لهذه الأسباب لا يجرؤ “الاسرائيلي” على شنّ توغّل برّي

ماذا بعد الغارات المكثّفة على المدنيين اللبنانيين في الجنوب والبقاع الغربي، التي شنّها “الإسرائيلي” الإثنين على  لبنان، وأدخلته في مرحلة جديدة من الصراع هي مرحلة “الحرب المفتوحة”، وأدّت الى استشهاد 558 شخصاً بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، فضلاً عن إصابة 1835 شخصاً، وفق أرقام وزارة الصحّة. هل ستتواصل الحرب الجويّة مع ردّ حزب الله على هذه الإعتداءات باستهداف مواقع عسكرية بـ 8 غارات قصف منفصلة بصواريخ “فادي 1″ و”فادي 2″ و”فادي 3” طالت حيفا وخليجها وميناءها، والمطلّة وكريات شمونة، ولا سيما مطار مجيدو العسكري، وقاعدة ومطار رامات ديفيد، وقاعدة عاموس، ومستودعات لوجيستية للفرقة 146 في قاعدة نفتالي ومصنع للمواد المتفجّرة في زخرون؟! وهل من توغّل برّي الى الداخل اللبناني عبر مداخل الجنوب أو البقاع الغربي؟

تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ “الإسرائيلي” لن يجرؤ اليوم على القيام بتوغّل برّي الى الداخل اللبناني، رغم أنّه فتح الحرب يوم الاثلاثاء الأسود الماضي، واستكملها بالغارات الوحشية الإثنين المنصرم على المدنيين جنوب لبنان وفي البقاع الغربي، بحجّة أنّه يعمل على تدمير أسلحة حزب الله الموجودة داخل المنازل، لتأمين أمن المستوطنين وإعادتهم الى المستوطنات الشمالية. وقرّر متابعة إعتداءاته الإرهابية، من خلال محاولة اغتيال القيادي في حزب الله علي كركي التي باءت بالفشل، والعملية الأخرى التي استهدفت بعد ظهر الثلاثاء مبنى في الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية، في محاولة لاغتيال أحد قادة الحزب. وانطلق ممّا أعلنه رئيس أركان جيش العدو هرتسي هليفي أنّه “لن نمنح حزب الله هدنة وسنسرّع اليوم وتيرة عملياتنا الهجومية ونُعزّزها”. في الوقت الذي سيبدأ بتسجيل الخسائر تِباعاً مع فتح جبهة جديدة موسّعة.

أمّا قرار عدم القيام بأي غزو برّي  للبنان من قبل “الإسرائيليين”، فتعزوه الى أنّه من خلال حساباتهم يعلمون جيّداً بأنّهم إذا فَعَلوا فسوف يخسرون الحرب، على غرار ما حصل في تمّوز- آب من العام 2006. كما أنّهم سيتكبّدون الخسائر البشرية أكثر بكثير من الخسائر العسكرية من آليات ودبّابات. وهذا الأمر يجعلهم يتراجعون عن فكرة التوغّل البرّي. ولفتت الى أنّ كلّ الإعتداءات الإرهابية التي يُنفّذها العدو اليوم على لبنان، قد قام بالتحضير لها منذ هزيمته منذ سنوات، إذ يواصل تهديداته للبنان منذ وقف الأعمال العدائية بين الجانبين بعد استصدار القرار 1701 في مجلس الأمن الدولي في 11 آب 2006.

وما يُمكن قوله في ما يتعلّق بتصعيد حزب الله في المقابل، وتوسيع دائرة استهدافاته الى نحو 120 كلم في الداخل، على ما ذكرت المصادر السياسية، بأنّه لا يزال حتى الآن يقصف المواقع العسكرية والقواعد اللوجستية الإلكترونية للعدو، بهدف تعطيل قدرته التكنولوجية التي أدّت الى تنفيذ عمليتي “البيجر”، و”الووكي- توكي”، وعمليات الإغتيال. لهذا فإذا ما قرّر الحزب معاملة العدو بالمثل وقام بضرب المدنيين، على غرار ما فعل “الإسرائيلي” الإثنين الفائت بحجّة أنّ منازلهم تحوي أسلحة لحزب الله، من وجهة النظر “الإسرائيلية”، فإنّ العدو سيردّ عليها كذلك بضربات وحشية جنونية قد تطال جميع المناطق اللبنانية.

