صحيفة بريطانية تدق ناقوس الخطر
في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس على إسرائيل وما تلاها من حرب إسرائيلية على غزة ولبنان، كتب أستاذ العلاقات الدولية بكلية لندن للاقتصاد فواز جرجس في “غارديان” البريطانية، أن الحرب التي مضى عليها عام، والعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتوسيع الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان، أدت إلى كارثة إنسانية وزيادة احتمال اندلاع حرب إقليمية شاملة.
لكن جرجس يقول في مقاله في “غارديان” إن العواقب الأوسع قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تصدع كبير في العلاقات الدولية، وتسريع انحدار النظام العالمي الليبرالي الرأسمالي، الذي تقوده الولايات المتحدة والسائد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
في ذلك الوقت، بدا أن الدول الغربية ألزمت نفسها بالبنى الدولية لحقوق الإنسان، التي تجسدت في مبادئ نورمبرغ، والتي تنص على ضرورة محاسبة القادة والدول التي يحكمونها، عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. لكن الطريقة التي أدار بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه حملتهما على مدار العام الماضي، بتسليح ودعم من الولايات المتحدة، قوضت بشكل دائم فكرة أن كل الدول ستخضع للمساءلة على قدم المساواة بموجب القانون الدولي.
وفي الواقع، فإن المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة، وفق تقديرات متحفظة تشير إلى أن عدد الأطفال الذين قتلوا يزيد على 11 ألفاً، وتدمير البنى التحتية في غزة، والمجاعة التي أعقبته، لا يمكن تبريرها بالهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على غزة في 7 تشرين الأول 2023، مهما كان مروعاً.
وكشف الدفاع القوي من الولايات المتحدة عن الحملة الوحشية التي تشنها إسرائيل، والتي تشمل الكثير من أعمال الإبادة الجماعية، ما كان يعتقده الكثيرون في الجنوب العالمي فعلاً، وهو أن القانون الدولي ينطبق على الجنوب العالمي، ولكن ليس على الولايات المتحدة وحلفائها، وأن حياة العرب وغير الغربيين، أقل شأناً في نظر الذين أقاموا النظام الدولي الليبرالي.
وإذا لم يحدث تغيير فوري في المسار، فإن العواقب المترتبة على الاستقطاب المتنامي بين الشمال والجنوب ربما تخلف تأثيرات عميقة على السياسة الدولية لأجيال عديدة.
كذلك، ستؤدي إلى تسريع تراجع النفوذ العالمي للولايات المتحدة، وتمكين الصين وروسيا، اللتين كانتا تتحديان القواعد التي يستند إليها النظام الدولي.
مع هذا، قد يؤدي ذلك أيضاً، كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى “تفشي وباء الإفلات من العقاب حول العالم”.
إزاء ذلك، يقول الكاتب إن المخاطر عالية جداً، ولا يستطيع أي نظام بهذا القدر من الإفلاس الأخلاقي، والنفاق الواضح أن يحافظ على نفسه فترة طويلة، وأضاف: “أفضل دفاع هو ضمان التزام الجميع بالمبادئ المشتركة. إذا لم تطالب الولايات المتحدة بوقف فوري لإطلاق النار ووقف التصعيد الإسرائيلي، فقد نتذكر هذه الفترة باعتبارها التمزق الذي أنهى النظام، الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي وعد بالسلام والقيم العالمية، ولكنه لم يحقق شيئاً منه”.