من المفترض أن تصل خلال الأيام المقبلة الشحنة الجزائرية من مادّة الغاز أويل المخصّصة لتشغيل منشآت إنتاج الطاقة والكهرباء اللبنانية، بعدما خرجت عن العمل وأدخلت كلّ لبنان في العتمة التي يأنس بها المسؤولون اللبنانيون، خاصة وهم يرون ما بقي من مفهوم الشعب اللبناني يسقط آخر رهاناته على ما بقي من الدولة وخدماتها، على الرغم من أنّه التزم بصمت دفع التعرفة الجديدة التي فرضتها الجهات المعنية على ما في ذلك من تكلفة وضغط على حياته المعيشية.
شكّلت خطوة اللجوء إلى النفط الجزائري صدمة لدى القيادة العراقية بجميع مستوياتها، سواء القوى السياسية التي عملت على إزالة جميع العوائق المحتملة لاستمرار تزويد لبنان بما يحتاج إليه من هذه المادّة، أو الحكومة بقيادة رئيسها محمد شياع السوداني الذي حرص ويحرص على استمرار هذا التعاون والتأكيد على إبقاء تزويد لبنان بما يحتاج إليه من دون عراقيل.
صدمة عراقيّة من المسؤولين اللّبنانيّين
أكّدت مصادر مسؤولة في الحكومة العراقية لـ “أساس” أنّ الرئيس وفريقه الوزاري المعنيّ وحتى القوى السياسية الداعمة للتعاون النفطي بين العراق ولبنان، فوجئت بالقرار الصادر عن الجهات اللبنانية بالذهاب إلى اعتماد التعاون مع الجزائر في هذا الموضوع.
أضافت هذه المصادر أنّ شحنة من 100 ألف طن من النفط العراقي جاهزة للتصدير إلى لبنان تنتظر القرار اللبناني بالتسلّم لتنطلق من موانئ البصرة باتجاه المنشآت اللبنانية، وأنّ الجانب العراقي أبلغ نظيره اللبناني بأنّ الشحنة جاهزة منذ مدّة طويلة، وكان من المفترض في حال التحرّك اللبناني السريع ووصولها في الوقت المحدّد والمناسب أن لا يدخل لبنان في العتمة.
كذبة الـ20 مليون دولار..
نفت هذه المصادر أن يكون سبب التأخير في انطلاق الشحنة النفطية أسباباً ماليّة، كما تقول بعض الجهات اللبنانية، إذ لم تطالب الحكومة العراقية لبنان بدفع أيّ مبالغ مالية، خاصة أنّ الجميع في العراق متّفق على أنّ عائدات هذه الشحنات تدخل في الحساب المالي المفتوح والخاصّ بالديون اللبنانية، وبالتالي على الجانب اللبناني أن يبحث ويحقّق في موضوع الطلب الماليّ الذي كشفت عنه وزارة الطاقة والبالغ 20 مليون دولار لتسديده كجزء من الديون العراقية.
تحدّثت هذه المصادر عن أنّ اتصالات أجرتها الدوائر المعنيّة في رئاسة الحكومة العراقية بوزير الطاقة اللبناني وليد فياض، وقالت إنّ الوزير اللبناني نفى علمه بوجود هذه الشحنة وأنّها جاهزة للتسليم. في حين أنّ جهات دبلوماسية عاملة في العراق أجرت اتصالات مع الرئاسة اللبنانية الثانية ووضعتها في تفاصيل الأمور، فما كان من الرئاسة الثانية إلا أن أبلغت هذه الجهات بأنّها “أخذت علماً بالموضوع” ووعدت بالمتابعة.
ماذا يحصل في لبنان؟
عبّر الجانب العراقي عن انزعاجه من محاولة تحميله مسؤولية التأخير الحاصل في تزويد لبنان بالغاز أويل المطلوب، خاصة أنّ رئيس الحكومة والوزراء حريصون على تعزيز العلاقات مع لبنان والوقوف إلى جانبه في مواجهة الأزمات التي يعاني منها ومساعدته للخروج منها بأقلّ الخسائر الممكنة، مع الإشارة إلى أنّ المفاوضات التي جرت بين السوداني ونظيره اللبناني نجيب ميقاتي كانت على جانب كبير من الإيجابية، وقد أكّد الجانب العراقي التزامه بما أعلنه من دعم ومساعدة وتوسيع قواعد التعاون في مختلف المجالات.
شدّدت هذه المصادر على أنّ العراق لا يزال وسيبقى ملتزماً بالتعهّدات التي قدّمها للبنان في إطار توفير ما يحتاج إليه من نفط لإنتاج الطاقة الكهربائية، رافضة تحميل العراق مسؤولية هذا التأخير، أو وضع المطالب المالية على جدول التحصيل، خاصة أنّ القيادة العراقية تدرك جيّداً حجم التحدّيات وعمق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، وأنّ المسألة المرتبطة بالمبلغ الماليّ الذي يجري الحديث عنه في لبنان بين وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان لا تعني الجهات العراقية التي لا ترغب بزجّها في سياق الصراعات الماليّة والإدارية والسياسية بين الأطراف اللبنانية، مع التأكيد أنّ هذه المشكلة لن تؤثّر على التزام العراق تجاه لبنان.
ad
حسن فحص – اساس ميديا