ولن تتوقّف هذه الحرب المفتوحة عندها، على ما أوضحت المصادر، بعد تكثيف الضربات من الجانبين، في حال حصل هذا السيناريو، سوى من خلال عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن الدولي، واتخاذ قرار جديد يعيد الأمن والإستقرار الدوليين الى المنطقة. على أن يتضمّن بالطبع الشروط التي يُطالب بها كلّ من الجانبين، وقد يكون بديلاً عن القرار 1701 الذي ساد على أساسه الهدوء في المنطقة الحدودية منذ آب 2006 وحتى 7 تشرين الأول الماضي، لكنّه لم يُنفّذ بكلّ بنوده، لا سيما مع استمرار الإعتداءات “الإسرائيلية” على لبنان، برّاً وبحراً وجوّاً طوال السنوات الماضية، وتخطّت الـ 35 ألف إعتداء وخرق للسيادة  اللبنانية، وعد انسحاب القوّات “الإسرائيلية” من الأراضي اللبنانية المحتلّة أي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر.

وأكّدت المصادر ذاتها أنّ “إسرائيل” لن تربح الحرب مهما فعلت، إذ تستطيع القصف والتدمير عبر الطيران الحربي، غير أنّه لا يُمكنها القيام ياجتياح برّي لأنّ ثمنه سيكون باهظاً جدّاً عليها، وقد جرّبته في العام 2006 وفشلت فيه فشلاً ذريعاً. في حين أنّ الهدف من الغارات التي تقوم بها اليوم، هو محاولة إضعاف قدرات حزب الله، لكنّها لن تنجح كذلك لأنّها لا تعلم ما هي قدراته الفعلية. فالحزب لديه من 30 الى 50 ألف مقاتل، عدا عن الإحتياطي الذي يوازي هذا العدد، وهو يستطيع إعادة تنظيم كوادره بشكل سريع ، لأنّه مستعد لمثل هذا الإحتمال. والدليل تعيينه قادة بدلاء عن الذين يستشهدون جرّاء مخطط القضاء على القادة من قبل العدو.

أمّا الحرب المفتوحة فبدأت فعلاً الثلاثاء الماضي، بحسب رأي المصادر، مع عملية تفجير العدو أجهزة الإتصال “البيجر”. وصحيح بأنّ حزب الله لا يريد هذه الحرب، لكنه سبق وأن قال إنّه جاهز لها في حال دُفع اليها، وقد أعلن أمس رسمياً دخوله فيها. من هنا، فإنّ الحرب المفتوحة ستتواصل لأيّام بين “اسرائيل” وحزب الله، سيما وأنّ “الإسرائيلي” يعتبر أنّ “لضغط على الحزب سيدفع بصفقة التبادل”. غير أنّ هذا الأمر غير صحيح، فرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لا يزال يخدع أهالي الرهائن، سيما وأنّ الهدف الأساسي من فتحه الحرب على لبنان، هو تحقيق إنجاز ما بعد إخفاقه في قطاع غزّة على مدى الأشهر الماضية، وعدم قدرته على إعادة المحتجزين وسط تعالي أصوات أقاربهم والضغط عليه لإجراء “صفقة التبادل” مع حركة حماس تؤدّي الى الإفراج عنهم أحياء. وقد بدأ الموفدون الديبلوماسيون من الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى التركي والقطري بالمجيء الى  لبنان، بحثاً عن حلّ ما يوقف التصعيد الذي قد يؤدّي الى حرب إقليمية شاملة، في حال لم يتمّ وقفه سريعاً وفوراً.

Exit mobile version