ما حقيقة “التلاقي” بين باسيل وجعجع
لا يُعَدّ البيان الذي صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر”، في معرض التعليق على خطاب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، عاديًا في السياسة، ولا مألوفًا في العلاقة بين الخصمين اللدودين، اللذين عجز “تفاهم معراب” في عزّه عن تقريب وجهات النظر بينهما، لدرجة أنّ “التقاطع” الذي حصل بينهما في محطّات عدّة، وآخرها على تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، كان يفتقد دومًا لعنصر الجدّية.
وإذا كانت العادة أن يتبادل كلّ من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع التصويب المتبادَل في معرض التعليق على ما يصدر عنهما من مواقف، تصويب تشرَّع معه في العادة الكثير من الأسلحة، بما فيها “القدح والذم”، فإنّ البيان هذه المرّة اكتفى بـ”الإشادة والتنويه”، إذ جاء في بيان “التيار” أنّه “تلقّى بإيجابية” ما وصفه بـ”التطور في الموقف” الذي أبداه جعجع في خطابه الأخير، في مقاربة مسائل عدّة.
لم يكتفِ البيان بذلك، بل ذهب لحدّ اعتبار أنّ مواقف جعجع “تتلاقى مع مواقف التيار الانفتاحية”، وتتماشى مع ما استطاع “التيار” الحصول عليه والتوافق بخصوصه مع معظم الكتل النيابية في ما يخصّ رئاسة الجمهورية، قبل أن يدعو “القوات” إلى “التساهل” حول ما اعتبرها “شكليات بسيطة” لا تقف عائقًا أمام إنجاز انتخاب رئيس ميثاقي للبنان، كفرصة وحيدة لوقف تحلّل الدولة وانهيار الوطن، فكيف يُفهَم مثل هذا الموقف، وكيف تتلقّفه “القوات” تحديدًا؟
تطور في الموقف
بالنسبة إلى أوساط “التيار الوطني الحر”، فإنّ البيان الذي صدر عن لجنة الإعلام والتواصل لا ينبغي أن يكون محلّ استغراب، ولو أنّه جاء مخالفًا لما دأب عليه الحزبان في الآونة الأخيرة، إلا أنّ هذه الأوساط تذكّر بأنّ “التيار” لم يكن طيلة الفترة السابقة من يبادر إلى الهجوم، بل كان يكتفي بالدفاع عن النفس ردًا على الهجوم المتكرّر من قبل رئيس حزب “القوات” عليه، الذي وصل به الأمر لحدّ تحميله مسؤولية الفراغ الرئاسي، عن غير وجه حق.
تشير أوساط “التيار” إلى أنّ البيان جاء واضحًا، لجهة تسجيل “تطور في الموقف” لدى جعجع، وهو ما يجب التوقف عنده، فالأخير لم يصوّب على “التيار” هذه المرة كما اعتاد في خطاباته الأخيرة، بل بدا متفهّمًا لمنطق الشراكة الوطنية، حتى في ما يتعلق بالمقاومة وشهدائها، ولعلّ أكثر ما يلفت الانتباه في الخطاب، وفق أوساط “التيار”، انفتاح جعجع بصورة أو بأخرى على التشاور المطلوب رئاسيًا، ولو تمسّك برفض الحوار الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب.
وإذا كان “التيار” يسعى للتموضع في الوسط في المرحلة الأخيرة، خصوصًا بعد التحاقه بركب أصحاب “المبادرات الرئاسية”، فضلاً عن “تحييد” نفسه عن “حزب الله” عبر معارضة نظرية “وحدة الساحات”، فإنّ أوساطه تشير إلى أنّ مواقف جعجع المستجدّة يمكن أن تشكّل “نافذة” يمكن الدخول عبرها، من أجل تقريب وجهات النظر رئاسيًا، ولذلك جاء حديثه عن “شكليات بسيطة” يمكن التغاضي عنها، والقفز فوقها، إذا ما توافرت النوايا بانتخاب الرئيس.
“ليست شكليّات ولا بسيطة”!
على ضفة “القوات اللبنانية”، لا يجد موقف “التيار الوطني الحر” المستجدّ انعكاسات إيجابيّة، يمكن أن “تبشّر” بتقارب بين الحزبين، أن بالحدّ الأدنى، توحي بأنّ “القوات” يمكن أن تتلقف إيجابًا بيان “التيار”، إذ إنّ أوساطها تشكّك بـ”النوايا الكامنة” خلف البيان، وتعتبر أنّ عناصر عدّة تدفع إلى “الريبة” من حقيقة موقف “التيار”، خصوصًا لجهة استخدامه تعبير “التطور في الموقف”، بما يوحي وكأنّ “القوات” هي التي غيّرت، واقتربت من موقف “التيار”.
