منذ ٨ تشرين الأوّل، يوم فتح حزب الله جبهة لبنان الجنوبية ضد اسرائيل ليساند غزة، يعيش اللبنانيون وسط الخوف والقلق خشية توسع رقعة الحرب وامتدادها على مساحة الوطن في ظل تهديدات اسرائيل اليومية بتدمير لبنان وتحذير الدول لرعاياها بوجوب عدم التوجه الى لبنان او مغادرته في حال وجودهم فيه.
واقع قد يضعهم في حال من التأهب والهلع عند سماعهم دوي أي انفجار أو صوت قوي، حتى باتت المفرقعات النارية في المناسبات ترعبهم، قبل التأكد من انها فرحا واحتفالا، لا قصفا اسرائيليا، وما اكثرها في موسم الصيف والمهرجانات والاعراس وحفلات التخرج. فكيف بالحري إن سمعوا دويا هائلا يهز لبنان من ادناه الى اقصاه.
صباح امس خرقت اسرائيل جدار الصوت فوق المتن وكسروان وجبيل في شكل خاص، حيث هز دويه كل المناطق وصولا الى عكار، فاعتقد المواطنون ان الحرب اشتعلت او ان اسرائيل قصفت منشأة حيوية في العاصمة، ما أثار الرعب، فتسارعت الاتصالات لمعرفة ما يجري ويتبين لاحقا ان الطيران الاسرائيلي خرق جدار الصوت لا أكثر؟ فما هو جدار الصوت وما هدفه؟
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يوضح لـ”المركزية” ان “سرعة الصوت تبلغ 340 متراً في الثانية، او 1034 كلم في الساعة. إلا أن كل الطيران مُصمَّم بطريقة لا تمكِّنه من اختراق جدار الصوت. في العام 1947 حاول كابتن طيار أميركي ان يدخل في هذه الموجة ويخترق سرعة الصوت، فحصل نوع من صدمة او ارتجاج كأنه اخترق جداراً، أدّت إلى هذا الصوت.
عندما تمّ تصنيع طائرة الكونكورد التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تبيّن أنها كلما أرادت ان تخرق سرعة الصوت وتعود بعدها إلى الحالة العادية تواجه مشكلة، ولهذا السبب تمّ ايقافها عن العمل كطائرة ركاب. لكن الطيران النفاث يقوم بسرعة صوت أعلى”.
أما عن سبب اعتماده عسكرياً، فيشير ملاعب إلى ان الطائرة المقاتلة، عندما تمرّ فوق الدفاعات الجوية ويكتشفها الرادار، تخرق جدار الصوت كي لا يتمكن الدفاع الجوي من أن يلبي الأمر ويطالها بواسطة الصاروخ. فهي تتخذ سرعة أسرع من سرعة الصوت كي لا يتمكن الرادار من التقاط بصمتها الحرارية ويتبعها لأنها تكون أسرع”.
ويؤكد ان بعض الصواريخ صُمِّمت كي تكون أسرع من الصوت، مثل تلك الروسية الصنع “كينجال”، وكذلك صواريخ الدفاع الجوي، لكنها تواجه صعوبة كي تعمل مع الطيران الأسرع من الصوت. هناك مبدءان: الطيران المُكتَشف حتى الجيل الرابع، يقوم بسرعة فائقة للصوت، تفوق ثلاث مرات سرعة الصوت (supersonic)، لكن السرعة الفرط صوتية (hypersonic) تفوق ثمانية مرات سرعة الصوت، يملكها الجيل الخامس من الطيران وكذلك الصواريخ الباليستية الحديثة العابرة للقارات، كالصواريخ التي صنعها الروس. واليوم يبدو ان الايرانيين يملكون هذه التقنية واستخدموها في صلياتهم الصاروخية على ايلات، كما ان الجيل الرابع والنصف كـ”الرافال” والجيل الخامس كالـF35 مثلا من الطيران يملكها أيضاً. لكن بالنسبة للصواريخ الباليستية، فإن الاميركيين لم يُنتِجوا بعد صاروخاً باليستياً hypersonic ، بينما الروس أنتجوه وبإمكانه ان يسبح في الفضاء الخارجي 5000 كلم ويلف الكرة الأرضية بسرعة تفوق سرعة الصوت. ويقال ان الكوريين الشماليين دشَّنوا صاروخاً من هذا النوع”.
وعن ماهية جدار الصوت ومدى تأثيره يقول ملاعب: “هو نتيجة صدمة هوائية في الغلاف الجوي، وكلما كانت أقرب إلى الأرض كانت الصدمة أعلى، بينما إذا كانت خارج الغلاف الجوي تكون الصدمة أخف. كما ان مدى ارتفاعها عن اليابسة يحدد قوة الاختراق. هناك موجات موجودة، وهناك جسم اصطدم بهذه الموجات وخرج منها، وبالتالي فإن الخروج من الموجات هو اختراق جدار الصوت وهو من يتسبب بهذا الصوت القوي. كما ان قوة الصوت تعود إلى قوة الطائرة، وإذا ما كانت “سوبرسونيك” او “ايبرسونيك” وأيضاً لمدى علوّها عن اليابسة، ويختلف أيضاً بحسب جناح الطائرة وهيكلها. إذا كانت طائرة صغيرة لا تقوم بخرق قوي في هذا الجدار، لكن إذا كانت ذات جسم كبير وأجنحة كبيرة، كما كانت “الكونكورد” مثلاً، فهي تقوم باختراق صوت أعلى بكثير”.
ويختم ملاعب: “ما نشهده في لبنان هو اختراق الـF15 الاسرائيلية، وما حصل أمس وتجاوز البيئة الحاضنة لحزب الله باتجاه بيئات أخرى له هدفان، الأولى تحضير هذه البيئة وتحريضها ضدّ ما يفعله “حزب الله”، والثاني يحاول من خلال الهبوط بالطائرة وخرق جدار الصوت على علو منخفض، ان يستكشف المضادات الجوية الأرضية التي من الممكن ان يكون قد نشرها حزب الله خارج بيئته، لذلك إذا استكشف هذه الغارات الوهمية بالنار، يعرف مكانها ويرصدها من أجل أن يتمكن من التعامل معها”.