تعيش بيئة المقاومة حالة من الإحباط منذ اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعدد من القادة، ويتملكها هاجس حول ما ينتظر الصراع مع العدو غداً، وما إذا كانت المقاومة ستتمكن من استعادة زمام الأمور وإحباط أي محاولات لاجتياح لبنان.
هذا التشاؤم والخوف يبدده الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان، الذي يبدو في حديثه إلى “ليبانون ديبايت” أكثر تفاؤلاً رغم الضربات الكبيرة التي تلقتها المقاومة. حيث يعتبر أننا متجهون اليوم إلى إعادة توازن بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، أو على الأقل نسبة كبيرة من التوازن من خلال الضربات المنتظرة للمقاومة اللبنانية، بدون شك، قبيل أو بعد الإعلان عن انتخاب أمين عام جديد لحزب الله خلفاً للسيد حسن نصر الله.
ويعترف شومان بأن حزب الله بلا شك قد مُني بخسائر فادحة، خصوصاً الخسارة الكبيرة باغتيال السيد نصر الله، ولكن البنية العسكرية للمقاومة ووجود معاونين للقادة الذين استشهدوا يمكنها من تنفيذ المسارات التي كانت قد أعدت قبل استشهاد السيد نصر الله، وبالتالي تطبيق الخطط الموضوعة مسبقاً مع لمسات وبصمات جديدة تتعلق بكيفية إدارة المعركة السياسية والعسكرية للقادة الجدد.
ويذكر ما جاء في كلمة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس، والتي أكدت على مسألتين:
– أن وتيرة العمليات هي نفسها، حيث تم تنفيذ 12 عملية، وهي نفس الوتيرة المعتمدة قبل الاغتيال، رغم أنها أحياناً كانت تصل إلى 18 عملية، مما يعني أن الجسم العسكري للمقاومة ما زال متعافياً وسليماً.
– المسألة الثانية هي القرارات التي لا علاقة لها بالقيادة التنظيمية، وكلمة الشيخ قاسم ناتجة عن قرار جماعي داخل قيادة الحزب، وقد عبّر فيها عن المداولات التي جرت بعد اغتيال السيد من قبل القياديين الكبار داخل الحزب، وهو مؤشر لتعافي الجسم التنظيمي، أي المستوى السياسي، فضلاً عن أن الشيء المنتظر والمهم مرتبط باقتراب تعيين الأمين العام للحزب.
أما عن المرشح الأنسب لخلافة السيد نصر الله، يرى أن السيد هاشم صفي الدين هو الأكثر ترجيحاً، لكن من دون إسقاط احتمال تولي الشيخ نعيم قاسم. ومن الممكن أيضاً أن تحدث مفاجأة في اللحظات الأخيرة، لكن الشائع لدى المراقبين والبيئة المساندة هو أن صفي الدين هو الأكثر ترجيحاً لتولي الأمانة العامة مع ترك مساحة واسعة للمفاجآت.
أما عن الارتباك الذي أحدثه اغتيال القادة، فيلفت إلى أن المراكز لهذه القيادات شغرت مؤقتاً، ولكن عمل حزب الله هو عمل مؤسسات لا تعرف عادة الشغور، وعندما يغيب أي مسؤول، فهناك دائماً نائب له يحل مكانه بصورة تلقائية. ومن هذا المنطلق، لم تتأثر وتيرة عمليات المقاومة بعد اغتيال القادة، حيث أكمل نواب القادة الطريق بنفس التصور.
وعن الدخول البري للعدو الإسرائيلي التي بدأت بشائره يوم أمس، يرى أنه في أدنى الاحتمالات، ويفيد بأن العدو يلجأ إلى العدوان الجوي الذي يتفوق به، بينما الدخول البري يُعتبر مغامرة غير مضمونة النتائج، وهو ما يقوله جنرالات إسرائيليون حتى هذه اللحظة.
وعن الاتهامات الموجهة إلى إيران وتخليها عن حزب الله، يستبعد شومان تخلي إيران عن الحزب، فالعلاقة بينهما غير خاضعة لظروف أو معايير محددة، بل تقوم على رؤية استراتيجية من الطرفين. وعلى مدى 42 سنة من علاقة الطرفين مع بعضهما، يجزم أن الدعم المالي والتسليحي للحزب لن يتراجع، وحتى الدعم الاستشاري، وهذا التراجع غير وارد في جدول أعمال الإيرانيين.
ويضع ما يثيره البعض من تحليلات عن الدور الإيراني في خانة الحرب النفسية والإعلامية والتصويب السياسي باتجاه المقاومة التي تمر بلحظات حرجة.
وعن ما إذا كنا على موعد مع نصر جديد، يؤكد أننا على موعد مع توازن جديد وإعادة قواعد الاشتباك إلى ما كانت عليه، لكن هذا مرتبط بالرد المنتظر من المقاومة اللبنانية.
ولا يراهن شومان على الحراك الدبلوماسي، لأن المقترح الفرنسي الأميركي سقط قبل أن يصل وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت، والقرار في النهاية في واشنطن التي لا تمارس أي ضغط على بنيامين نتنياهو، وهو يمارس الآن لحظة الاهتراء في الإدارة الأميركية. هذا التحرك ليس سوى دليل على اهتمام فرنسي، لكنه لا يحمل أفكاراً معينة لحل محدد، ويظن أنه لا يوجد ثقل فرنسي يمكن أن يجعلها تمثل هذا الدور الذي يضغط على نتنياهو.
وإذ لا ينفي وجود تنسيق فرنسي أميركي، ولكنه بعد إسقاط الاقتراح في الأسبوع الماضي، يعتقد أننا نعيش في دوامة قد تدفع الأمور إلى مزيد من الضراوة والعنف. ويظن أنه بعد مواجهة بمستوى عنف جديد، يمكن الحديث عن حل دبلوماسي، فالنوافذ مقفلة رغم التحركات.