لا تزال قضية “عصابة اغتصاب الأطفال” على تيك توك تشغل الرأي العام اللبناني منذ نحو 3 أسابيع تقريبا، وكانت هذه الجماعة اقترفت سلسلة جرائم بشعة ضد أطفال، فتحرشت بقاصرين ومراهقين واستغلتهم وأجبرتهم على تعاطي المخدرات. وبغض النظر عما إذا كانت هذه القضية تحرش وليست اغتصابا، فقد بدأت هذه الأفعال الشائنة والخطرة تداهم المجتمع على حين غرّة وبتنا نسمع بشكل شبه يومي عن حالات مماثلة سواء في المدارس الرسمية والخاصة أو حتى في الجمعيات الرعائية.
الاستقصاء ملوّن!
في موازاة ذلك، أكد مصدر متابع لسير التحقيق عن كثب لـ “الديار” “ان هذا الملف يحمل الكثير من علامات الاستفهام، فالأشخاص الذين كانوا في موقع الادعاء أصبحوا مدّعى عليهم، والشهود هم من جماعة ح. س. المطلوب الرئيسي في هذه الشكوى”.
أضاف، لقد نال الظلم من هؤلاء القصر والاعلام ناقش هذه القضية بطريقة غير إنسانية وبعيدة كل البعد عن الشفافية والموضوعية المهنية. وكان من الاجدى لو بقي التحقيق سريا في مكتب جرائم المعلوماتية، الا ان الحُكم صدر مسبقا وبتلاوة علنية عبر قنوات تلفزيونية مرموقة، وتناولته مواقع التواصل الاجتماعي باسهاب وابتذال مستخدمة معلومات مغلوطة، وما بني على باطل فهو باطل. لان شهادة المدعو ح. س واتباعه “ملغومة والتحقيق لم يراع حقوق انسان او حماية احداث”.
الملف “بالون منفوخ”
وأوضح “ان الملف حرج وهناك تطورات متسارعة تحصل يوميا، وعدم تحديد جلسة حتى الساعة يعقد المسار الصحيح لهذه القضية، لان القضاء يعمل وفقا للقانون لا على أساس تركيب “حنفيات” على سياق الاستجوابات التي تجري داخل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية. فالمسؤولون الكبار في هذه التهمة فرّوا أو بمعنى اصح تم تهريبهم الى خارج لبنان وبقي الصغار المظلومون بعدما أمسوا جناة، لكن صفة الاجرام لم تثبت على أي متهم من القصر”.
وأشار المصدر الى “ان وضع القاصر س. أ خطر جدا ويعامل بأسلوب مجرد من الإنسانية اذ اتهم بأمور لا علاقة له بها لأنه تجرأ وادعى على ح. س منذ البداية. والواضح ان هذه القضية قائمة على قاعدة وجود جريمة قتل المتهم فيها مظلوم (أي القصّر) والقاتل هو من قدم البلاغ أي (ح. س)”.
من جهته، قال السيد احمد اكتيورك والد القاصر س. أ لـ “الديار” “جل ما اريد قوله ان ابني ليس بحالة جيدة، والبارحة أرسلوا في طلبنا لرؤيته بعد ان ساء وضعه الصحي والنفسي، ومن المفترض ان يجلبوا له طبيبا متخصصا في الأعصاب والامراض النفسية”.
وتابع “الامر الإيجابي الوحيد الذي حصل منذ بداية هذه المسألة حتى الان، ان ابني بات في عهدة النقيب نقولا كعدي، وأصيب بالنوبة عندما شعر انه في امان، وبدأ يتذكر الضرب الذي تعرض له هو ورفاقه في شعبة جرائم المعلوماتية، مشيرا الى إنسانية النقيب كعدي بالوروار الذي عامل ابني وكأنه واحد من ابنائه وخصّص له طبيبا نفسيا ليتابع حالته التي تدهورت بسبب الضغوطات التي مُورِست عليه، وانا واثق من براءة ابني”.
وختم الاب قائلا: “يسأل ابني لماذا لا يمكن إطلاق سراحه او إخراجه ويردد هذه الجملة دائما “إذا كنت مذنبا اضربوني بسكّين ولينتهي هذا الامر لكن انا لم اقترف أي ذنب”.
من جانبها، قالت مندوبة الاحداث غنى الصاحب لـ “الديار” “نعمل كاتحاد على متابعة القصّار داخل مراكز توقيفهم بالتنسيق مع قاضي الاحداث جويل ابي حيدر؛ لافتة الى ان القاصر س. أ. وان كان موقوفا لكن لديه ملف حماية في محكمة الاحداث ولا سيما ان ابي حيدر اعتبرته معرضا للخطر وضحية”.
اردفت “تم تعيين طبيب نفسي من قبل محكمة الاحداث وهو بدوره عاين القاصر وننتظر تقريرا مفصلا عن وضعه الذي يعتبر مستتبا لكنه يحتاج الى رعاية وتشجيع ونحن الى جانبه دائما”.
