بعد ١٠ اشهر من المعارك والحرب في غزة وجنوب لبنان ومن تحرك الجبهات من اليمن الى العراق، نجح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من اخذ ضوء اخضر اميركي بتوجيه ضربات ضد ايران وحماس و”حزب الله” والمخاطرة بالذهاب نحو تصعيد كبير، بهدف الحصول على انتصار ما يمكن البناء عليه للقول للجمهور الاسرائيلي ان التسوية التي قد تعقد مبنية على قواعد صلبة وقوية تعطي لاسرائيل اليد العليا في غزة وفي جنوب لبنان وعليه يمكن اعادة المستوطنين الى بلادهم.
نجح نتنياهو في وضع الجميع على حافة الهاوية، لا بل اقدم على خطوات جدية خطيرة جدا ويمكن القول انه للمرة الاولى يستعيد زمام المبادرة ضد المحور المواجه له، فأقدم على خطوتين كبيرتين اكد خلالهما انه يمتلك تفوقا استخباريا وتقنيا وعسكريا وهذا يعني ان الرجل يريد القول للجمهور الاسرائيلي ان “دولة” اسرائيل قادرة على حمايته وان الحكومة الحالية ستلاحق اعداءها مهما ابتعدوا ومهما قاموا باجراءات امنية.
وجهت اسرائيل ضربة قاسية لـ”حزب الله” من خلال استهداف احد اهم قيادييه العسكريين في الضاحية الجنوبية، متخطيا ثلاثة خطوط حمر في معركته مع الحزب، الاول استهداف المدنيين وقد سقط في الاستهداف عشرات الجرحى وعدد من الشهداء والثاني استهداف ضاحية بيروت وهذا تجاوز بالمعنى الجغرافي لقواعد اللعبة والثالث استهداف قيادي من الصف الاول لا علاقة مباشرة له بالاشتباك الميداني الحاصل في الجنوب، الامر الذي يفرض على الحزب الرد.
في الوقت نفسه احرج نتنياهو ايران بشكل كبير اذ استهدف عاصمتها اولا ورئيس حركة حماس اسماعيل هنية ثانيا، ما يضع ايران امام صدقية الرد من وجهة نظر الرأي العام العربي والاسلامي والسني تحديدا، كذلك يضعها على المحك في كيفية اظهار نفسها داعمة للقضية الفلسطينية وللمقاومة في غزة في عز الحرب، وعليه فإن من وجه الضربة في طهران اراد من ايران ان ترد خصوصا ان تل ابيب تعمدت القول انها لم تقم بإغتيال هنية ما يوحي بأن ايران متآمرة على الرجل وعليه فإن الرد الايراني حتمي لا مفر منه.
هذا المشهد يفرز معادلة واضحة هي ان ردا متعدد الجبهات سيحصل وعلى الارجح في يوم واحد، خصوصا اذا اضيف اليه الرد اليمني الذي يتم التحضير له منذ اسابيع بعد قصف الحديدة ومن المتوقع ان يكون رداً كبيرا تستخدم فيها مسيرات وصواريخ بالستية وصواريخ مجنحة، من هنا سيكون تدخل الولايات المتحدة الاميركية للدفاع عن اسرائيل في بداية الامر كما حصل خلال الرد الايراني لكن في حال قررت اسرائيل الرد على الرد فإن المنطقة ككل ستتجه نحو معادلة الحرب الشاملة والمفتوحة.
خلال ايام، وبعد خطاب السيد حسن نصرالله امين عام “حزب الله” بعد ظهر اليوم سيظهر حجم التصعيد المقبل على لبنان والمنطقة، وسيكون الحديث عن ان التفاوض لن يحصل الا بعد الرد، وعليه فإن الكرة ستكون مجددا في ملعب اسرائيل، فإما تبتلع الرد الذي سيكون قادرا على جر المنطقة الى حرب شاملة، او تقرر الاستمرار باللعب على حافية الهاوية والوقوع فيها على الارجح.