما كشفته صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أضرار جسيمة لحقت بمبانٍ عدة في مُستوطنة دوفوف نتيجة الصواريخ التي أطلقها الحزب مساء الجمعة و«أنَّ الصواريخ طالت أيضاً كنيساً يهودياً في المستوطنة ما أدى إلى تضرره».

وجاء هذا الاحتدام، غداة توعُّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته القيادة الشمالية على الحدود مع لبنان أن لدى بلاده «خططاً مفصلة ومهمة، وحتى مفاجئة للتعامل مع (حزب الله) وإعادة الأمن للشمال وإعادة السكان سالمين إلى منازلهم».

ولم يتأخّر ردّ «حزب الله» بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي توجّه للإسرائيليين في إطلالته عصر الجمعة أن «خداعكم لا ينطلي علينا» وأن حزب الله «درس كل السيناريوهات التي يمكن أن ينتهجها العدو»، متوعّداً «على العدوّ أن ينتظر من مقاومتنا المفاجآت، وأنا لا أبالغ في ذلك».

Exit mobile version