المبادرة الثلاثية تصطدم بالمراهنات
لا يبدو أن الحراك السياسي المواكب للتطورات الأمنية والهادف إلى وقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية سيثمر إيجاباً، في ظل المراهنات على نتائج المعركة مع إسرائيل، وحتى طرح انتخاب رئيس في ظل الحرب أمر غير وارد ولا يشبه أبداً العام 1982.
في هذا السياق، يشير الكاتب والمحلل السياسي واصف عواضة، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، إلى أن “الجولة التي قام بها النائب وائل أبو فاعور لم تكن مشجعة كثيراً، فالبعض أبدى إيجابيات، والبعض الآخر فضل الانتظار في ضوء وضوح الصورة حول نهاية المعركة، وفي ضوء ذلك يقرر موقفه من المبادرة. ووفق هذه المعطيات، لا يبدي عواضة تفاؤلاً من نتائج الجولة، على الرغم من أن البعض يراهن على إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الحرب، ويعتبر هذا الأمر شيئاً من الوهم”.
هذه المواقف، برأي عواضة، مضافاً إليها ما تشترطه مبادرة عين التينة الثلاثية الوطنية، تشترط وقفاً لإطلاق النار والدعوة بعدها إلى انتخابات رئاسة الجمهورية، لن يكتب لها النجاح بالشكل المطلوب.
هل يراهن هذا البعض على هزيمة حزب الله في هذه الحرب ليتمكن من فرض شروطه على الانتخابات الرئاسية؟ يؤكد عواضة، أنه “من الطبيعي أن يكون هناك من يراهن على ذلك، ولكن ليس الطرف الآخر بكل مكوناته، وهنا يتوقف عند بعض من يسميها “الأصوات العاقلة” في الطرف الآخر، مثل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الذي قال: “إنه لا يمكن للبلد أن يمشي على قاعدة منتصر ومهزوم، ولا نريد أحداً مكسوراً أو يتفرد بشيء”، معتبراً أنه موقف عاقل من الجميل، إنما هناك أطراف أخرى تراهن على أن يتغير الوضع من خلال الحرب، وهذا أمر خطير جداً”.
أما ما يتعلق بالتسويق الأميركي الضاغط لانتخاب قائد الجيش، فلا يظن أن “هذا المشروع أيضاً سيكتب له النجاح، فيجب وقف إطلاق النار أولاً، وبالتالي سيكون المجال السياسي مفتوحاً للحديث. وبالتالي، إن المقاومة وحزب الله مستعدون لذلك بكل راحة، لأنه تحت ضغط الحرب لا أحد لديه استعداد للحديث السياسي”.
ويشدد على أنه “لا يمكن انتخاب رئيس تحت ضغط النار، فهذا أمر غير منطقي، فهل من يتصور أن تتم الدعوة إلى جلسة لمجلس النواب تحت النار لانتخاب رئيس؟ ويكرر أن هذا أمر مستبعد، ويذكر بانتخاب الرئيس بشير الجميل تحت النار، ولكن في المرحلة الحالية لا يظن أن هذا الأمر ممكن، لأن طرف الصراع اليوم هو لبناني وليس فلسطينياً كما كان في ذلك الوقت. فإذا كان من أحد يراهن على هذه المسألة فهو واهم، خاصة أن الدعوة لانتخاب الرئيس هي بيد رئيس مجلس النواب الذي هو رئيس حركة “أمل”، وبالتالي حركة أمل جزء من هذا الصراع مع إسرائيل”.
أما عن الدور الفرنسي الذي يلعبه وزير خارجيته الذي زار لبنان ويزور الأسبوع المقبل إسرائيل، فيعتبر أن “الحراك الفرنسي مشكور، ولكن تعودنا على أنه حراك غير منتج، لأن القرار الأساسي ليس في يد فرنسا بل هو في يد الولايات المتحدة الأميركية. والطرف الفاعل في هذه الحرب والذي يديرها فعلياً هو الطرف الأميركي، لذلك الحراك الفرنسي هو حراك لزوم ما لا يلزم، وقد اعتدنا على هذا الأمر”.
ويستبعد أيضاً ما يتم الترويج له عن “نشر قوات دولية من حلف الناتو، لا سيما مع وجود قوات دولية ومن ضمنها قوات لدول في حلف الناتو، خصوصاً أن حلف الناتو لديه اهتمامات أخرى، والاتجاه هو لدعم القوات الدولية المتواجدة في لبنان ونشر الجيش اللبناني”.
أما عن استعادة سيناريو الـ82 ودخول القوات المتعددة الجنسيات إلى لبنان، فيلفت إلى أنه “من الجيل الذي عاش تلك المرحلة ورأى ما حصل، حيث انسحبت القوات الأميركية والفرنسية تحت وطأة الضربات التي استهدفتها، ولذلك لا يتوقع أن يعيد هؤلاء التجربة، لأنهم سيكونون بمثابة المجانين”.