تعثّر مشروع الهدنة بين حزب الله وإسرائيل في بداياته بفعل تنصّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منه تحت وطأة معارضة اليمين المتطرّف. وأظهرت المداولات والمعطيات الواردة من واشنطن أن نصّ اتفاق الهدنة وُضع بالكامل بالتنسيق مع نتنياهو وبالتوافق معه، وكان من المقرر أن يرحّب بالاتفاق فور الاعلان عنه، لكنه بدلا من ذلك وجّه فور وصوله إلى نيويورك الجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال عند الجبهة الشمالية.
ولا ريب أن هذا السلوك النزق خبرته الإدارة الأميركية مرات عدة في حرب غزّة، لكنها هذه المرة كانت تعوّل على الاجماع العربي والأوروبي والدولي الذي وُلد في كنفه اتفاق الهدنة، باعتباره عاملا ضاغطا من الصعب على نتنياهو التملّص منه.
وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد، بطلب من فرنسا، اجتماعاً طارئاً رفيع المستوى ناقش فيه الوضع المتفجر عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. وتبيّن من المناقشات أن ثمة ظلالا من الشك حول أداء نتنياهو وتعمّده المناورة والتملّص، ومدى ارتباط هذا السلوك بمسار الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وثمة خشية دولية من أن يستغلّ نتنياهو هذا الفراغ الأميركي من أجل المضي في حربه ضد لبنان، وصولا إلى تنفيذه الاجتياح البري الذي قد يكون شرارة حرب إقليمية اذا قررت طهران الانخراط في ما يحصل لبنانيا.
وكان لافتا أن حزب الله نأى بنفسه عن أي موقف يتعلق بالهدنة، ربما في انتظار الموقف الإسرائيلي الرسمي، علما أن إصراره على عدم فك الرباط بين لبنان وغزة يُعدّ تحديا كبيرا يواجه الاتفاق.