محلل يؤكد: مقتل هنية وضربة الضاحية لن يمرا دون رد
حيرة كبيرة تعيشها إيران وحزب الله في أعقاب الضربتين المتتاليتين في بيروت وطهران، اللتين اتهمت إسرائيل بالوقوف وراءهما واستهدفتا قياديين بارزين في حزب الله وحركة حماس.
فقد اتفق المحللون على أن الضربتين كانتا قريبتين للغاية وفي معقل إيران وحزب الله بحيث لا يمكن أن تمرا من دون رد، كما شكلت الضربتان خرقا أمنيا خطيرا لطهران وحزب الله.
وقد يكون التحضير لهذا الرد لاستعادة استراتيجية الردع من دون إشعال فتيل تصعيد أكبر “العمل الأكثر حساسية” في عام شهد اقترابا كبيرا من شفا حرب إقليمية.
بدوره، قال مهند الحاج علي، نائب رئيس مركز كارنيغي للشرق الأوسط والباحث في شؤون حزب الله، إنه “رغم أن إسرائيل قصفت الضاحية الجنوبية لبيروت أيضا في يناير الماضي، ما أدى لمقتل القيادي في حماس صالح العاروري، إلا أن ضربة الثلاثاء استهدفت قياديا بارزا في حزب الله وقتلت مدنيين”.
وأضاف “هذه المرة ذهبت إسرائيل إلى مدى أبعد، وقتلت قياديا بارزا في حزب الله. يجب على حزب الله الرد، وإن لم يفعل ستكون هناك قاعدة جديدة: قتل المدنيين على الجانب الإسرائيلي سيؤدي لاستهداف ضواحي بيروت.. حزب الله لا يستطيع تحمل هذا”.
ومن أجل إعادة إرساء الردع بعد ضربة الثلاثاء، قال مهند الحاج علي “سيحتاج حزب الله للرد خارج نطاقه الجغرافي المحدود الآن لعملياته. حزب الله سيضطر إلى الضرب بشكل أعمق في الأراضي الإسرائيلية، وهذا يجلب معه مخاطر كبيرة”.
من جانبه، اتفق أندرياس كريغ، المحلل العسكري ومحاضر الدراسات الأمنية في كينغز كولدج بلندن، على أن حزب الله “سيشعر بالحاجة إلى تنفيذ ضربة انتقامية كبيرة”.
وقال “أعتقد أن حزب الله تعرض لضربة أقوى بكثير، ضربة مؤلمة للغاية مقارنة بإيران. ففي المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، هذا تصعيد كبير، حيث يتعين على حزب الله الرد بشكل مناسب في الوقت المناسب لاستعادة الردع”.
مع ذلك، قال كريغ إن حزب الله سيضرب هدفا عسكريا إسرائيليا مهما على الأرجح، مثل القاعدة الجوية القريبة من حيفا والتي ظهرت في مقطع مصور من طائرة مسيرة – نشرته الجماعة – في يوليو/ تموز الماضي – بدلا من هدف مدني. ومن المرجح أن يسعى حزب الله إلى إحداث أضرار مادية فقط بضربته لتجنب مزيد من التصعيد.
إلى ذلك، أضاف كريغ “في حين أضر مقتل هنية بسمعة إيران، وشكل لحظة إذلال لها لأنه أظهر عجز طهران عن حماية ضيوفها البارزين، فإن هنية ليس جزءا لا يتجزأ من محور المقاومة”.
وتابع قائلا “وفاة هنية ليس لها أي آثار استراتيجية على إيران بخلاف كونها صفعة على الوجه لأنها كانت الدولة المضيفة، لقد قتل هذا الضيف أثناء وجوده في منطقة عسكرية شديدة الحراسة”، وبالتالي، يعتقد كريغ أن إيران “قد تختار تخفيف ردها”.
بدروها، قالت نومي بئر يعقوب، الزميلة المشاركة في برنامج الأمن الدولي بمعهد تشاتم هاوس، إن إيران “قد تلجأ إلى وكلائها من أجل الرد”.
وأضافت “الإيرانيون لديهم رجالهم الذين تم تدريبهم وتسليحهم والتخطيط لهم في كل مكان، ويمكنهم الوصول إلى أي مكان بالعالم. كما يمكنهم ضرب أهداف إسرائيلية أو يهودية على مستوى العالم”.
يذكر أن الضربة النادرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، مساء الثلاثاء، أسفرت عن مقتل القيادي البارز في حزب الله، فؤاد شكر، الذي تقول إسرائيل إنه مسؤول عن ضربة صاروخية استهدفت ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 12 طفلا ومراهقا. ونفى حزب الله مسؤوليته عن هذه الضربة.
ورغم أن هدف ضربة بيروت كان “شخصية عسكرية”، فإنها أصابت حيا مكتظا بالسكان يقع على مشارف العاصمة اللبنانية، حيث توجد عدة مكاتب لحزب الله، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين على الأقل – ثلاث نساء وطفلان – وإصابة العشرات.
وبعد مرور أقل من 12 ساعة، أعلنت حركة حماس اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، في غارة جوية إسرائيلية بطهران، حيث كان هنية يحضر مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
فيما لم تعلن إسرائيل أو تنف مسؤوليتها عن اغتيال هنية، الذي يأتي بعد نحو 10 أشهر من بدء الحرب الوحشية في غزة، كما يتزامن مع ضغط وسطاء دوليين، على رأسهم الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن.