مشكلة الكهرباء ترفع حالات التسمم والحل “بسيط”….فضائح ستظهر
دخلت الأزمة في لبنان مرحلة شديدة الخطورة نتيجة انقطاع الكهرباء، وانعكس ذلك تلقائياً على تخزين الأطعمة والمواد الغذائية في المنازل والمطاعم والمحلات الكبرى. أدّت الأزمة الاقتصادية إلى تداعيات طويلة الأمد وأزمات متلاحقة في كلّ القطاعات، وطغى اليوم مشهد التسمّم الغذائي الذي يُشكّل ظاهرة مخيفة في مختلف المناطق.وعادت قضية الأمن الغذائي إلى الواجهة من جديد. هو السيناريو نفسه يتكرر، حالات تسمم جماعية وسط غياب الحد الأدنى من الرقابة الرسمية، حيث اعتاد اللبنانيون على “خبريات” التسمم طوال الموسم الصيفي.
وتحولت موجة التّسمم الأخيرة في لبنان، والمتزامنة مع فصل الصيف والارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، من حالات فرديّة ناجمة عن عوامل الطقس وحساسيّة الأطعمة، إلى حالة من التوجس الاجتماعي العمومي.
آثار هذه الأزمة لا تنتهي، مصالح ومعامل ومصانع، مستشفيات ومطاعم، وكل ما يمكن أن يرتكز على الكهرباء في عمله، يتوقف اليوم في لبنان، وكل قطاع يستهلك آخر ما تبقى لديه من مخزون المازوت ليعلن بعدها الاستسلام للأزمة.
أحدث تداعيات انقطاع التيار الكهربائي، باتت تهدد صحة سكان البلاد وأمنهم الغذائي، إذ رافق الأزمة ازدياد كبير في حالات التسمم الغذائي الناتج عن فساد الأطعمة في المتاجر والمنازل، حتى بات الأمر روتيناً يومياً متكرراً في طوارئ المستشفيات، يرصده أطباء الطوارئ على شكل موجات، ترتفع مع اشتداد أزمة الكهرباء وتنخفض بعد وصول إمدادات المازوت إلى الأسواق.
وبات سماع خبر تعرّض أحدهم للتسمّم الغذائي خبراً اعتيادياً لا بل متوقّعاً، وموضوع تلوّث الطعام ليس جديداً في لبنان بل هو أزمة تعود لعقود ولكن هذه المشكلة ستتفاقم بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء عن المنازل والمطاعم. والمشكلة الأكبر اليوم أنّه ليس كلّ من يصاب بالتسمّم قادراً على تأمين الدواء ولا حتى دخول المستشفى.
تقول اخصائية التغذية سارة نصرالدين إن “انقطاع التيار الكهربائي أو عدم تأمينه لساعاتٍ كافية يؤدّي إلى تكوّن بكتيريا داخل اللحوم والدجاج، ما يسبّب نتائج صحّية سلبيّة”.
وتشرح نصرالدين أنّ “الأطعمة تبقى صالحة للأكل لمدة 4 ساعات بعد انقطاع الكهرباء، ولكن بعد هذه المدّة تفسد بعض الأطعمة، ويجب التخلّص منها فوراً مثل الأطعمة النيئة. لذلك ننصح عادة عند شراء هذا النوع من الأطعمة بطهيها فوراً حتى لا تفسد”.
وأكدت أن “بعض حلات التسمّم لا تظهر سريعًا، وقد تظهر بعد عدّة أيّام على تناول طعام فاسد، لذلك يجب الانتباه عند حصول حالات إسهال، ويجب الانتباه كثيرًا إلى أنّ الخطر الكبير في حالات التسمّم يقع على الجميع، وبالأخص على النساء الحوامل ومرضى السرطان ومرضى غسيل الكلى، فهؤلاء معّرضون أكثر من غيرهم للموت بسبب التسمّم، نظرًا لمناعتهم المنخفضة، ويتفاوت تأثر الأجسام بالتسمم بحسب قوة مناعته، وحيث تتفاوت الأعراض بحسب الكميات أيضاً”.
