أطنانٌ من المستلزمات الطبية المخصصة لمعالجة إصابات الحرب، سُلّمت لوزارة الصحة اللبنانية خلال اليومين الماضيين، بهدف دعم القطاع الصحي وتمكينه وتجهيزه، لاستقبال العدد الأكبر من المصابين، في حال توسعت رقعة الحرب، وطال الاستهداف الإسرائيلي العاصمة بيروت.
مساعدات طارئة
قُدمت هذه المستلزمات الطبية على دفعتين. وهي عبارة عن “مساعدات طارئة” من منظمة الصحة العالمية، تتضمن الأدوات الطبية التي تستعمل خلال العمليات الجراحية ولوازم طبية لمعالجة كافة أنواع جرحى الحرب، ويطلق عليها اسم (TRAUMA KITS). وحسب وزارة الصحة، فقد وزعت هذه الشحنات على مجموعة من المستشفيات.
ومع تطور الأحداث العسكرية في جنوب لبنان، بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وضعت وزارة الصحة “خطة الطوارئ”. وذلك تحسبًا لأي تصعيد عسكري مفاجئ. هذه الخطة تضمنت الخطوات والإجراءات التي ستنفذ داخل المستشفيات، في حال تطوّر الوضع العسكري في جنوب لبنان، ليشمل مختلف الأراضي اللبنانيّة. كما هدفت هذه الخطة إلى توسيع القدرة الإستيعابية لأقسام المستشفيات كي تكون مستعدة لاستقبال العدد الأكبر من الجرحى ومعالجتهم.
مناورات وتدريبات
وحسب رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة العامة، هشام فواز، في حديث خاص لـ”المدن”، “فإن وزارة الصحة تستكمل التحضيرات والإجراءات لرفع جهوزية القطاع الصحي الرسمي والخاص، استعدادًا لأي حرب إسرائيليّة”. كما أجرت وزارة الصحة مناورات لأكثر لأكثر من 112 مستشفى متوزعة في العاصمة بيروت، جبل لبنان، جنوب لبنان، والبقاع. وهذه المناورات تحاكي توسع الحرب وارتفاع عدد المصابين بشكل كبير. والهدف منها تدريب وتجهيز الطواقم الطبية داخل المشافي للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الجرحى أثناء الحرب.
وأهمية هذه المناورات أنها تساعد المستشفيات على الاستجابة السريعة لجرحى الحروب، ويصبح القطاع الصحي جاهزًا للتعامل مع المصابين خلال الأوضاع الأمنية الحساسة. وحسب كلام فواز، “فإن المستشفيات المتواجدة في الضاحية الجنوبية استفادت بشكل كبير من هذه المناورات، وتمكنت من استقبال جرحى وضحايا الاستهداف الإسرائيلي الأخير في حارة حريك بشكل أسرع”.
وأضاف فواز، “إن مخزون المستلزمات الطبية داخل وزارة الصحة الموزع على المشافي الخاصة والحكومية يكفي للمرحلة المقبلة. ولكنه يرتبط بشكل مباشر بعدد الجرحى وبمدة الحرب المتوقعة ونوعيتها”.
كلام فواز يعني أن المخزون متوفر داخل المستشفيات ولا حاجة للخوف أو الهلع. ولكن في حال اندلعت حرب شاملة شبيهة بتلك الحاصلة في غزة، وأقفلت المعابر البحرية والجوية، وبدأ الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات، فالمؤكد أن القطاع الصحي سينهار تلقائيًا، ولن يتمكن من الصمود أبدًا.
جهوزية القطاع الصحي
في المستشفيات الخاصة، نظمت دورات تدريبية للطواقم الطبية وجميع الموظفين، لتعليمهم طرق استقبال العدد الأكبر من جرحى الحرب، وأساليب تنظيم قسم الطوارئ في المستشفيات، وكيفية توزيع الجرحى داخل الغرف والأقسام. وأفاد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، في حديثه لـ”المدن”، “إن مخزون المستلزمات الطبية والأدوية داخل المستشفيات الخاصة يكفي لأكثر من 3 أشهر”. مؤكدًا أن المستشفيات الخاصة ستكون جاهزة لاستقبال أكثر من 7000 جريح. كما أن الخطط التي وضعت طيلة الفترة الماضية ستجعل من القطاع الصحي أكثر جهوزية عما كان عليه في حرب تموز العام 2006.
توفر الأدوية
والخوف من توسع الحرب الإسرائيليّة وتكرار تجربة حرب تموز العام 2006، دفع بشريحة من المواطنين إلى شراء أدويتهم الشهرية وتخزينها، خوفًا من انقطاعها من السوق المحلي. وتعليقًا على هذا الأمر، طمأن الدكتور جو سلوم، نقيب الصيادلة في لبنان، في حديث خاص لـ”المدن” جميع المرضى، قائلًا: “إن الأدوية متوفرة داخل الصيدليات والحالة طبيعية حتى الآن”. لافتًا إلى أن الصيدليات لم تشهد خلال الأيام الماضية تهافتاً كبيراً على تخزين الأدوية. إنما اقتصر الأمر على بعض الحالات الفردية لأشخاص قرروا شراء عبوات إضافية من أدويتهم الشهرية، خوفًا من فقدانها، ولكن بنسبة خفيفة.
وتابع سلوم، “إن القدرة الشرائية للمواطنين لم تعد تسمح لهم بتخزين الكثير من الأدوية في منازلهم. لذلك يتجه المرضى إلى شراء عبوتين أو ثلاثة كحد أقصى من الدواء الواحد”. وللحد من هذه الأزمة، فقد فرض سلوم العديد من الإجراءات على الصيدليات لمنع المواطنين من شراء الأدوية بكميات كبيرة، وذلك تجنبًا لتخزينها وتخبئتها من أجل بيعها في السوق السوداء في حال اندلاع حرب شاملة.
إذن، مخزون الأدوية داخل الصيدليات يكفي لأكثر من خمسة أشهر، وما من خوف من انقطاع الأدوية. لكن المشكلة الكبرى، حسب سلوم، أن الأدوية المدعومة ليست متوفرة، كما أن أدوية الأمراض المزمنة ليست متاحة، تحديدًا تلك التي تستورد من خارج الأراضي اللبنانية.
ووفقًا لكلام سلوم، ففي حال اندلاع حرب شاملة، قد يكون هناك صعوبة في الحصول على الأدوية من خارج لبنان، خصوصًا أدوية مرضى السرطان.
فرح منصور – المدن