التحقيق باطلّ
واعتبر المصدر المتابع لملف “عصابة التيكتوكرز” “ان التحقيق بُني على اقوال شهود لحماية ح. س المحسوب على مرجعية امنية وأخرى سياسية، لكن المعلومات والأدلة تؤكد ان هذا المتهم هو المغتصب الأكبر. لذلك أشدد على ان التحقيقات الاولية في هذه التهمة مشكوك فيها ولم تصل الى قاضي التحقيق بعد ومن المتوقع ان تبطلها المحكمة المعنية وذلك عملا بنصوص القانون”.
وكشف عن “ان أهالي اثنين من القاصرين الموقوفين يعملون “نواطير” وهؤلاء يعانون من فقر مدقع وشظف شديد ووضعهم المادي سيىء؛ إشارة الى ان القاصر س. أ جمع من “تيك توك” 700 $ فقط خلال 3 سنوات”.
ما الغرض من تضييع بوصلة التحقيقات؟
يجيب المصدر، “اعتبرت القاضية غادة عون من الأساس ان هؤلاء القصر مذنبون ووصفتهم بالسفّاحين الخطرين وهم أبرياء، وجعلت منهم عصابة بينما تركت زعيمها يفلت. فوق ذلك اسقطت الحماية عنهم ومنعت قاضية الاحداث جويل ابي حيدر من متابعتهم. ونحن بانتظار ظهور زياد عيتاني جديد في هذه القضية حيت تم تركيب ملف لشخص بريء وجلده لكن الحقيقة ستكشف عاجلا ام اجلا”.
تجنيح القصّر!
وأشار الى “ان مندوبة الاحداث المحامية ج. مارست ضغطا نفسيا كبيرا على القاصر س. أ ونعتته بالمجرم، ومنعت القاضية عون محامية القصّار المتهمين من حضور جلسات التحقيق معهم، باعتبارهم خطرا على المجتمع. يذكر ان محامية أحد القصر كانت رفضت الاستجوابات التي أجريت في غيابها وطلبت الغاءها بعدما أخبرها موكلها القاصر انه يتعرض للضرب والتعذيب وذلك لتغيير أقواله بغية حماية المدعو ح. س. “
التسلّح بالمادة 47… فعلى ماذا تنص؟
بالموازاة، عدلت المادة 47 من القانون لتكرس الحقوق الاتية للمشتبه فيهم: الحق بحضور المحامي خلال الاستجواب او الاستماع الى اقوال المشتبه فيه وبسرية المقابلة بينهما قبل التحقيق، الزامية تصوير إجراءات الاستماع او الاستجواب كضمانة إضافية لجهة منع التعرض للتعذيب ولمصداقية التحقيق وكوسيلة اثبات للمشتبه فيهم لجهة عدم مراعاة الضمانات الأساسية ما يرتب على ذلك من نتائج قانونية على صعيد بطلان المحضر والإجراءات اللاحقة له.
بالمقابل، اشار المصدر الى “ضرورة الالتزام بالنصوص القانونية التي ترعى جمع الأدلة، لان انتهاكها يؤدي الى اعتبار الاثبات غير قانوني الى جانب ما قد ينتج من هذا الخرق في بعض الأحيان من جرائم جزائية كحالة استخدام التعذيب لحمل المشتبه فيه على الاعتراف. فهذه الأمور تشكّل عصيانا للنص القانوني الذي يحظر اللجوء الى التعذيب والاستحصال على البرهان وفي حال حصوله يؤدي الى عدم الاخذ بالحجّة وترتيب المسؤولية الجزائية على من أقدم على هذا الفعل”.
تحرير السفّاك!
وأوضح المصدر “ان هذه القضية عمرها أربعة شهور لكنها خرجت الى العلن منذ أسابيع، فالملف فتح لتحصين الجاني الرئيسي، والعاصفة الحقيقية هي عندما يعلم الرأي العام اللبناني ان هذه القضية هي قضية تحرش وليست اغتصابا وهناك أطراف تضغط لجعلها كذلك. لكن الوصف القانوني للاغتصاب له شروط غير متوافرة في هذا الاتهام تحديدا؛ والا لماذا عولجت هذه المسألة اذن في مكتب جرائم المعلوماتية بدلا من مكتب الآداب؟
ضغط لتبديل الاقوال!
تجدر الإشارة الى ان القاصر (هـ. هـ.) قال لأخته ان تَطلب من القاصر (س. أ.) مسامحته لأنه اجبر اثناء الاستجواب على قول ما يريدونه؛ وذلك بوجود السيد (حشور) الشاهد الملك الذي يبتز الناس ويكون حاضرا خلال التحقيقات. والانكى يرتشف القهوة في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية ويغادر و”الديار” تكشف حقيقة هذه الشخصية في تحقيق لاحق.
وختم المصدر منوّها “بجهود القاضي طانيوس السغبيني الذي ادعى غيابيا على كل من “جاي” و “ستيف” وح. س. ومتهم من الجنسية التركية وهؤلاء جميعهم خارج لبنان، مع العلم ان عدد الموقوفين ارتفع الى 15، والملف وصل الى القاضي السغبيني رأفة بهؤلاء الأبرياء اذ لا يُظلم عنده احد”.
ندى عبد الرزاق – الديار