لم تكن مقابلة النائب الان عون الاحد عابرة، بل على العكس من ذلك فقد ادت الى ضجة كبيرة وكان لها اثر داخل البنية الحزبية العونية، خصوصا وأن عون لديه صدقية ومكانة لدى العونيين، وهذا ما ازعج قيادة “التيار” الحالية التي تحاول منذ انفصال النواب الاربعة الان عون وابراهيم كنعان وسيمون ابي رميا والياس بو صعب عن”التيار”، تهدئة الاجواء الحزبية والسيطرة الكاملة على الواقع الحزبي منعا لحصول استقالات جديدة ستكون مؤذية بشكل كبير ل”التيار” ولواقعه النيابي.
احدى اهم النقاط التي تحدث عنها النائب عون هي الانحياز المطلق من قبل الرئيس السابق ميشال عون لصالح باسيل، وهذا الامر وان كان معروفا في المرحلة الماضية الا انه لم يكن يشمل، اقله علنا، عمليات الفصل التي يتعرض لها قياديون وحزبيون، لكن تبين ان عون هو الذي يدعم هذه القرارات لتثبيت سلطة باسيل الحزبية في ظل رفض كبير له في الارضية العونية.
حديث الان عون يعطي مؤشرا واضحا على ازمة باسيل داخل “التيار”، اذ ان الرجل بات يعاني بشكل فعلي من ازمة حزبية وانتخابية في بعض الاقضية خصوصا اذا صدق بعض النواب من اعضاء تكتل “ لبنان القوي” الذين يتحدثون عن رغبتهم بالاستقالة في المرحلة المقبلة ما سيشكل ضربة قاضية للواقع النيابي والحزبي ل”التيار”.
من الواضح ان باسيل يراهن على معالجة ازمته في قضاء جبيل في ظل وجود كوادر مثل ناجي حايك ووديع عقل، معتقدا انه قادر على الاطاحة بالنائب سيمون ابي رميا، لكن المشكلة الكبرى تكمن في اقضية ودوائر مثل المتن الشمالي وبعبدا، حيث التحدي الكبير يطال استمرار الحالة العونية النيابية بحد ذاتها..
ففي المتن قد يتمكن النائبان المستقيلان بو صعب وكنعان، بالتحالف مع قياديين عونيين كبارا تم استبعادهم منذ سنوات من عقد تحالفات مع قوى سياسية وطائفية جديدة ما يؤدي الى فرض معادلات انتخابية تفشل اي محاولة عونية للحفاظ على نواب في الدائرة، وهذا امر ممكن نظريا بالرغم من وجود النائب السابق ادي معلوف، الحزبي القوي في القواعد الشعبية ل”التيار”…
اما في بعبدا فمن المرجح، فان الامر رهن التحالفات التي سيعقدها ” الثنائي الشيعي”، واذا استمر الوضع على حاله فإن “التيار” غير قادر حتى لو تحالف مع “الثنائي” على الاحتفاظ بنائب مسيحي واحد في ظل احتفاظ النائب الان عون بشعبية كبيرة من داخل الجمهور العوني.
هكذا يعاني باسيل من ازمة الاستقالات التي تطال نواب لهم باع كبير في الموضوع الخدماتي والحزبي ولديهم شعبية شخصية بعيدا عن الواقع الحزبي ل” التيار”. وهذا ما يجعل باسيل مربكا ويراهن على فشل المعارضين العونيين، نوابا كانوا ام قياديين، في عقد تحالف جدي واطار تنظيمي له قدرة على فرض معارك انتخابية في مختلف الدوائر المسيحية…