فرنجية قلب الطاولة… أحرج باسيل والجميّل ودغدغ أحلام جعجع
قد يكون رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فاجأ الجميع بالطرح الذي قدّمه أمس والذي دعا فيه القوى المسيحية إلى التوافق على انتخاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لتكون المنازلة بينهما في مجلس النواب للتثبت من الحجم المسيحي الذي تعايره به القوى المسيحية.
منذ إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون ولإعلان المبادرة الفرنسية وإعلان الثنائي الشيعي عن تبنّي ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة بدأت الحملات غير المسبوقة لتطويق الرجل من المتضررين الطامحين إلى الكرسي الرئاسي لا سيّما من يعدّون أنفسهم أنهم الأقوى مسيحيًا.
وتؤكّد مصادر مراقبة لـ “ليبانون ديبايت”, أن فرنجية تعرّض في معركته الإنتخابية الرئاسية لمحاولة تطويق من منطلق “ماذا يمثل مسيحياً”، واعتبر خصومه أن الحاجز الذي يقف في وجه وصوله هو الموضوع المسيحي.
لكن حيلة الرجل وفق المصادر في مواجهة هذه الذئاب الطامحة هي محاولة الخروج من الطوق بأفضل وسيلة يعتمدها الأذكياء في المعركة وهي “الهجوم” وأفضل وسيلة للخروج من الطوق هي “تطويق الخصوم”.
وتوضح المصادر، أنه بدأ مناورته سابقاً بالرد على الخصوم بسلاحهم فاقترح بداية أن يتنافس في جلسة انتخابية تحت قبّة البرلمان كل من سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميل بالإضافة إليه بمعنى الأربع الأقوياء المعترف بهم لدى بكركي، ومن يختاره النواب سيكون الرئيس المقبل وعلى ضوء النتيجة على الخاسرين أن يعترفوا بهذا الفوز ويقدموا واجب التهنئة.
وتقول المصادر : “كان من المنطق أن يتلقّف هؤلاء هذا الطرح على اعتبار أن فرنجية سيقع في شِباك طرحه، من منظور ما يتشدقون به في موضوع التمثيل المسيحي، إلا أنهم لم يتجاوبوا مع هذا الطرح، لعدم وجود ثقة بامكان أن يتفوّق أحد منهم على فرنجية في البرلمان بما أن الأخير يملك أكبر عدد من الأصوات النيابية في حال ترشحوا جميعهم.”
وتتابع: “على خلفية عدم التجاوب مع طرحه الأول عاد مرّة جديدة في قداس مجزرة إهدن إلى تطوير الفكرة وإقترح عليهم أن يتواقف الثلاثة فيما بينهم على انتخاب سمير جعجع لأنه “الأقوى بينهم مسيحياً”، عندها يبدأ التنافس بين خطين, خط المسيحي الأقوى مع خط سليمان فرنجية الوطني لتبدأ بعدها المنازلة في ميدان المجلس النيابي، ولكن كما في الطرح السابق حاولوا تجاهل الفكرة الجديدة وتنصّل كل من الجميل وباسيل منه معتبرين أن هذا الأمر غير وارد.”
وترى المصادر, أن “فرنجية من خلال هذا الطرح الذي فتح فيه ثغرة، كان حرِياً بخصومه أن يستغلوها لا سيّما أنه ألزم نفسه بها، ولكنه استطاع بكل حنكة قلب الطاولة عليهم، حيث تبيّن من تجاهُل الطرحين أن التهمة التي يعايرون بها رئيس تيار المردة ارتدت عليهم وسجل نقطة لصالحه في المعركة وقطع الطريق عليهم في معايرته مجدداً بالتمثيل المسيحي.”
واستندت حسابات فرنجية في طرحه هذا وفق المصادر, على أن انتخاب باسيل لرئيس حزب القوات أمر غير وارد، كما أن انتخاب سامي الجميل له أيضاً يعتبر أمراً مستحيلاً، إلا أن فرنجية استطاع بهذا الطرح أن يُدغدغ أحلام جعجع، وبالتالي لعب على التناقضات لإماطة اللثام عن نواياهم، فهم ليسوا بمقربين لدرجة اختيار واحد منهم ليكون الرئيس بل أن هدفهم فقط أن يوجهوا ضربة قاضية لفرنجية أو لاحتمال وصوله إلى الرئاسة.
وتوضح المصادر أن “حسابات فرنجية ارتكزت أيضاً على فرضية أنه حتى إذا اتفقوا على سمير جعجع فإن نصف المسيحيين لن ينتخبوه لأن هذا ضد مصالحهم وبالتالي سيصادر موقفهم كما أن المسلمين في لبنان لا ينتخبوا جعجع بشكل مؤكد.”
واستحضر فرنجية كما ترى المصادر عهد الرئيس ميشال عون عندما كان يتغنى التيار الوطني الحر بالرئيس الأقوى على صعيد التمثيل المسيحي لينبهه اليوم انه بعد ثورة تشرين انتزع جعجع هذه القوة ليصبح الرجل الاقوى مسيحيًا، فلماذا لا يتبنى التيار ترشيحه من منطلق القوة هذه؟ وفرنجية بذلك أسقط حجة الرئيس الاقوى من يد التيار.”
إلا أن ما يختلف به فرنجية عن سواه من هؤلاء الخصوم كما توضح المصادر أنه ليس بضعيف مسيحياً لا سيما انه نال 15 صوتاً في جلسة الانتخابات أي ما يقارب ربع الاصوات المسيحية وهو مقبول وطنياً من المسلمين فهو مزج بين التأييد الوطني والمسيحي وهو ما يفقتقر اليهم خصومه.
ومجرد ترشح الخصوم الى الرئاسة كما تؤكد المصادر معناه انهم سيتخلون عن خطابهم بالحرص على المسيحيين وسيخاطبون الآخر وبالتالي “شد العصب” الذي مارسوه للوصول إلى الحجم المسيحي الذي يدّعون سيسقط حتمًا وتتراجع شعبيتهم المسيحية ولن يجنوا من المكونات الاخرى أي ترحيب أو حتى أصوات.
هجمة مرتدّة وموفّقة قام بها فرنجية وفق المصادر, ورد بالسلاح الحي وكسب المناورة والمعركة أقلّه بالشق الإعلامي، إضافة إلى أن خطابه أمس كان خطاباً موفقاً ومسيحياً بإمتياز وفيه الكثير من العبر.