أسلحة “ليزر” خارقة.. هكذا تدمر خصمك بأقل من دولارين
على مدى السنوات الخمس الماضية، وفي سياق تنامي الدور الذي تلعبه المسيّرات في الحروب، نَمَت هناك حاجة لتدابير دفاعية مضادة تواكب التسارع في صناعة الأسلحة الهجومية.
وفي هذا السياق، بدأت تتزايد الجهود لتطوير أسلحة دفاع جوي مضادة للمسيرات، وصولا إلى إطلاق شبكات لاصطيادها، إلا أننا اليوم على حافة تطور كبير في هذا النطاق، ناحية سلاح لا يصدر أي صوت، ولا إصابات بشرية، ولا انفجارات عشوائية، وبطلقة واحدة تكلفتها أقل من دولارين.
وفي تموز الفائت، أعلنت كوريا الجنوبية أنها بصدد البدء في إنتاج سلاح ليزر يمكنه إسقاط الطائرات المسيرة بأعداد كبيرة وبتكلفة أقل كثيرا من تكلفة منصات الدفاع التقليدية ضد المسيّرات، إذ يمثل نظام تدمير الطائرات المسيرة، الذي يُسمى “بلوك- وان” (Block-I)، انطلاقة مشروع “حرب النجوم” (Star Wars) الذي تنفذه سول بهدف التسلح بالليزر، وفقا لما جاء في بيان أصدرته إدارة برنامج المشتريات الدفاعية التي تتولى عمليات الشراء والتطوير والإنتاج العسكري.
وفي عام 2019، أطلقت وكالة التطوير الدفاعية، التي تمولها كوريا الجنوبية، هذا المشروع لتسليح الليزر بتكلفة بلغت 63.4 مليون دولار، وتعاقدت الوكالة مع شركة “هانوا” الكورية الجنوبية لتصنيع هذا السلاح. وبالرغم من تطوير عديد من الدول لأسلحة الليزر، ومنها أميركا وبريطانيا وإسرائيل وتركيا وألمانيا واليابان، فإن كوريا الجنوبية ستصبح أول من يطرحها على نطاق واسع.
كذلك، أضافت الإدارة أن منصة “بلوك- وان” تعمل بتقنية إطلاق أشعة الليزر من مصدر الضوء المتولد من الألياف البصرية، مما يمنح السلاح دقة أكبر في استهداف الطائرات المسيرة الصغيرة والسريعة من مسافة قريبة.
مع هذا، تخطط الإدارة لتطوير نسخة أكثر قوة من هذا النظام الحالي، باسم “بلوك- تو” (Block-II)، وتوقعت أنها “ستغير قوانين اللعبة” في المستقبل، إذ ستعزز النسخة القادمة قوة شعاع الليزر إلى مئات الكيلووات، بهدف إسقاط أهداف أكبر، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات الحربية التقليدية.
ربما لا يحتاج الأمر إلى إطلاق صواريخ ضخمة لتدمير طائرة مسيّرة، فالتشويش على أنظمة التحكم والملاحة الخاصة بالمسيرة يكون كفيلا بإبطال مفعولها، وهنا يمكن لشعاع الليزر إنجاز هذه المهمة.
وعملياً، يستطيع شعاع ليزر قوي بالقدر الكافي أن يؤثر على أي جهاز إلكتروني، مما يؤدي إلى توقفه عن العمل.
وحسب بيان الإدارة، فإن منصة “بلوك- وان” نجحت في تدمير 100% من أهدافها خلال اختبار عسكري بالذخيرة الحية، وهذا قبل أن تُمنح الضوء الأخضر لاستخدامها في ساحة القتال العام الماضي، ويُفترض أن شعاع الليزر في هذا السلاح سيصهر جسم الطائرة المسيّرة ويحرق الإلكترونيات داخلها.
لم يُختبر هذا السلاح بعد في سيناريوهات عسكرية حقيقية، لكنه يتزامن مع انتشار الطائرات المسيّرة الرخيصة في ساحات القتال المشتعلة عالميا، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمعارك الحدودية مع حزب الله اللبناني.
ومع الانتشار الهائل للطائرات المسيّرة التجارية الرخيصة التي تُستخدم في أغراض عسكرية خاصة بعد حرب أوكرانيا، والتي تنتج معظمها شركات صينية، كان لا بد للدول المنافسة من تسريع عملية إنتاج سلاح مضاد لمواجهة هذه الأسراب الصينية الهائلة التي احتلت سوق الطائرات المسيّرة عالميا.
وتمكّنت المنظومات الدفاعية التقليدية من التصدي لبعض هذه الطائرات المسيّرة، ولكن مقابل تكلفة أعلى كثيرا. في حين أن أنظمة الليزر ستوفر -نظريا- سلاحا يتصدى لهذه المسيّرات، لكنه سلاح أرخص وأكثر استدامة.
ومقارنة بالصواريخ التقليدية المضادة للمسيّرات، تتمتع أنظمة الليزر العالية الطاقة بعدة مزايا إستراتيجية، أولاها أن تكلفة تشغيلها أرخص بصورة ملحوظة. مثلا، لا يتطلب عمل المنصة الجديدة “بلوك- وان” سوى الطاقة الكهربائية، وتطلق أشعة ليزر صامتة وخفية تكلف 1.45 دولار فقط لعملية الإطلاق الواحدة. للمقارنة في سياق منصات دفاعية أخرى، فإن منصة إطلاق الليزر أرخص كثيرا من صاروخ “تامير” الإسرائيلي، الذي تبلغ تكلفته 40 ألف دولار، في منظومة القبة الحديدية لجيش الاحتلال. وهي أرخص للغاية من صواريخ “ستينغر” أرض- جو التي تنتجها شركة الأسلحة الأميركية رايثيون، إذ تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد 480 ألف دولار.
تضخّ كل تلك الدول المتنافسة استثمارات ضخمة في أنظمة أسلحة الليزر، لأن مثل هذه الأنظمة تحمل في طياتها القدرة على قلب الحسابات العسكرية والاقتصادية للحروب الحديثة لصالح من يملكها إذا نجح في تطويرها واستخدمها في أرض المعركة، حسب تقرير من مؤسسة راند البحثية.
من جانبه، ذكر ريموند كو، أستاذ العلوم السياسية في مؤسسة راند البحثية، لصحيفة نيوزويك أن “المركبات بدون طيار ستصبح جزءا أساسيا من أي حرب مستقبلية، إذ يمكنها تغطية مناطق العمليات بالأهداف، وأن تؤدي دور الفخاخ المضللة، أو تنفذ مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، أو حتى شن غارات جوية”.
وذكر أن “الجيوش التي ستتمكن من تدمير طائرات العدو المسيّرة في الوقت الذي تحمي فيه طائراتها ستضمن أفضلية ميدانية مهمة، وبإمكانها تقليل الخسائر البشرية”. (الجزيرة نت)