أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، بـ”أشد العبارات، الاستهداف الممنهج والمتعمد الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي لقوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (UNIFIL)، وآخر فصوله قصفٌ استهدف أبراج مراقبة في المقر الرئيس لليونيفيل في رأس الناقورة، وفي مقر الكتيبة السريلانكية، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف اليونيفيل”.
وأشارت الوزارة في بيانٍ لها، إلى أن “الهجمات الإسرائيلية المتكررة ضد قوات حفظ السلام، والطلب منها بشكل غير مشروع إخلاء مواقعها في جنوب لبنان خلافاً لولايتها التي حددها مجلس الأمن، تُعدّ سابقة خطيرة، وتؤكد مرة أخرى استباحة إسرائيل للشرعية الدولية، وعدم امتثالها للقوانين والمواثيق الدولية، وللقانون الدولي الإنساني، وقد تشكل جريمة حرب، إضافة إلى انتهاكها الصارخ والمستمر لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701”.
وأكدت أن “هذه الاعتداءات المقصودة تُعرّض سلامة قوات اليونيفيل وأمنها لخطر شديد تتحمل إسرائيل مسؤوليته، ولا يمكن فصل هذه الاستهدافات عن المحاولات الإسرائيلية المتكررة والمتواصلة لتقويض مهمة اليونيفيل، وعرقلة عملية التجديد السنوية لولايتها، وإلغاء التفويض الممنوح لها من قبل مجلس الأمن”.
وختمت وزارة الخارجية والمغتربين بيانها بالقول: “أمام هذا التعدي الإسرائيلي الخطير على قوات حفظ السلام، يطالب لبنان مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول المساهمة في مهمة اليونيفيل بالدعوة لفتح تحقيق بالموضوع، واتخاذ موقف حازم وصارم من هذه الاعتداءات، وإدانتها بشدة، لأن عدم ردع إسرائيل ووضع حدّ لانتهاكاتها سيسمح لها بالتمادي في هجماتها على اليونيفيل، وسيبعث برسالة خاطئة قد يكون لها تبعات خطيرة على مهمات الأمم المتحدة لحفظ السلام حول العالم، وعلى سلامة أفرادها وممتلكاتها”.
أتى ذلك بعدما أعلنت “اليونيفيل” في بيان أمس أن “دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار باتجاه برج مراقبة في مقرّ اليونيفيل في الناقورة، فأصابته بشكل مباشر وتسبّبت في جرح جنديين من الجنسية الإندونيسية”.
كما أضافت أن “جنودًا إسرائيليين أطلقوا النار عمدًا أيضًا على موقع آخر للأمم المتحدة في رأس الناقورة، فأصابوا مدخل الدشمة حيث كان جنود حفظ السلام يحتمون، وألحقوا أضرارًا بالآليات ونظام الاتصالات”.
في حين برر الجيش الإسرائيلي الواقعتين بالقول إنه طلب من الجنود الأمميين البقاء “في مناطق محمية” قبل أن يطلق النار “قرب” قاعدتهم.
وندّدت الدول الأربع المشاركة في تلك القوات الأممية، فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وأيرلندا، بتلك الاعتداءات. كما دعت إلى عقد اجتماع عبر تقنية الفيديو الأسبوع المقبل في موعد لم يتم تحديده بعد.
وهذه أخطر واقعة تبلغ عنها اليونيفيل في ظل التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله، والذي يشهد غارات جوية إسرائيلية مكثفة على مواقع عدة في لبنان، وعمليات برية “محدودة” في البلدات الحدودية.
يذكر أن قوات اليونيفيل كانت أكدت الأسبوع الماضي أن قواتها لا تزال في مواقعها الحدودية رغم تلقيها طلباً من إسرائيل بإعادة نقل بعضها. ودعت إلى وقف التصعيد الإسرائيلي الحاد الذي بدأ اعتبارًا من 23 أيلول على لبنان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1,200 شخص ونزوح أكثر من 1.2 مليون آخرين، حسب الأرقام الرسمية.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس يعكس التوترات المتزايدة بين إسرائيل وحزب الله، وسط تصعيد عسكري مستمر في المنطقة. وتمثل قوات اليونيفيل عاملاً مهماً في الحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان، حيث كانت قد وُضعت تحت إشراف الأمم المتحدة لتعزيز الأمن والنظام بعد حرب 2006.
الاعتداءات المتكررة على قوات حفظ السلام تُعبر عن عدم الامتثال للقرارات الدولية، وتثير مخاوف كبيرة بشأن سلامة الجنود الأمميين، في وقت يُعاني فيه لبنان من أزمات داخلية وخارجية متعددة. وبالنظر إلى السياق الإقليمي، فإن التصعيد العسكري قد يحمل تبعات خطيرة على أمن لبنان واستقرار المنطقة بشكل عام.