غزة والضفة الغربية.. عنوان الصمود في مواجهة الطغيان الصهيوني
مع مرور أكثر من 10 شهور على حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني على غزة والضفة الغربية، تتجدد في قلوب وذاكرة الأمة العربية وأحرار العالم تلك المشاهد المأساوية واللحظات العصيبة التي تركت جراحا عميقة لا تزال مفتوحة. لم تكن تلك الحرب مجرد معركة عابرة في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل كانت فصلا داميا من فصول الاحتلال، حيث سعى العدو الصهيوني من خلاله إلى محو الشعب الفلسطيني من الوجود وإخماد روح المقاومة، لكنه لم يدرك أن النار التي أشعلها ستظل مشتعلة في قلوب الملايين حول العالم، تلهب شعلة النضال الفلسطيني وتؤججها أكثر.
في الضفة الغربية، شهدت جنين ملحمة صمود أسطورية، حيث تحولت شوارعها وأزقتها إلى ميادين للشجاعة والمقاومة. واجه أهالي جنين بصدور عارية وقلوب مليئة بالإيمان قوات الاحتلال المدججة بأحدث أنواع الأسلحة، مصممين على الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم. كل بيت في جنين، وكل زاوية من زوايا المخيم، كانت تشهد ولازالت على التضحيات الكبرى التي قدمها الشعب الفلسطيني في سبيل الحرية. لم تكن جنين مجرد مدينة أو مخيم؛ كانت ولا تزال رمزا للشجاعة والتحدي في وجه الطغيان، تجسد إرادة الشعب الفلسطيني في عدم الخضوع والاستسلام مهما كانت التضحيات.
أما غزة، فقد كانت عنوانا للبطولة والصمود في وجه آلة الحرب الصهيونية. تتعرض غزة يوميا لقصف وحشي لم تستثنِ فيها قوات الاحتلال شيئا، حيث طال القصف البيوت والمدارس والمستشفيات، وسعى العدو من خلال تلك الهجمة إلى كسر إرادة سكان غزة وإخضاعهم، لكن غزة كما عهدناها دائما لم تنكسر. على الرغم من كل الدمار والخسائر، استطاعت غزة أن تثبت للعالم بأسره أن المقاومة ليست خيارا بل واجبا. أهل غزة، بصمودهم وتصميمهم على التمسك بحقوقهم وأرضهم، وجهوا رسالة واضحة إلى الاحتلال وإلى العالم بأنهم لن يتركوا أرضهم ولن يستسلموا مهما كانت الظروف.
لقد كان الاحتلال يعتقد أن هذه الحرب ستكون نهاية المقاومة، وأنها ستخمد شعلة النضال الفلسطيني للأبد، لكن ما حدث كان عكس توقعاتهم تماما. لم تتوقف المقاومة، بل ازدادت قوة وانتشارا. الشعب الفلسطيني، في الضفة وغزة وفي الشتات وأحرار العالم، أدركوا أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض واستعادة الحقوق. ومع اقتراب مرور عام على طوفان الاقصى، تستمر روح المقاومة في التأجج، لا سيما بين الشباب الفلسطيني الذي ورث عن أجداده حب الوطن والاستعداد للتضحية من أجله.
اليوم، ومع اقتراب عام على حرب الإبادة الجماعية، يعيش الشعب الفلسطيني آثارها اليومية، سواء في الضفة الغربية أو في غزة، من الدمار والحصار، لكن الإرادة لم تنكسر. غزة والضفة الغربية اليوم هما رمزان للصمود والتحدي في وجه الطغيان، وصوت فلسطين لا يزال يدوي في أرجاء العالم، يذكر الجميع بأن الحق الفلسطيني لم يمت، وأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما طال الزمن.
ومع اقراب عام على الحرب المأساوية تذكرنا جميعا بواجبنا تجاه فلسطين وشعبها. إن الدعم للشعب الفلسطيني ليس مجرد موقف سياسي، بل هو واجب إنساني وأخلاقي. إن استمرار الصمت الدولي على جرائم الاحتلال هو مشاركة في الجريمة، لكن الشعب الفلسطيني يعلم أن هناك من يقف إلى جانبه، من يؤمن بعدالة قضيته، ومن يواصل دعمه في نضاله من أجل الحرية وإقامة الدولة.
إن حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال الصهيوني على غزة والضفة الغربية لم تكن سوى حلقة من حلقات الصراع الطويل بين الحق والباطل، لكنها أكدت من جديد أن الحق لا يموت، وأن الشعب الفلسطيني سيظل صامدا في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضده. غزة والضفة الغربية ستبقيان رمزين خالدين للصمود والتحدي، والحق الفلسطيني سيظل حي في قلوب الملايين من أحرار العالم، الذين ينتظر يوم النصر والتحرير.