“النهار” – جاد فقيه
منذ بدء الأزمة عام 2019 لم تتوقف أسعار السلع في السوق اللبنانية عن الارتفاع. كان الربط دائما بين ارتفاع الأسعار من جهة، ووقف سياسة الدعم التي كانت تشمل سلعا أساسية وكمالية، وارتفاع سعر صرف الدولار من جهة أخرى، حتى باتت السلع تسعر بالدولار في المتاجر والسوبرماركت كافة، بناء على قرار صدر عن وزارة الاقتصاد والتجارة في آذار 2023. حينها، كان مسوّغ القرار كما جاء في نصه “الحفاظ على استقرار أسعار السلع والحرص على حماية المستهلك”. ولكن القرار لم ينجح في لجم تضخم السلع، والمثير للغرابة هو استمرار ارتفاع الاسعار بالدولار حتى في الأشهر الماضية التي شهدت استقرارا في سعر الصرف، وهذا ما أشار إليه إصدار الإحصاء المركزي الأخير عن مؤشر الأسعار الاستهلاكية عن شهر حزيران المنصرم.
الارتفاع في الأسعار بدأ يؤثر مباشرة على ميزانية العائلات حين طال قائمة السلع الأساسية التي يستحيل الاستغناء عنها، وفي مقدمها ربطة الخبز. وفيما لا يزال بعض الأدوية والمستلزمات الطبية والخبز يحظى بالدعم الجزئي نسبياً ولم يصر بعد إلى دولرته كلياً، ينتظر في مهلة أقصاها منتصف أيلول المقبل رفع الدعم كلياً عن الطحين، وذلك بانتهاء قرض البنك الدولي المخصص لدعم الخبز. فما هو السعر الجديد لربطة الخبز؟ وما مدى تأثيره على الأسر؟
يرى نائب رئيس اتحاد الأفران والمخابز في لبنان نقيب الأفران والمخابز في الشمال طارق المير أن “سعر الربطة المحدد وزنها بـ 810 غرامات سيصبح نحو 75 ألف ليرة، أي سترتفع التسعيرة 20000 ليرة لبنانية إذا لم تتغير أسعار القمح عالميا”. ويضيف: “لن يتأثر المواطنون كثيرا لكونهم تأقلموا مع الارتفاع التدريجي للخبز من 20000 الى 55000 اليوم”. ووفق المير “سياسة دعم الخبز كانت فاشلة وثمة سوء توزيع لكميات القمح على الأفران، فبعضها يحصل على كميات كبيرة، علما أنه لا يستخدمها للخبز العربي حصرا، بل لمنتجات أخرى كالكرواسان وغيرها”.
من جهته، يلفت أمين سر اتحاد الأفران والمخابز في لبنان نعيم الخواجة إلى أن “التعويل اليوم هو على الدول العربية الشقيقة لضمان استمرارية دعم الخبز، خصوصا قطر والسعودية اللتين تهتمان بلبنان وشعبه”.
في المقابل، تؤكد مصادر معنية لـ”النهار” أن الدعم سيرفع حتما في أيلول وسيصبح سعر ربطة الـ810 غرامات 65000 ليرة، أي أن الارتفاع لن يتخطى عتبة الـ10000 ليرة.
وتستغرب المصادر عينها التهويل من نقابات الافران والمخابز في الإعلام في هذا الخصوص، وتقول: “وزارة الاقتصاد رفعت سعر الربطة تدريجا لتفادي إحداث مشكلة لدى المواطنين، ولا سيما منهم الفقراء الذين يعتمدون في يومياتهم على الخبز، ويمكن اعتبار رفع الدعم الكلي الخطوة الأخيرة، لتصبح بعدها ربطة الخبز مدولرة”.
تسعيرة ربطة الخبز التي تحددها وزارة الاقتصاد والتجارة، لا تتأثر حصرا بالدعم وبسعر صرف الدولار، إذ ثمة عوامل أخرى تؤثر في ذلك، كأسعار النفط ومشتقاته وسعر طن القمح عالميا، وهذه تتأثر بدورها بعوامل عدة منها طبيعية كأحوال الطقس، ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج أوروبا للقمح، عدا عن العوامل السياسية المرتبطة بالنزاعات في العالم، فسعر طن القمح ارتفع في غضون ثلاثة أشهر 50 دولارا. وتاليا ليس مستبعدا أن يرتفع مجددا في الأشهر المقبلة سعر طن القمح وربما برميل النفط أيضا، فيرتفع سعر الخبز.