كتب عقل العويط:
الزلزال الكبير يرجّ فرنسا و… واشنطن. هنا بيروت.
البلاد تحت المقصلة. يجب أنْ تتوقّف البهورات والعراضات اللفظيّة والمادّيّة والمعنويّة من كلّ جانب. احترامًا لهذه الأرض، للمدفونين فيها، واحترامًا لهذا اللبنان المهدّد بالاندثار، أكان من طريق القتل القصديّ أم بالغباء الشعبويّ.
امسحوها بذقني. بيعوني هذا المعروف، لمرّةٍ واحدةٍ فقط.
قبل ذلك، اعذروا صراحتي الفجّة: وسائل التواصل الاجتماعيّ تمارس أبشع أنواع الدعارات الإعلاميّة.
الغالبيّة العظمى ممَّن يملكون حسابات على “إكس”، “فايسبوك”، “انستاغرام”، وسواها، فضلًا عن رؤساء الأحزاب والطوائف والكتل والناطقين والمتشدّقين ومواقع الدعاية والمجموعات والفصائل والأزلام والأتباع (وأهل الذمّة)، يجعلون حياتنا (ما بقي منها) توازي جهنّم التي عيّنها لنا ووعدنا بها رئيسنا السابق.
أوقِفوا هذه الدعارات، إكرامًا للبنان. أو إكرامًا… لدفنته.
*
العالم بات مخيفًا للغاية، حيث رجال الدولة أصبحوا عملة نادرة.
هنا بيروت أيضًا. ليس عندنا رجال دولة في لبنان. من زمان لم يعد عندنا من هذا الطراز. انقرضوا. من يتولّون الأمور، لعّيبو كشاتبين في أحسن الأحوال. وصغار. هؤلاء، بالإذن منهم، أو من دون إذن، يُقال عنهم ما يقوله العاقل، أو المرء الأعزل: ” استحيوا. اللي استحى مات”.
لم يبق شيء يُذكَر في الدولة في الكيان في الجمهوريّة في الدستور في الخير العام… لنهشه. تنبشون طفولاتنا وذكرياتنا ومقابرنا الجماعيّة، وترتكبون فيها ما لا تخبرنا التواريخ المشؤومة بمثله. ألقابكم، للعلم والخبر: قطّاع طرق. زعران. أوباش. نازيّون. هولاكيّون. صهيونيّون قتلة. الناس أيضًا يطلقون عليكم هذه الألقاب، وسواها، ممّا لا يليق إيراده في مقال.
بيكفّي. ستوب.
*
لا أساوي بين منضوٍ تحت لواء القانون والدستور والدولة وبين خارجٍ عليها. هذا موضوع ليس على جدول أعمال هذا المقال.
لا تريدون أنْ تنتخبوا رئيسًا للجمهوريّة؟ واضح.
تريدون، في ظلّ هذه المتاريس والإرهابات والحروب الداخليّة والخارجيّة والحدوديّة، تدمير معنى لبنان وتغيير وجهه وروحه وهويته؟
فكِّروا فيها بالعقل، بالحكمة، وبالواقع. لَصعبٌ، بل لَمستحيلٌ أنْ يستفرد أحدٌ بلبنان، ويضع يده الثقيلة (الفيليّة، من الفيل) عليه.
*
أمّا رجال الدين فبعضهم ينسى أو يتناسى، تحت سطوة العمى الروحيّ والقلبيّ والعقليّ واللسانيّ، أنّ الدين يستحيل إلّا أنْ يكون منه براء.
تَهيَّبْ، خصوصًا عندما زمامُكَ ليس فيكَ، وليس منكَ.
*
لكلّ مَن ينطبق عليه هذا المثل (اللبنانيّ)، “يا أرض اشتدّي ما حدا قدّي”، سيجد نفسه مدعوًّا إلى وقف التسعير والاستقواء.
وأجدني أذكّره، في هذه الليلة الظلماء، بالمعرّي: داعيًا إلى قراءته، هنا أدناه:
خفّف الوَطْءَ ما أظنّ أَدِيْمَ الأرض إلا من هذه الأجساد
سِرْ إن اسطعتَ في الهواءٍ رُوَيداً لا اختيالاً على رُفات العباد
*
… ولأنّ بلادنا تحت المقصلة، وخصوصًا في خضمّ الزلزال الجسيم الذي يضرب فرنسا وأوروبا والعالم، وعلى وقع تردّدات “الحروب العالميّة” ومشاريع تغيير الخرائط والمصائر، ثمّة صوتٌ خفيٌّ فليسمعه الجميع، ولا سيّما الذين “يغطّون السموات بالقبوات”، وينطبق عليهم – تكرارًا – القول القائل “يا أرض اشتدّي ما حدا قدّي”: مستحيل “القبض على لبنان“. ما تفكّروا فيها.
*
… وخذوها من المعرّي أيضًا:
كذب الظنّ لا إمام سوى العقل/ مشيرًا في صبحه والمساء.
وإذا كانت الحال هي هذه، وغيرها أيضًا (يأتيك بالأخبار من لم تزوّد)، ألا يجب، في لبنان، ومن أجل الجميع في لبنان، أنْ يكون مولانا العقل، ويكون هو الإمام؟!
تعقّلوا.