تعدّدت الأسباب أو تقاطعت فجاءت النتيجة واحدة: أربعة نواب مسيحيين خرجوا أو أخرجوا من التيار الوطني الحرّ وتكتّله النيابي “لبنان القوي”. وهي خطوة طُوّقت ذيولها بتعميم على التيّاريّين عدم الانجرار إلى سجالات مع النواب الذين غادروا. أمّا نيابياً فقد فتحت احتمالات خلط أوراق داخل مجلس النواب، وحظيت بتعقّب ومراقبة كتل نيابية وأحزاب فضّلت النأي بنفسها عن شؤون حزبية داخلية، خاصة تلك التي تجمعها علاقة جيّدة مع رئيس التيار جبران باسيل في الآونة الأخيرة.
بخروج كلّ من نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والنواب آلان عون وإبراهيم كنعان وسيمون أبي راميا، تشخص العيون إلى داخل قبّة البرلمان لرصد التموضعات النيابية الجديدة، وفي مكان ما التحالفات أو الاصطفافات السياسية والنيابية… كذلك علاقة الأحزاب وأوّلها وفي مقدَّمها حزبا الثنائي الشيعي الحزب وحركة أمل مع النوّاب الأربعة، خاصة أنّ حيثيّتهم مجتمعين تفرض تقارباً مع الثنائي من ناحيتين: انتخابية في المستقبل، سواء في بعبدا أو المتن أو جبيل، ونيابية مع الكتل النيابية وأهمّها الحزب التقدّمي الاشتراكي، ومع رؤساء هذه الكتل ليحافظ النواب الأربعة على مراكزهم داخل اللجان النيابية عشيّة انتخابات هذه اللجان منتصف الشهر المقبل:
– إبراهيم كنعان على رأس لجنة المال والموازنة.
– آلان عون أمين سرّ هيئة مكتب المجلس.
– سيمون أبي رميا رئيس لجنة الشباب والرياضة.
نواة كتلة نيابيّة
تقول معلومات لـ”أساس” إنّ “الأربعة” أجروا اتّصالات مع عدد من النواب المستقلّين، وهناك 3 احتمالات:
1- الاتّصال بنواب مسيحيين ومسلمين للانضمام إليهم بما يشير إلى احتمال تكوُّن نواة تكتّل نيابي قد يشكّل في حال اكتمل عقده ونجح في امتحانه الصعب “بيضة القبّان” الميثاقية في انتخابات رئاسة الجمهورية.
لهذه الكتلة إمكانية لأن تستثمر في واحد من احتمالين:
– إمّا تلتقي مع “الثنائي” على انتخاب مرشّحه سليمان فرنجية وتريحه من عناد التيار فتحلّ بديلاً عنه.
– أو يعوّل على عديدها سعودياً وأميركياً وفرنسياً ويكون الاتّكال عليها لكسر مرشّح “الثنائي”، فتحقّق لهما وللقوات اللبنانية فوز مرشّحهم الرئاسي.
2- تقول المعلومات أيضاً إنّ النواب المستقيلين والذين أُقيلوا يدرسون إمكانية إطلاق تكتّل نيابي مسيحي بالتعاون والتنسيق مع نواب آخرين بما يشكّل كتلة مؤلّفة من ثمانية إلى عشرة نواب مسيحيين ويكسر ثنائية “التيار – القوات” في مجلس النواب ويحفظ “الميثاقية” لأيّ رئيس جمهورية يُنتخب خارج إرادة هاتين الكتلتين.
3- ثمّة حديث ثالث عن احتمال أن يتوسّع إطار كتلة كهذه إلى نواب من خارج الإطار المسيحي. نتحدّث عن تكتّل نيابي “وطني” واسع.
فهل تصطدم هذه الآمال بالواقع المعقّد نيابياً؟ وهل ينجح النواب المسيحيون في التلاقي ضمن تكتّل برئاسة أحدهم؟ وأين الكنيسة والبطريرك بشارة الراعي من تلاقٍ مسيحي نيابي كهذا؟ وهل يمكن أن يستعين به لكسر حدّة مواقف القوات والتيار للعبور إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟
البداية من بكركي
أولى خطوات النواب الأربعة مجتمعين ستنطلق من بكركي التي يستقبلهم سيّدها في غضون الساعات المقبلة. وتشير المعلومات إلى أنّ تحرّكهم حظي بمباركة الراعي الذي كان على علم بخطواتهم.
أمّا في ما يتعلّق بالاتصالات والنقاشات الدائرة حول التعاون مع نواب آخرين، وحسب المعلومات المستقاة من مصادرهم القريبة، فإنّ عدداً من النواب المستقلّين أبدوا رغبة بالاجتماع تحت سقف موقف موحّد يجمعهم من دون أن يرتدي اللقاء طابع تكتّل نيابي أو كتلة أو يندرج في إطار مسمّى معيّن.
نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر نوّاباً من أمثال نعمة افرام وميشال ضاهر وملحم خلف وجميل عبّود.
تقول مصادر مطّلعة على حراكهم إنّ هؤلاء قد يلتقون على حلول تشكّل مخرجاً من الأزمة الرئاسية التي تغرق البلد في أتونها، وإنّ عدد هؤلاء قد يزيد على عدد نواب كتلة جبران باسيل النيابية.
تفيد أيضاً بأنّ النواب كانوا حريصين على أن تكون الكنيسة في أجواء تحرّكهم، خاصة أنّ فيها من هو مقتنع بإمكانية أن تحدث خرقاً بسبب وجود شخصيات من بين نوّابها لهم القدرة على التواصل مع الطرف الآخر.
وفق معلومات فإنّ نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب سبق أن تواصل مع كلّ الأطراف حول ضرورة خلق مساحة وسطيّة تخرج البلد من دائرة التعطيل التي تطوّقه وأنّ مروحة اتّصالاته شملت أطرافاً مسيحية وغير مسيحية.
سجيع عطيّة وكتلة الاعتدال..
إلى البعد المسيحي يأمل البعض أن تمتدّ خيوط هذا التنسيق النيابي إلى نواب آخرين أو تتعاون مع تكتّلات نيابية أخرى. وتغمز المصادر هنا من قناة الغداء الذي أقامه قبل أيام النائب سجيع عطية على شرف بوصعب ويمشاركة نواب كتلة الاعتدال الوطني والحديث المتبادل عن تلاقٍ أو تنسيق حول استحقاقات نيابية معيّنة. وهو ما يعزّز آمال من فيها أن يتّسع نطاقها صوب تحالف وطني يشمل إلى النواب المسيحيين نوّاباً من السنّة والنواب المستقلّين من الطرف الآخر.
إذاً بتعريف المطّلعين على كواليسها هي حركة نيابية تنطلق من بكركي للتأكيد على ثوابت الكنيسة، لكن مع انفتاح لم تستطع الأحزاب تقديمه من دون أن تكون تكتّلاً نيابياً ولا تفاهماً. وهي حركة تجمع المستقلّين. وقد تشكّل مساحة مشتركة يُبنى عليها للحلّ في المرحلة المقبلة.
فهل يشهد شهر أيلول الجاري حركة غير اعتيادية في هذا المجال؟
امتحان صعب يخوضه النواب الأربعة. فإمّا تشكيل نواة تجمع أو كتلة نيابية يجب أن يصار إلى الاتفاق على رئيسها، وإلّا سيكون من واجبهم الالتحاق بكتل أخرى ينضوون تحت لوائها والبدء بالتحضير للانتخابات المقبلة للحفاظ على مقاعدهم النيابية.
غادة حلاوي – اساس ميديا