الجميع في وضعية ترقب وانتظار ثقيلين لما ستؤول اليه تطورات الاوضاع في لبنان والمنطقة، في ظل التعقيدات الدولية، وارتباط ساحاتها من كييف الى “تل ابيب” وما بينهما، في لعبة باتت “عالمكشوف” بين واشنطن وموسكو، دفعت بالاخيرة الى التحرك باتجاه طهران لضبط النفس، حماية لمصالح روسيا الاستراتيجية في المنطقة، بعدما كانت من اول الساعين الى تفجير الحرب الكبرى في المنطقة، وفقا لتقارير استخباراتية غربية.
وبمعزل عما اذا كان ما يبث من “اخبار زهرية”عن تراجع حظوظ الحرب خلال الساعات الماضية، استنادا الى موعد 15 آب ودقة ما يمكن ان يحققه من خرق، او الزيارات المكوكية الى طهران من سرية او علنية، وفي الوقت المستقطع الذي سمح للبنانيين المغتربين والاجانب الزائرين بالمغادرة جوا او بحرا، والمقيمين بالتحوط والتموين استعدادا للحرب كما درجت العادة، مزيد من الاستعدادات الرسمية للسيناريوهات المحتملة من قبل حكومة تصريف الاعمال، على قاعدة “عا قد بساطك مد اجريك”، وفقا لمصادر وزارية، مشيرة الى ان التركيز محصور راهنا بنقاط ست اساسية، بعدما سلمت بيروت على الصعيد الديبلوماسي والسياسي، وهي:
– في موضوع إيواء النازحين وكيفية تحسين وتجهيز مراكز الإيواء، خصوصا في حال وصول اعدادهم الى الارقام التي بلغتها عام 2006، علما ان المسجل حتى الساعة تخطى مئة الف نازح، توزعوا على مناطق محددة. وتكشف المعطيات انه في حال توسع دائرة الصراع، فان لبنان بحاجة الى حوالى مئة مليون دولار لسد حاجات النازحين، لم تنجح الحكومة حتى الساعة في تأمين اكثر من 30% منها على سبيل مساعدات من الخارج، وسط محاذير الصرف من الاحتياطي، خصوصا في حال طالت المواجهات.
وتكشف الخطة، ان التعويل الاكبر متروك لهيئات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية، فضلا عن قوى الامر الواقع من احزاب الحور وحلفائه، التي فعّلت لجان النزوح لديها.
– في الموضوع الصحي وخطة الطوارئ التي تعمل عليها وزارة الصحة ، تبين ان القطاع الصحي قادر على الصمود لاربعة اشهر، في ظل الاوضاع التي يعانيها القطاع من نقص في الكادر الطبي من اطباء وممرضين، فضلا عن لوجستيات المستشفيات الاساسية، وهو ما دفع بمنظمة الصحة العالمية الى التجاوب مع المطالب اللبنانية، وارسال دفعة مساعدات عاجلة من مواد اساسية تحتاجها المستشفيات في حالة الحرب.
اما على صعيد الدواء وتأمينه، فقد تم وضع خطة بالتعاون مع المعنيين من صيادلة ومستوردين، لضبط عمليات بيع الدواء وتخزينه، وتأمين استمرارية تزويد المواطنين خصوصا بادوية الامراض المزمنة.
– في ملف الغذاء، ووفقا لمسح وزارة الاقتصاد يسمح المخزون المتوافر بالصمود لثلاثة اشهر، وقد اعطيت التعليمات للاجهزة المعنية في مرفأ بيروت بالاسراع في معاملات اخراج المواد الغذائية الموجودة في المرفأ الى مخازن المستوردين.
تبقى مشكلة الطحين وتوزيعه، والتي تحتاج الى دراسة اشمل، وفقا لحاجات المناطق وثقل النزوح في كل منها، دون اغفال وجود النازحين السوريين.
– اما في ما خص القطاع النفطي فان المخزون الموجود كاف لتأمين حاجة لبنان لحوالى الشهر والنصف، في ظل تراجع كميات استهلاك البنزين خلال الاسبوع الماضي بمعدل ال 36%، وارتفاع معدل استهلاك المازوت للمولدات، نتيجة تراجع التغذية بالكهرباء من قبل شركة كهرباء لبنان. وفي هذا الاطار علم ان الخطة الرسمية تشمل وضع جدول بالجهات التي لها الاولوية في تأمين المحروقات، من مستشفيات وافران وغيرها من القطاعات الحيوية.
– على صعيد الاتصالات، وضعت “اوجيرو” وشركتا الخليوي، خطط طوارئ لادارة القطاع وخدمات “الانترنت”، حيث تم تأمين مصادر احتياط لتأمين عدم عزل لبنان عن العالم، مع افضلية تأمين هذه الخدمة للقطاعات الحيوية، وسط التقديرات بان يكون قطاع الاتصالات احد ابرز الاهداف في البنك “الاسرائيلي” في حال الحرب الشاملة.
– اخيرا على الصعيد الامني، تقرر استنفار القوى العسكرية والامنية كافة، وتفعيل العمل الامني الاستباقي، لتلافي أي احتكاكات في مناطق الايواء او أي اعمال قد تؤدي الى فتنة، خصوصا ان ثمة مخاوف كبيرة في حال طالت الحرب ولم تحقق “اسرائيل” أي انجاز فيها، ان تعمد الى استخدام ورقة النزوح السوري وتفجير الوضع في الداخل، ما قد يشكل “مقتل” لحزب الله، واضعافا لجبهته، خصوصا ان الاتصالات مع الحكومة السورية لم تنجح في التخفيف من ثقل هذا الملف على الكاهل اللبناني.
على اي حال، اوساط ديبلوماسية غربية نصحت بعدم الاتكال على الخارج هذه المرة، لان المطالب الدولية واضحة، وان أي حرب ستكون كـ “عض اصابع”، والكلمة الفصل لمن يقول “الآخ” اولا. فالعالم حدد تموضعه الى جانب “اسرائيل”، والسلطات اللبنانية تبلغت هذا القرار عبر كل القنوات الرسمية وغير الرسمية.
ميشال نصر- الديار