عاد يتردّد من جديد الكلام عن إمكانية إرتفاع سعر صرف الدولار في السنوات المقبلة، وعملياً هذا ما ورد في تصنيف وكالة “ستاندرد أند بورز” حيث إعتبرت أن إرتفاع سعر الصرف مقابل الليرة اللبنانية في العام 2027 قد يبلغ 151 ألف ليرة للدولار الواحد… إنّما هذه الفرضية واردة، خصوصاً في حال عدم القيام بالإصلاحات اللازمة والتي يُمكن أن تساعد لبنان على النهوض من جديد.
حتماً كلّ من يعرف بالإقتصاد يدرك أن ثبات سعر الصرف في لبنان اليوم هو مرتبط مباشرةً بعدم إستخدام العملة الوطنيّة في الاقتصاد اللبناني، إذ أصبح كلّ شيء مدولراً الى حدّ أن بعض الدكاكين والمحال التجارية الصغيرة وعندما يدفع لها أي شخص بالدولار أصبحت تردّ حتى المبالغ الصغيرة بالعملة الخضراء وهي قد لا تتجاوز العشرة دولارات، نعم الى هذا الحدّ الاقتصاد أصبح مدولراً.
ولكن في نفس الوقت لا ترى مصادر مطّلعة أن “هذا الثبات الذي نراه بالدولار مقابل الليرة ليس دقيقاً، لأن عملياً سعر الصرف يستخدم للشراء من الخارج، فإذا كان يتمّ دفع الأموال والشراء بالدولار فهذا يعني أن سعر الصرف لا يستخدم بالإقتصاد”.
أمام هذا المشهد كلّه أسئلة عديدة تطرح حول السيناريوهات القادمة من أجل استمرار ثبات أو تحرّك سعر الصرف من جديد. وفي هذا الاطار تشير المصادر الى أنّ “الدولة اللبنانية تدفع رواتب موظفيها بالدولار فلن يكون هناك تأثير على سعر الصرف والأساس بالإنفاق بالليرة هو على الأمور بالقطاع العام، وفي اللحظة التي تدفع الحكومة للموظفين رواتبهم بالليرة اللبنانّية سيؤدّي حكما الى إرتفاع سعر الدولار خصوصاً وأن المبلغ سنوياً سيصل الى حوالي مليار و500 مليون دولار ولكن بالعملة الوطنية”.
تذهب المصادر أبعد من ذلك لتتطرّق الى المبالغ التي يجمعها المصرف المركزي جراء شراء الدولار، وترى أنه “قد يكون بهدف التحضير لاستعماله في سيناريوهات محتملة كهذه أو إذا حصل أيّ إشكال في البلد للمحافظة قدر المستطاع على عدم تذبذب العملة الخضراء من جديد”، لافتة في نفس الوقت الى أن “التوجه العام مستقبلاً هو نحو ارتفاع سعر الصرف الدولار مقابل الليرة في ظلّ غياب الحكومة عن القيام بأي اصلاحات بشكل أساسي والتي ستكون هي العامل الرئيسي في تحسين وضع سعر الصرف”، مشيرة أيضاً الى أن “التكهّن بمدى ارتفاع السعر هو غير دقيق أيضا لأنّ أحداً لا يُمكن أن يفعل ذلك”.
في المحصّلة سيناريوهات عديدة تنتظرنا في موضوع سعر الصرف في ظلّ التقاعس الحكومي عن تقديم رزمة اصلاحات والّتي تعتبر الركيزة الأساس لاتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ولكن أيضاً… وأمام هذا كلّه يبقى المشهد الذي سيرسم المرحلة المقبلة ضبابياً، لا سيّما في ظل الوضع الاقليمي المتفجّر، والّذي بالرغم من ذلك حافظت العملة الوطنيّة على ثباتها واستقرارها الذي دام وبقي كذلك منذ أكثر من عام ولا يزال؟ كلّها أسئلة الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عليها!.
باسكال أبو نادر – النشرة