“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
بدأ في المديرية العامة للأمن العام بطلب من المدير العام بالإنابة اللواء الياس البيسري تحقيق داخلي واسع، لمعرفة ما إذا كان هناك من “شبكة غير قانونية” تنشط في مجال إصدار وبيع جوزات سفر تم التلاعب في بياناتها لمصلحة مطلوبين. وعلم “ليبانون ديبايت” من مصدر قضائي موثوق، أن التحقيق يجري بإشراف القضاء المختص.
تفاصيل القضية بدأت مع إلقاء وحدة من “القوة الخاصة” التابعة للمديرية العامة لأمن الدولة، القبض على تاجر مخدرات كبير فلسطيني الجنسية يدعى “نور مصرية” مطلوب بموجب 58 مذكرة قضائية، وذلك من خلال عملية نوعية نفذت عند أحد مفترقات عاريا قبل أيام، حيث كان المذكور في طريقه إلى سوريا على متن سيارة ترافقه عائلته المكوّنة من زوجته وإبنته. وتبيّن أن رقيباً في قوى الأمن الداخلي يدعى شـ.الأحمر هو من يقودها، وأنه يعمل لدى المطلوب بصفة سائق! وقد أوقف مصرية والرتيب في قوى الأمن، في حين باشرت الأخيرة تحقيقاتها.
ويعد مصرية من بين المتورطين الكبار في ما بات يعرف بقضية “هنغار شاتيلا” الكائن عند أطراف مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين عند حي فرحات تحديداً، وهو “الهنغار” الذي داهمته قوة من الجيش قبل حوالي أسبوعين وقامت بهدمه وتوقيف عشرات المطلوبين فيه،ومصادرة كميات كبيرة من المواد المحظورة والمخدِّرة، سبقه نجاح “أمن الدولة” بتوقيف أحد المسؤولين عن “الهنغار” الذي تحوّل إلى “ترند”، يدعى أحمد أبو عكر، فلسطيني، صدرت بحقه حوالي 45 مذكرة توقيف. وقضية مداهمة “الهنغار” وتدميره تمثل عملياً ذروة التنسيق الأمني بين مجموعة من الأجهزة، وهو عبارة عن مجمّع كبير للمواد المخدّرة أشبه بـ”مركز تسوّق” يشكل مصدراً أساسياً لتوزيع المواد المخدّرة على التجار والمروّجين ضمن بيروت والضاحية ومناطق جبل لبنان. ويصنّف مصرية من ضمن المسؤولين عن هذا “الهنغار” مباشرة، وسبق أن حاول مع آخرين إعادة ترميمه وتشييده لمعاودة نشاطه كما السابق، لكن الإصرار الأمني على تدميره وملاحقة المسؤولين عنه حال دون ذلك.
يؤكد مصدر قضائي لـ”ليبانون ديبايت”، أن ما فتح الباب أمام بدء الأمن العام تحقيقات حول التلاعب بجوزات السفر، العثور في حوزة “مصرية” على جواز سفر لبناني يحمل صورته ويعود تاريخ إصداره إلى شهر 12 من العام 2023 وسط خشية من احتمال أن تكون هناك نسخ لجوازات صحيحة صدرت حديثاً في حوزة مطلوبين كبار للقضاء بموجب مذكرات عدلية.
اللافت أن الجواز تضمن بيانات قيد تعود لمواطن لبناني من بلدة شعت في البقاع الشمالي. وبعد التدقيق بها تبيّن صحتها وأنها تعود فعلاً إلى المواطن، وهو على قيد الحياة،لكنه لم يقم بإصدار أي جواز سفر في السابق، ما يفهم أن جواز السفر صحيح، لكن شخصاً آخراً استفاد منه.
ومن البديهي، أن المهتم عادة بالحصول على جواز سفر، عليه تقديم طلب ملء استمارة خاصة بجوزات السفر صادرة عن وزارة الداخلية، ومتوفرة عند مختار المحلة الذي يقوم بتدوين بيانات القيد ومعلومات السكن وسبب التقدم للحصول على جواز سفر والمدة المطلوبة وتاريخ تقديمه والتصديق وختم الصور الفوتوغرافية العائدة للمتقدِّم بعد التأكد من أنها تعود إليه، ومن ثم ختم وتوقيع الطلب بعد أن يرفقها بإفادة سكن. في المرحلة الثانية يتوجب على مقدِّم الطلب التوجّه إلى مركز الأمن العام وتقديمه واستكمال الإجراءات التي تتضمّن مسح البصمات والتقاط صورة إلكترونية لتختتم بتوقيع الأوراق ومن ثم السماح بإصدار نسخة. التركيز الآن يجري حول معرفة مدى احتمال أن يكون مختار بلدة شعت قد قام سواء بجهل أو بسوء نية بإسقاط البيانات ضمن الطلب وعلى صورة فوتوغرافية تعود لشخص آخر، وما إذا كان صاحب العلاقة الأساسي قد توجّه إلى تقديم الطلب شخصياً، أم أن شخصاً آخراً حضر بدلاً عنه، ما يوجب أن يتمّ استدعاء كلا الطرفين أي المختار وصاحب العلاقة الأساسي إلى التحقيق.
الأمر الثاني الذي يدفع صوب ضرورة التوسّع في التحقيقات داخل الأمن العام، يعود إلى محاولة الإجابة على سؤال بديهي: هل ثمة “شبكة” تقوم بتسهيل عمليات الدخول إلى مراكز الأمن العام من قبل أشخاص هم غير المتقدمين الحقيقيين بطلبات حصول على جواز سفر، وذلك بهدف توفير جوازات لمصلحة مطلوبين لقاء مبالغ مالية كبيرة بشيء يشبه ما كان يحصل من حِيَل، عند خضوع الطلاب للإمتحانات الرسمية، وأنها تتولى عملية تعديل البيانات بحيث تتلاءم وطبيعة الشخص المُراد منحه جوازالسفر؟
هذا السؤال سيفرض على قيادة الأمن العام في حال أرادت الوصول إلى نتائج البدء بورشة تدقيق في جوازات السفر التي مُنِحت خلال الفترة الماضية، والتدقيق في ما إذا كان مطلوبون آخرون قد استفادوا بالطريقة نفسها، وتمكنوا من الإستحصال على جوزات سفر صحيحة لكن بأسماء أخرى، خصوصاً وأن ثمة أحاديث بدأ تناقلها وتشير إلى ما تتقاضاه الشبكة لقاء إصدار جواز سفر “آمن” يفوق الـ30 ألف دولاراً أميركياً.