من هنا، لا يستبعد المؤيدون لوجهة نظر “القوات” أن يكون بيان “التيار” بمثابة “مناورة سياسية” جديدة يحاول باسيل أن يلعب ورقتها، وهو الذي أضحى واضحًا في الآونة الأخيرة أنه يحاول الانفتاح على جميع الأطراف، لحجز مقعده في أيّ معادلة “رابحة”، ويشدّد هؤلاء على أنّ “القوات” لن تكون من يقدّم لـ”التيار” الهدايا المجانية، خصوصًا بعد التجارب السابقة، وأهمّها تجربة “تفاهم معراب” الذي يعرف الجميع كيف “انقلب” باسيل عليه بكلّ بساطة.
أما الأهمّ من كلّ ما سبق، وفق أوساط “القوات”، فيكمن في دعوة “التيار” لقيادة “القوات” إلى تقديم التنازلات، تحت عنوان “الشكليات البسيطة”، في حين أنّه لو استمع جيدًا ومليًا لخطاب جعجع، لأدرك أنّ ما تحدّث عنه ليس “شكليات” ولا “بسيطة”، في حين كان الأوْلى به أن يقنع المعسكر الآخر، وتحديدًا رئيس مجلس النواب الذي ينفتح عليه، بتخطي “الشكليات”، وتطبيق الدستور، عبر الدعوة إلى جلسة انتخابية، يتخلّلها التشاور الذي يطالب به.
بمعزل عن المضمون، يؤكد المؤيدون لوجهة نظر “القوات” أنّ “التلاقي” بين باسيل وجعجع “غير وارد” في الوقت الحاليّ، إلا ربما في “مخيّلة” الأول، فشروط مثل هذا التلاقي واضحة، وسبق لجعجع أن حدّدها بوضوح، وقوامها إعلان صريح من رئيس “التيار” برفض السلاح غير الشرعي، بعيدًا عن ادّعاء “وسطية” لا يريد منها سوى “قطع الطريق” على سليمان فرنجية، للعودة إلى أحضان “حزب الله”، كأنّ شيئًا لم يكن!
لا يُعَدّ البيان الذي صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر”، في معرض التعليق على خطاب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، عاديًا في السياسة، ولا مألوفًا في العلاقة بين الخصمين اللدودين، اللذين عجز “تفاهم معراب” في عزّه عن تقريب وجهات النظر بينهما، لدرجة أنّ “التقاطع” الذي حصل بينهما في محطّات عدّة، وآخرها على تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، كان يفتقد دومًا لعنصر الجدّية.
وإذا كانت العادة أن يتبادل كلّ من رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع التصويب المتبادَل في معرض التعليق على ما يصدر عنهما من مواقف، تصويب تشرَّع معه في العادة الكثير من الأسلحة، بما فيها “القدح والذم”، فإنّ البيان هذه المرّة اكتفى بـ”الإشادة والتنويه”، إذ جاء في بيان “التيار” أنّه “تلقّى بإيجابية” ما وصفه بـ”التطور في الموقف” الذي أبداه جعجع في خطابه الأخير، في مقاربة مسائل عدّة.
لم يكتفِ البيان بذلك، بل ذهب لحدّ اعتبار أنّ مواقف جعجع “تتلاقى مع مواقف التيار الانفتاحية”، وتتماشى مع ما استطاع “التيار” الحصول عليه والتوافق بخصوصه مع معظم الكتل النيابية في ما يخصّ رئاسة الجمهورية، قبل أن يدعو “القوات” إلى “التساهل” حول ما اعتبرها “شكليات بسيطة” لا تقف عائقًا أمام إنجاز انتخاب رئيس ميثاقي للبنان، كفرصة وحيدة لوقف تحلّل الدولة وانهيار الوطن، فكيف يُفهَم مثل هذا الموقف، وكيف تتلقّفه “القوات” تحديدًا؟
تطور في الموقف
بالنسبة إلى أوساط “التيار الوطني الحر”، فإنّ البيان الذي صدر عن لجنة الإعلام والتواصل لا ينبغي أن يكون محلّ استغراب، ولو أنّه جاء مخالفًا لما دأب عليه الحزبان في الآونة الأخيرة، إلا أنّ هذه الأوساط تذكّر بأنّ “التيار” لم يكن طيلة الفترة السابقة من يبادر إلى الهجوم، بل كان يكتفي بالدفاع عن النفس ردًا على الهجوم المتكرّر من قبل رئيس حزب “القوات” عليه، الذي وصل به الأمر لحدّ تحميله مسؤولية الفراغ الرئاسي، عن غير وجه حق.