وتوضح نصر الدين بأنّ “الطارئ اليوم بخصوص سلامة الغذاء أنّنا في بلد مقطوع من الكهرباء ومن الأدوية وإن حصل تسمّم غذائي فله عواقب خطيرة على المريض”. وتشرح بأنّ “الموضوع ليس لإخافة الناس وإقلاقهم إنما بهدف التحذير من مخاطر انقطاع الكهرباء على الغذاء والتي يُمكن توخّيها عبر بعض الإجراءات التحذيرية”.
وتنصح المواطنين بظل أزمة الكهرباء بالإعتماد على المأكولات الطازجة كالخضار والحبوب ومن يتمكن من شراء اللحوم، فالأفضل استهلاكها في اليوم نفسه. والتركيز على المونة التي لا يحتاج حفظها إلى تأمين الكهرباء، مثل المكدوس والمربّى، المجدرة واليخنات، إذ يقلّ خطر التعرّض للتسمّم بسببها. ودعت الناس للانتباه إلى طعامهم، وبخاصة اللحوم منها، ففي حال بقيت اللحوم أو الأجبان والألبان، خارج الثلاجة لوقت طويل ، علينا الامتناع عن تناولها وبخاصة في فصل الصيف نظراً لدرجات الحرارة المرتفعة التي تؤدي إلى نمو البكتيريا بشكل أسرع. كما هناك أيضاً بعض أنواع الفيروسات المعدية .
طوارئ مستشفى اوتيل ديو في بيروت، باتت تسجل يومياً وصول حالات تسمم عدة.
وأكد قسم الطوارئ في المستشفى أنّ “هنالك زيادة في حالات الإسهال التي تظهر عادة في موسم الصيف نتيجة ارتفاع الحرارة، ولكن هذه الزيادة تعود اليوم بسبب انقطاع الكهرباء الذي يؤدّي إلى تكاثر البكتيريا في الأطعمة. ونعرف جيداً أنّه يجب تخزين وحفظ الطعام في حرارة دون الـ5 درجات، خصوصاً الأجبان والألبان واللحوم والدجاج، فهذه الأطعمة في حال كانت تحمل البكتيريا ووُضعت في حرارة منخفضة من شأنها أن تؤدّي إلى تكاثر البكتيريا وتُسبّب التسمّم الغذائي”.
منذ ارتفاع ساعات التقنين، بدأت نجوى تدخل تغييرات على الأطعمة التي تؤمّنها لعائلتها. وقالت “كنت في السابق أشتري اللحوم لما يكفي لأسبوعين، أضعها في الثلاجة. لكنّ تغيّر هذا الواقع منذ فترة، حيث بدأت أشتري حاجتي اليوميّة، فمنذ يومين اشتريت من الدكّان أقلّ من وقية لبنة، وأقلّ من وقية جبنة”.
وأكدت نجوى أن تسمم طفلها جاء من داخل ثلاجتها، فمع إبلاغها بأن الكهرباء دخلت مرحلة انقطاع تام، لجأت إلى طهي كل ما كان قد خزنته في ثلاجتها من لحوم وخضراوات، لتتفاجأ في اليوم التالي بتعرض ابنها لتسمم شديد ادخل على أثرها إلى المستشفى بحالة طارئة بعد عجزهم عن الحصول على الأدوية اللازمة من الصيدليات، وشخصت حالته على أنها تسمم غذائي ناتج عن تناول لحوم فاسدة.
وقالت نجوى أنه “على اللبنانيين أن يعتادوا شراء الكميات التي يحتاجونها فعلياً لكل وجبة على حدة، وأن يتوقفوا عن فكرة التخزين”.
تتوالى مصائب لبنان يوماً بعد يوم، وأصبح سماع الأخبار السيئة طبيعياً، لكن لم يعتد المواطن اللبناني بعد، وما زال يحاول التوجّه إلى السلطة السياسية بالعتاب لعلّها تستجيب، لكن “فالج لا تعالج”
توقّعت مصادر معنية، ظهور الكثير من الفضائح التي تحيط بملف الكهرباء والفيول المستورد، وعملية استبدال حمولة الباخرة الجزائرية أو بيعها، ومصير الملايين التي ستدفع في هذا الإطار.