هوكشتين في بيروت…ما مهمته
دفع التصعيد الذي سجل في جنوب لبنان طيلة الأسبوع الماضي الإدارة الأميركية لإرسال مبعوثها عاموس هوكشتين إلى المنطقة لإجراء مساعٍ لاحتواء التصعيد ورقعته. وقد وصل هوكشتين بالفعل يوم أمس إلى تل أبيب لإجراء محادثات. ويتوقع أن يصل بين اليوم وغداً إلى بيروت للأمر نفسه.
وعلم “ليبانون ديبايت” من مصادر سياسية مطلعة أن دوائر عين التينة تبلغت يوم الاثنين، بأن هوكشتين وضع على جدول أعماله زيارة بيروت. وهو للغاية سيجري لقاءات من بينها لقاءً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأكدت المعلومات أن هوكشتين أجرى خلال الأيام الماضية جولات تواصل واتصالات عدة شملت مسؤولين لبنانيين، من بينهم قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي التقاه في واشنطن.
وسُرب أن هوكشتين الذي أتى إلى المنطقة بطلب مباشر من إدارته، يحمل “أفكاراً” على صلة بخفض التصعيد عند الجبهة الجنوبية، وهو في طريقه لمناقشتها مع حكومة تل أبيب وأيضاً مع الجانب اللبناني. وقد طلب من معاونين لبنانيين له مساعدته على تحقيق الهدف من زيارته الحالية.
وسُرب أيضاً في بيروت أن هذه الأفكار تطرح العودة إلى الالتزام بـ”قواعد العمل” التي اتبعت منذ 8 تشرين الأول، من بينها الالتزام بمنطقة العمليات العسكرية دون توسعها بما يشمل ما هو أبعد من نطاق الـ7 كلم.
ويأتي مطلب هوكشتين انسجاما من الرغبة الأميركية (والإسرائيلية ضمناً) بعدم توفير أسباب لتهجير مزيد من المستوطنين نحو وسط إسرائيل، حيث يحكى أن توسيع النطاق الجغرافي للقصف من دون أن يشمل غزواً برياً (أو تقدماً برياً)، له أن يدفع بأكثر من 100 ألف مستوطن جديد في نهاريا وحيفا إلى إخلائها، مما سيؤدي إلى مزيد من الضغط على تل أبيب.
في هذه الأثناء تردد معلومات بأن هوكشتين التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون على هامش زيارة الأخير إلى واشنطن، وأجرى اجتماعا مثمراً معه. ونقلت معلومات مفادها أن هوكشتين عرض على عون أفكار على صلة بـ”ضبط جبهة الجنوب”، من بينها مدى القدرة على خلق منطقة “منزوعة السلاح” (وليس منطقة عازلة) على طول الخط مع إسرائيل، على الرغم من أن أفكاراً كهذه ليس مضمون تحقيقها من جانب واحد. غير أن ما يفهم من كل ما يجري، أن هوكشتين يستمر بابتكار الأفكار وتسويقها بصرف النظر عن مدى إمكانية تحقيقها.
عملياً، ما دفع بالإدارة الأميركية إلى إرسال مستشارها، ملاحظتها أن عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل مؤخراً، واستهدفت قيادياً بارزاً في حزب الله في جويا، وما تبعها من محاولة اغتيال فاشلة في “جنتا” من دون معرفة الشخصيات المستهدفة، أفصحت عن رغبة إسرائيلية بجر حزب الله نحو توسيع المعركة بهدف خلق مبرر لإسرائيل كي توسع جبهة القصف بدورها.
ولوحظَ أن حزب الله الذي رد على عملية الاغتيال بكثافة نارية لم تشهدها الجبهة منذ افتتاحها يوم 8 آذار، لكنه حصر رد الفعل جغرافياً، وإن كانت العمليات قد امتازت بدقة نارية هائلة.
ويتبين من تقدير الموقف الحالي أن واشنطن لا ترغب في توسيع جبهة جنوب لبنان (شمال إسرائيل)، إنما تنشط خلال هذه الفترة في مسألة لها علاقة بمحاولة الاستثمار في علاقة حزب الله بحركة حماس ما قد يسفر عن خفض الأخيرة لمطالبها حيال مسألة وقف إطلاق النار في غزة.
وفي تقدير واشنطن، إن الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ولو جزئياً، سيسفر تلقائياً عن وقف لإطلاق النار عند جبهة جنوب لبنان. وبعد ذلك يُنْتَقَل إلى المرحلة الثانية عبر تمهيد الأجواء لهوكشتين بتسوق حل نيابة عن الولايات المتحدة الأميركية. وليس سراً، أن ثمة قناة مررت رسائل أميركية إلى حزب الله في هذا الاتجاه، غير أن حزب الله أعاد التشديد على المؤكد لديه من أن لا حل في جنوب لبنان أو وقفاً لإطلاق النار أو دخولاً في أي نقاش حول ترتيبات “اليوم التالي” من دون تحقيق وقف إطلاق النار في غزة.