أثار قرار الجزائر تزويد لبنان كميات من الوقود لتشغيل المحطات بعد غرق قطاعات عدة في العتمة “نقطة ضوء”، بعدما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان السبت انقطاع التيار الكهربائي في شكل كامل على مستوى لبنان، بما فيه المرافق الحيوية مثل المطار والمرفأ.
وأوضحت الجزائر أن القرار جاء بمبادرة من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي أمر بتزويد لبنان “فوراً” كميات من النفط، لمساعدته على تجاوز أزمته الطاقوية خلال الظروف الاقتصادية العصيبة التي يمر فيها.
الواضح أن الجزائر حريصة على إبعاد أي طابع سياسي عن هذه المبادرة، وقد أدرجتها في خانة المساعدات الإنسانية لبلد يعاني أزمة تطاول كل لبناني.
ولكن منذ الإعلان عنها كثرت التكهنات والتساؤلات، خصوصاً أن هناك دعوى قضائية على خلفية “الفيول المغشوش” بين الدولة اللبنانية و”سوناطراك” التابعة للدولة الجزائرية.
ورجحت مصادر لبنانية أن يكون القرار الجزائري جاء بتنسيق بين الجزائر وإيران لدعم “حزب الله” في إطار تعاون إستراتيجي وعسكري يجمع البلدين.
إلا أن وزير الطاقة وليد فياض لا يرى في المبادرة تدخلاً إيرانياً بقدر ما يعتبرها محاولة لدعم الصمود في لبنان، وتبديد أي هاجس لعدم الاستقرار بسبب الطاقة. وقال لـ”النهار”: “في ظل طبول الحرب التي تقرع في المنطقة، يجب أن تكون لدينا مصادر للطاقة تساعد الاستقرار”. وأضاف: “بعدما تحدث رئيس الحكومة الجزائري مع رئيس الحكومة اللبناني، اتصل بي وزير الطاقة فرحبت بالأمر”.
ولماذا لم تدعم الجزائر لبنان سابقاً في مجال النفط؟ أجاب: “ربما لم يكونوا على علم أن وضع لبنان دقيق إلى هذه الدرجة”، مشيراً إلى أن لا علم له بأي خلفية أخرى للمبادرة.
وكانت العقوبات الأميركية على إيران اضطرت طهران إلى اعتماد مسارات عدة ملتوية لبيع نفطها، منها بيعه في بورصات لا سلطة أميركية عليها، ولا تتعامل بالدولار مثل بورصة شنغهاي، وتحويل النفط إلى أفراد أو شركات إيرانية عبر بورصة طهران، ونقل النفط الإيراني إلى دول أخرى، بينها الجزائر، ليباع النفط باسمها لا باسم إيران، إضافة إلى وسائل أخرى.
وكانت طهران أمدت لبنان عام 2021 بالنفط، الأمر الذي أثار انتقادات داخلية للنظام، في ظل أزمة اقتصادية حادة تعانيها إيران.
العراق
وبلغت أزمة الكهرباء ذروتها في لبنان مع وقف شركة تسويق النفط العراقية “سومو” تصدير الفيول إلى لبنان لعدم تسديد الأموال المستحقة للسنة الثانية.
ويرفض مصرف لبنان صرف الاعتمادات المالية اللازمة لشحنات الوقود المستوردة لمحطات الكهرباء إلا بموافقة مجلس النواب بحسب القانون، حيث يعطل “حزب الله” اضطلاع المجلس بدوره لأسباب سياسية.
وكان فياض أوضح أنه “بحسب المراسلات الرسمية بين الإدارات اللبنانية (الطاقة، المال)، لم يحول مصرف لبنان سوى 118 مليون دولار إلى حساب المصرف العراقي، وبعدها توقف المصرف المركزي عن تحويل الأموال المستحقة لأربع شحنات فيول، قيمتها 132 مليون دولار عن العام 2023”.
وتابع: “اشترط (المصرف المركزي) لتنفيذ التحويلات، صدور قانون عن مجلس النواب لتغطيتها، وإدراج الاعتمادات في موازنة عام 2024، علماً أن عدد الشحنات المتسلَمة والمستحقة للدفع لعام 2023 بلغ 8، وهناك 12 شحنة أخرى خاصة بالعام 2024 وصلت منها اثنتان، إلا أن ثمنهما لم يستحق بعد”.
وكان لبنان وقّع مع العراق اتفاقاً في تموز (يوليو) 2021 لاستيراد مليون طن من وقود الفيول لتخفيف أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى لبنان محملة 31 ألف طن من هذه المادة في 16 أيلول (سبتمبر) 2021.
النهار