لم يكن اللقاء الدرزي الموسع في بيصور منذ أيام مناسبةً لرعاية مصالحة مناطقية وعائلية فقط، بل محطة عبور إلى مرحلة جديدة تحمل عنواناً وحيداً هو “رصّ الصفوف في الجبل”، وإقفال كل منافذ الإنقسام أو التباينات والخلافات السياسية بشكل خاص، وذلك بعدما انخرطت الفاعليات والمراجع كافةً، في جبهة تكاد تكون موحدة على المستوى الداخلي، لجهة الإصطفاف في موقع المساندة للقضية الفلسطينية وللوحدة الوطنية، وإنما من دون مغادرة زعيم المختارة وليد جنبلاط موقع الوسطية، في موازاة التقارب الثابت وبالدرجة الأولى مع الرئيس نبيه بري.
عدة رسائل قد تضمنتها “مصالحة بيصور”، وتنوعت في مضمون الكلمات التي أٌلقيت في المناسبة، كما في طبيعة المشاركة ورمزية وعنوان اللقاء، الذي كان بمثابة الإعلان عن موقف درزي موحد إزاء تطورات المنطقة وحرب غزة من جهة، كما تجاه الواقع اللبناني الداخلي والملف الرئاسي من جهةٍ أخرى.
وإذا كان العنوان هو طي صفحة الخلافات أو صفحة الماضي، فإن هذه التسمية لا تنطبق فقط على ملف البيت الدرزي، بل تطال ملفاتٍ أخرى بدأت تتكشّف تجلياتها، سواء عبر المواقف المعلنة للقيادات الداخلية وبشكلٍ خاص في الحزب التقدمي الإشتراكي.
وتوافق أوساط حزبية مسؤولة في الإشتراكي على أن رسائل جنبلاطية قد كرسّها إعلان “راية الصلح” في بيصور، وتصنّفها في عدة اتجاهاتٍ، وتؤكد ل”ليبانون ديبايت”، أن الرسائل الأساسية لزعيم المختارة، تصب في اتجاهين، الإتجاه الأول محلي، ويتناول الملف الرئاسي الداخلي وطروحات الحوار.
وبما يتعلق بهذه المسألة التي لم يحصل توافق عليها إلى الآن، فإن الأوساط “الإشتراكية”، تستنتج بأنه في النهاية، وعندما يتحدث أي طرف سياسي عن الحوار والتلاقي، فهو لا يطرح ذلك كشعار فقط، لأن التلاقي يبدأ أولاً من خلال التلاقي في البيت الداخلي اللبناني، وفي البيت الداخلي في الجبل، وذلك حتى على مستوى المناطق وعلى المستويات المحلية في البلدات والقرى.
ومن خلال مشهد الوحدة والمصالحة، تُعرب هذه الأوساط عن أملها من “كل الذين ما زالوا غير مقتنعين بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات والمشاكل الكبيرة، أن يتأكدوا بأن ما تحقق من مصالحة، يشكل نموذجاً لما يمكن إنجازه من خلال الحوار، والوصول إلى نتائج إيجابية تحقق مصلحة المجتمع والبلد”.
وعلى مستوى الإتجاه الثاني من رسالة زعيم المختارة، فتجد الأوساط المسؤولة في الحزب الإشتراكي، أنها ترمي للتأكيد على أن هذه الطائفة، وعلى الرغم من التعددية السياسية فيها، وهو أمر صحي، هي بالنهاية طائفة متوحدة حول الهوية العربية الإسلامية، وتتموضع إلى جانب القضية الفلسطينية، أياً كانت التباينات السياسية المحلية أو غيرها”.
ومن خلال هذه الخلاصات، تكشف الأوساط الإشتراكية، بأن “كل محاولات وضع الدروز في مكان آخر، هي محاولات ساقطة سلفاً”.