تشير أوساط “التيار” إلى أنّ البيان جاء واضحًا، لجهة تسجيل “تطور في الموقف” لدى جعجع، وهو ما يجب التوقف عنده، فالأخير لم يصوّب على “التيار” هذه المرة كما اعتاد في خطاباته الأخيرة، بل بدا متفهّمًا لمنطق الشراكة الوطنية، حتى في ما يتعلق بالمقاومة وشهدائها، ولعلّ أكثر ما يلفت الانتباه في الخطاب، وفق أوساط “التيار”، انفتاح جعجع بصورة أو بأخرى على التشاور المطلوب رئاسيًا، ولو تمسّك برفض الحوار الذي يدعو إليه رئيس مجلس النواب.
وإذا كان “التيار” يسعى للتموضع في الوسط في المرحلة الأخيرة، خصوصًا بعد التحاقه بركب أصحاب “المبادرات الرئاسية”، فضلاً عن “تحييد” نفسه عن “حزب الله” عبر معارضة نظرية “وحدة الساحات”، فإنّ أوساطه تشير إلى أنّ مواقف جعجع المستجدّة يمكن أن تشكّل “نافذة” يمكن الدخول عبرها، من أجل تقريب وجهات النظر رئاسيًا، ولذلك جاء حديثه عن “شكليات بسيطة” يمكن التغاضي عنها، والقفز فوقها، إذا ما توافرت النوايا بانتخاب الرئيس.
“ليست شكليّات ولا بسيطة”!
على ضفة “القوات اللبنانية”، لا يجد موقف “التيار الوطني الحر” المستجدّ انعكاسات إيجابيّة، يمكن أن “تبشّر” بتقارب بين الحزبين، أن بالحدّ الأدنى، توحي بأنّ “القوات” يمكن أن تتلقف إيجابًا بيان “التيار”، إذ إنّ أوساطها تشكّك بـ”النوايا الكامنة” خلف البيان، وتعتبر أنّ عناصر عدّة تدفع إلى “الريبة” من حقيقة موقف “التيار”، خصوصًا لجهة استخدامه تعبير “التطور في الموقف”، بما يوحي وكأنّ “القوات” هي التي غيّرت، واقتربت من موقف “التيار”.
من هنا، لا يستبعد المؤيدون لوجهة نظر “القوات” أن يكون بيان “التيار” بمثابة “مناورة سياسية” جديدة يحاول باسيل أن يلعب ورقتها، وهو الذي أضحى واضحًا في الآونة الأخيرة أنه يحاول الانفتاح على جميع الأطراف، لحجز مقعده في أيّ معادلة “رابحة”، ويشدّد هؤلاء على أنّ “القوات” لن تكون من يقدّم لـ”التيار” الهدايا المجانية، خصوصًا بعد التجارب السابقة، وأهمّها تجربة “تفاهم معراب” الذي يعرف الجميع كيف “انقلب” باسيل عليه بكلّ بساطة.
أما الأهمّ من كلّ ما سبق، وفق أوساط “القوات”، فيكمن في دعوة “التيار” لقيادة “القوات” إلى تقديم التنازلات، تحت عنوان “الشكليات البسيطة”، في حين أنّه لو استمع جيدًا ومليًا لخطاب جعجع، لأدرك أنّ ما تحدّث عنه ليس “شكليات” ولا “بسيطة”، في حين كان الأوْلى به أن يقنع المعسكر الآخر، وتحديدًا رئيس مجلس النواب الذي ينفتح عليه، بتخطي “الشكليات”، وتطبيق الدستور، عبر الدعوة إلى جلسة انتخابية، يتخلّلها التشاور الذي يطالب به.
بمعزل عن المضمون، يؤكد المؤيدون لوجهة نظر “القوات” أنّ “التلاقي” بين باسيل وجعجع “غير وارد” في الوقت الحاليّ، إلا ربما في “مخيّلة” الأول، فشروط مثل هذا التلاقي واضحة، وسبق لجعجع أن حدّدها بوضوح، وقوامها إعلان صريح من رئيس “التيار” برفض السلاح غير الشرعي، بعيدًا عن ادّعاء “وسطية” لا يريد منها سوى “قطع الطريق” على سليمان فرنجية، للعودة إلى أحضان “حزب الله”، كأنّ شيئًا لم يكن!
لبنان24