عمر الراسي – “أخبار اليوم”
بعد “الاثنين الاسود”، في 5 الشهر الجاري، خيمت ظلال سلبية على الأسواق العالمية بسبب مخاوف من حدوث أزمة اقتصادية في ضوء تقارير سلبية عن بيانات التوظيف الاميركية التي انخفضت إلى مستويات أقل من المتوقع خلال تموز الفائت، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريبًا.
هذه المعطيات، دفعت الى الكلام عن تراجع قيمة الدولار على المدى المنظور بسبب مضاعفة كمية طباعة العملة في الولايات المتحدة الاميركية لتغطية العجز… فما حقيقة هذه المعطيات؟ وما تأثير انخفاض قيمة الدولار على دول العالم و لبنان الذي يقوم اقتصاده على العملة الخضراء.
خبير اقتصادي مالي، يقول عبر وكالة “اخبار اليوم” ، العجز السنوي في الموازنة الاميركية يصل الى تريليون دولار، الدين العام في ارتفاع مستمر، ولكن اذا سقط الاقتصاد الاميركي سيؤدي الى انهيارات في اقتصادات العالم، فمع هبوط قيمة الدولار تهبط قيمة كل العملات، اذ ان الولايات المتحدة تمول عجزها (اكان في الموازنة او في الميزان الجاري) بواسطة الاستثمارات الخارجية.
ويشرح الخبير عينه ان الهبوط والارتفاع امام عملة اخرى، هو مجموعة ارقام تذبذب امام رقم معين، فعلى سبيل المثال اليورو يساوي اليوم 1.1 دولار، علما انه منذ اطلاق اليورو في العام 1999 ولغاية اليوم فان ارتفاعه او انخفاضه لا يتجواز 1 او 2 % امام الدولار.
ويضيف: الطبع يؤدي دون ادنى شك الى خفض قيمة الدولار، لكن السؤال الاساسي: “مقابل ماذا؟” فالدولار موجود في كل اقتصادات العالم.
وهنا، يتابع الخبير عينه: الصين تحمل ما قيمته تريليون دولار من سندات اميركية، واليابان ايضا بمبلغ اقل بقليل، وايضا المملكة العربية السعودية تحمل مبلغا لا يستهان به، وبالتالي هبوط الدولار يهبط معه كافة العملات.
ويذكر ان 60 % من المعاملات المالية والتجارية في العالم تتم بالدولار، و 60% من احتياطات المصارف المركزية العالمية هي بالدولار، 60% من الاستثمارات العالمية موجودة في بورصة نيويورك. لذا عند اي هزة اميركية فان العالم باسره سيحمل العجز الاميركي والتضخم الاميركي، فعلى سبيل المثال اذا حصل تضخم في اميركا تنخفض قيمة الدولار، لكن تلقائيا ترتفع اسعار النفط، وبالتالي ينعكس على اسعار المحروقات وبالتالي الشعوب كافة تدفع ثمن التضخم الاميركي.
لذا، يجزم الخبير ان الامر الوحيد الذي يمكن ان يعتبر انخفاضا هو الدولار مقابل الذهب الذي “قيمته منه وفيه” اي انه ليس عملة مقابل عملة او اقتصادات.
وهل الصين هي من المتضررين على الرغم من انها باتت تشكل قوة اقتصادية عالمية، يجيب: انها تحمل كمية كبيرة من سندات الخزينة الاميركية، هناك نسبة من الاحتياطي في البنك المركزي الصيني بالدولار، لذا انخفاض الدولار يؤدي تلقائيا الى تراجع في الاقتصاد الصيني.
لذا يرى الخبير عينه انه حتى اعداء اميركا ليس لديهم مصلحة في انهيار الدولار، مشيرا الى ان نزع الدولار من الاقتصاد العالمي يحتاج اقله الى اربعين سنة، هذا اذا وجدت العملة التي تستطيع ان تحل مكانه، بمعنى آخر “انظمة العالم كله تقف على الدولار”.
اما على المستوى اللبناني، فيرى الخبير ان الكلام عن تأثير طبع الدولار على الداخل لا يعدو كونه شائعات قد تقف وراءها جهات مستفيدة من اجل دفع الناس الى بيع دولاراتها، او بهدف رفع سعر الذهب في لبنان بعد الهجمة على شراء قونصات الذهب. ويقول: على الرغم من ان قيمة الذهب هي دائما في ارتفاع، الا انه في ايام الحروب والأزمات اكثر ما يفيد هو توفر العملة “الكاش” بيد الناس، كي تستطيع ان تتدبر امرها بشكل سريع…
وفي الخلاصة، يختم الخبير المالي: الدولار قد تنخفض قيمته نتيجة الطبع وهذا امر صحيح، ولكن دون اي مقابل وذلك لسببين اساسيين:
اولا: العالم ككل يموّل العجز الاميركي (عجز الموازنة او عجز الحساب الجاري).
ثانيا: العالم بأسره بحاجة لاميركا واقفة على رجليها.