“النهار”- إسراء حسن
تغيّر المشهد في بيروت، فطاقة الحياة التي كانت تصدّرمن الواجهة البحرية، عبر الموسيقى والمرئيّات والعروض بدأت تأخذ منحى الخمود، داخلة غيبوبة قسرية، بعدما ارتفعت حدّة القلق لدى اللبنانيين من احتمال نشوب حرب بين إسرائيل و”حزب الله” وحكماً انعكاس ذلك شللاً على لبنان بكل قطاعاته.
فما بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت ليس كما قبله.والخوف من انزلاق الأمور إلى حرب شاملة بات كبيراً. أمر أصاب منظمي الحفلات في لبنان بنكسة وبعاصفة خوف وتردد من إتمام كل أجندات الحفلات. فالحرب لم تعد مقتصرة على جنوب لبنان ومناطق بقاعية، بل قد تطال العاصمة وضاحيتها.
وبعد وابل التهديدات الإسرائيلية ودعوات السفارات لرعاياها للمغادرة والتحذيرات الدولية، واستهداف الضاحية واغتيال شخصية كبيرة في “حزب الله”، طفت على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بيانات تأجيل عدد من الفعاليات الفنية.
وصودف موعد استهداف الضاحية قبل نحو ساعتين من حفلة الفنان الشاب الشامي قيل إنها “كاملة العدد”، مختتماً فعاليات مهرجان أعياد بيروت في واجهة بيروت البحرية. وسط حشد كبير من جمهور تفاعل معه وردد أغنياته، وجّه الشامي كلمة لم يغفل فيها الوضع الراهن، فقال أكثر من مرّة: “أنتم شعب جبّار، أعرف أننا اليوم نمرّ بأوقات عصيبة. هذه اللحظات ليست من الأفضل في حياتنا. ولكنني جئت أزرع معكم بعض الفرح على الرغم من كل شيء”.
في هذه الليلة، 30 تموز، انقسم المشهد إلى “لبنانيْناثنين”، الأوّل في وسط بيروت علت فيه أضواء الهواتف المضاءة تفاعلاً مع حفل الشامي والثاني على بعد كيلومترات من الوسط، دماء ورائحة بارود ودمار وركام واغتيال وجرحى وضحايا، هناك في الضاحية الجنوبية كان المشهد مختلفاً.
وعلى الرغم من مرور ساعات على الاستهداف، استمر الحفل، وبدأ اللبنانيون ينقلون المشهدين، بين آراء انتقدت استمرار الحفلة رغم أخبار الموت والتصعيد، وبين من دعم الحفلة داعماً الحياة.
انتهت الحفلة وأكمل المتابعون آخر أخبار الضربة الإسرائيلية، وبات السؤال: متى الرد؟ وهل سيكون الهدف “تل أبيب”؟ هي قراءات بدأت تنهال على أصحاب الحفلات والمنظمين والفنانين، فبدأت الضربة تصيب حفلات كانت منظمة خلال شهر آب. وأعلن عن تأجيل فعاليات عدة، وتقصّد المنظمون استخدام مصطلح “تأجيل” لا “إلغاء”.
فقد أعلن تأجيل الحفل الرسمي لمسرحية كركلا “ألف ليلة وليلة” إلى الخميس المقبل (8 آب الجاري). كما أعلن سابقاً عن تأجيل ثلاث حفلات كان سيحييها الفنانون تامر حسني وأصالة نصري وعاصي الحلاني وهيفاء وهبي و”دي جي” أصيل بسبب “ظروف استثنائية يمرّ بها لبنان“. وأمام هذه التأجيلات، أعلن الفنان المصري محمد رمضان عزمه على إقامة حفله في بيروت حتى لو اضطر إلى الوصول إليهابحراً، وتمّ التأكيد أنّ حفل سلطان الطرب جورج وسوف والفنانين رحمة رياض وآدم لا يزال قائماً في موعده.
هناك من اعتبر أن لبنان يعيش حالة انفصام، لتبقى الأيام المقبلة هي الحاسمة لأيّ مشهد يريد.