على المصارف أن لا تَطمئِن.. والسبب
مع تردّد معلومات عن إحتمال إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، يرى خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أنه “إذا تم إتخاذ القرار من قبل مجموعة العمل المالي “FAFT” بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، فذلك يعني أنه متعاون جزئيًا فيما خص إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ولكن الوصول إلى اللائحة الرمادية هو نتيجة لأداء الطبقة السياسية في لبنان”.
ويُشير إلى أنه “خلال تقييم لبنان في العام 2023 كان هناك رضى على أداء القطاع المصرفي وعلى المصرف المركزي، ولكن في الوقت نفسه طلبت مجموعة العمل المالي تفعيل الرقابة ولم تكن راضية على الطبقة السياسية من سلطة تنفيذية وتشريعية رغم القوانين الجيدة التي تم إقرارها، لأن تنفيذها كان ضعيفًا حتى أن بعض القوانين لم تنفّذ، إضافة إلى قوانين تحتاج إلى تصحيح ولم تصحّح”.
ويعتبر فحيلي، أن “هذه النقاط توحي الطبقة السياسية تتعمّد عدم التجاوب مع توصيات مجموعة العمل المالي، لا سيما أن هناك بعض التوصيات تتقاطع مع ما طلبه صندوق النقد الدولي بالإتفاق المبدئي الذي أُبرم مع الدولة اللبنانية في نيسان 2022”.
ويوضح أن “التعمّد بعدم إقرار الإصلاحات هو من سيتسبب بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، ويتحفّظ فحيلي على التطمينات للقطاع المصرفي حول تداعيات وضع لبنان على اللائحة الرمادية، فرغم أن المصارف المراسلة ستستمر بالتعامل مع مصارف تجارية لبنانية إلا أن الكلفة سترتفع بالتأكيد وسيكون هناك بطء في تقديم الخدمات، مشيرًا إلى أن المصارف المراسلة لديها إهتمام بضبط المخاطر التي تتعرّض لها من خلال التعاطي مع كيانات موجودة على اللائحة السوداء أو الرمادية”.
ويقول: “اليوم لدينا ما يقارب 6 مصارف مراسلة تتعاطى مع المصارف التجارية اللبنانية، وبالتالي المصارف التجارية اللبنانية التي تتعاطى مع المصارف المراسلة بشكل جيد لا يتعدى عددها 12 أو 13 مصرفًا، ونحن لدينا ما يقارب 54 مصرف تجاري في لبنان، وهذا ما يضع علامات إستفهام، ما يعني هناك ضرورة لإطلاق عجلة الإصلاحات بالحد الأدنى للحفاظ على القطاع المالي”.
ويشدّد على أن “هذه الإصلاحات تعيد لبنان لإعتماد وسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي، وذلك بهدف إنتظام التبادل التجاري حتى لا يبقى ممولاً بنسبة 50% من الأوراق النقدية، لأن هذا الوضع لا يريح مجموعة العمل المالي بشكل عام”.
ويعتبر أن “الوضع الاقتصادي اللبناني وما يتفرّع منه من اقتصاد الكاش معطوفًا على أداء الطبقة السياسية يدفع إلى إتجاه غير مطمئن، ولكن إذا أرادت مجموعة العمل المالي أن تتعامل مع لبنان برحمة، فهي ستبقيه قيد المراقبة والرقابة كما حصل في العام 2023”.
ولكن فحيلي يكشف عن “توجّه علِم به من بعض الجهات المطلعة على التشاور الذي يحصل داخل مجموعة العمل المالي، يؤكّد أن الهدف من تصنيف لبنان رماديًا ما هو إلّا رسالة إلى الطبقة السياسية كي تتحرك ولا تبقى تماطل وتتمنّع عن قصد عدم إقرار الإصلاحات”.