يُعتبر النفط مادةً أساسيةً وضروريةً لمختلف البلدان والقطاعات والأفراد، ويجري تداوله كسلعة عبر عقود آجلة. وكغيره من السلع، يتأثّر بقانون العرض والطلب وسعر الفائدة والاستقرار السياسي، إلى جانب تبعات الكوارث الطبيعية ومنظمة “اوبك”. فكيف تؤثّر التوترات الجيوسياسيّة في الشرق الأوسط ومخاوف الطلب على أسعار النفط العالميّة؟
أكّد الباحث والخبير الاقتصادي محمود جباعي أن “التوترات الجيوسياسية التي تحدث في الشرق الأوسط تنعكس جداً على أسعار النفط العالمية، والمخاوف هي السبب الرئيسي في محاولة كلّ الدول الكبرى ودول المنطقة لاستبعاد الحرب الشاملة، لأنها في حال حدثت ستؤثّر كلياً على خطوط إمدادات النفط بكل أنواعه لدول العالم، وخصوصاً بعد إقفال باب المندب الذي أثّر بطريقة محدودة على النفط، إلا أن مضيق هرمز هو أساس اللعبة كلّها”.
وتابع جباعي، في حديث عبر موقع mtv، أن “22 مليون برميل نفط يمرّون يوميّاً عبر جزر هرمز الثلاث مع المضيق، أي أكثر من 21 في المئة من حجم تجارة النفط عالمياً. وهذا الرقم كبير جداً بتأثيره على السوق العالميّة”.
وأضاف أن “85 في المئة من نفط الشرق الأوسط يمرّ عبر مضيق هرمز، وبالتالي سيكون هناك تأثير عالي جداً على دول آسيا والدول الصناعيّة الكبرى، ويُمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار يصل الى حوالى 30 في المئة في حال أي إقفال لهذا السوق”.
وأكّد أنه “في حال حدوث حرب شاملة وإقفال مضيق هرمز والبحر المتوسط، تتوقف إمدادات النفط، وعندها سنكون أمام مشكلة كبيرة في أسعار النفط عالمياً”، لافتاً إلى أن ” لبنان في قلب العاصفة وسيكون أيضاً من ضمن المتأثّرين في منطقة البحر المتوسط، وفي حال ارتفاع أسعار النفط عالمياً، سترتفع الأسعار تلقائيّاً في لبنان، مع خطر أكبر عليه إذا كان ضمن دائرة الصراعات، ليس فقط من ناحية الأسعار إنما أيضاً من ناحية الكميات”.
كما أشار إلى أن “الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط هي الأكثر تضرراً إلى جانب أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وسيؤدّي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة التضخّم العالمي، وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ساهمتا في ارتفاع معدلات التضخّم كثيراً في العالم والدول الكبرى تعدّ لسياسات عدّة للحدّ من هذا التضخّم والقدرة الشرائية للمواطنين”.
وتمنّى ألا تتوسّع هذه الحرب لأنه سيكون لها ضرر اقتصادي على الجميع من دون استثناء، قائلاً: “لا مصلحة لأحد بأن يذهب إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، مما سيؤثّر على الحركة الاقتصادية سواء بالنفط أو بالغاز أو بالمواد الغذائية والتضخّم المالي العالمي”.
ودعا جباعي الجهات المعنيّة إلى الانتباه للتخزين في حال حدوث حرب شاملة لأننا سنعود إلى مشكلة الاحتكارات والأسعار المرتفعة، منوّهاً بالإجراءات التي تقوم بها وزارة الاقتصاد ومديرها العام والاجتماعات الدوريّة التي يقوم بها مع تجّار النفط من الخارج والبنزين والمازوت، وتحديد طريقة التعامل وخطة طوارئ في هذا الموضوع، بالإضافة الى التشديد على ضرورة وجود كميات كافية للجميع في مختلف المناطق اللبنانيّة.
وإذ يشهد سوق السيارات الكهربائية إقبالًا كبيرًا عالميًّا، إلّا أنّ جملة معوقات تحول دون انخراط اللبنانيين في هذا التحوّل، منها وفق قزّي أنّ “سعر البنزين في لبنان لا يزال أدنى من دول أخرى وبالتالي فإن هذا الامر يجعل السيارات العاملة على الوقود خيار اللبنانيين الأوّل”.
في بلد العتمة، يواجه أصحاب السيارات الكهربائية تحدي الكهرباء، خصوصًا أن المناطق ليست كلّها مجهّزة بمحطات لشحن السيارات الكهربائية. وأشار قزي إلى أنّ السيارات الكهربائية الموجودة في المعارض تُباع من دون كفالة علمًا أنّ اللبناني يفضّل تلك المكفولة لـ4 أو 5 سنوات”. وأضاف: “ناهيك عن مشكلة الكهرباء والكفالة وغلاء سعر بطارية السيارة، لا نزال في لبنان غير مؤهّلين لتصليح هكذا أنواع من السيارات، لا على صعيد الميكانيكيين ولا حتى قطع الغيار”.
يبتعد الأشخاص عن شراء بعض أنواع السيارات المستعملة نظرًا لأنّ سوق بيعها بطيء وتخسر الكثير من سعرها، وهذا تمامًا ما سيحصل مع السيارات الكهربائية كون بطاريتها تستهلك كثيرًا وسعرها مرتفع جدًّا. ولذلك، يجزم قزّي أنّ الأشهر والسنوات المقبلة لن تشهد قفزة نوعية في سوق السيارات الكهربائية ولن تكون الأكثر مبيعًا في لبنان.
mtv