في حين تترقب المنطقة هجوماً إسرائيلياً على إيران، أطلق «حزب الله» في الساعات الأخيرة ما بدا أنه فصل جديد في معركة المسيّرات والصواريخ البالستية ضد إسرائيل، في وقت أظهرت إيران تشدداً سياسياً، رافضة أي تفاوض مع واشنطن حول التهدئة في المنطقة قبل وقف إطلاق النار في غزة.
وغداة «عملية بنيامينا» التي أسفرت عن سقوط 4 جنود إسرائيليين، وإصابة العشرات، بينهم حالات خطيرة، بمسيّرة أطلقها «حزب الله» على ثكنة للواء غولاني للنخبة في الجيش الإسرائيلي جنوب حيفا، قام الحزب أمس بإطلاق ثلاثة صواريخ بالستية باتجاه منطقة الوسط وتحديداً تل أبيب، بعد يوم طويل من إطلاق الصواريخ على أهداف بينها قاعدة «ستيلا ماريس» البحرية (شمال) وثكنة «بيت ليد» (وسط).
يأتي تصعيد الحزب في خطوة لإظهار أنه استعاد عافيته ولا يزال يحتفظ بإمكانات وقدرات لخوض حرب استنزاف طويلة على الرغم من كل الضربات التي تلقاها في الأسابيع الثلاثة الماضية. كما يأتي، غداة زيارة رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليبف إلى بيروت، في وقت تعكف إسرائيل على التحضير لتوجيه ضربة لإيران. وبإعلان أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي أمس أن «آلة الحرب لحزب الله انطلقت» تعززت بعض التحليلات التي تعتبر أن تصعيد الحزب لعملياته هدفه إيصال رسالة واضحة ومباشرة للإسرائيليين بأن أي ضربة لإيران ستؤدي إلى إشعال الجبهة أكثر، وربما تدخل جبهات أخرى على خطّ تنفيذ العمليات في إطار الدفاع عن إيران.
وأقرت تل أبيب بتلقي ضربة مؤلمة في بنيامينا، وتعهدت برد قوي. وفي وقت تواصلت المعارك البرية وجهاً لوجه على الخط الحدودي جنوب لبنان، شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على امتداد مساحة لبنان، كان أعنفها في منطقة زغرتا شمال لبنان، حيث قُتل 22 شخصاً باستهداف مبنى يقطنه نازحون من الجنوب. وأشارت المعلومات إلى أن المستهدف في الغارة هو قيادي في «حزب الله» يدعى أحمد فقيه من بلدة عيرتون جنوب لبنان. في موازاة التصعيد العسكري، تم تسريب صيغة لمسودة مشروع قرار يتم العمل عليه لتقديمه إلى مجلس الأمن حول الوضع في لبنان.
ويدمج الاقتراح القرارين 1701 و1559، ويدعو إلى نزع سلاح «حزب الله» واللجوء إلى الفصل السابع من جانب قوات الـ «يونيفيل»، لمنع توفر أي أسلحة بحوزة أي جهة خارج الدولة اللبنانية، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة من التكنوقراط. وبحسب المعلومات يتعارض هذا النص مع مقترح كانت تعمل فرنسا على إعداده حول ضرورة وقف إطلاق النار بشكل عاجل. وتستبعد مصادر دبلوماسية إمكانية التوافق على هذه الصيغة، في حين ستركز فرنسا على مؤتمر دعم لبنان في 24 الجاري، وستسعى إلى إصدار نداء دولي يطالب بوقف إطلاق النار.
في المقابل، قالت القناة 12 العبرية، إن المستوى العسكري الإسرائيلي يطرح سياسياً الشروط التي يمكن في ظلها التوصل لاتفاق في لبنان، يسمح بنشوء واقع أمني جديد؛ وعدم الاكتفاء بتفكيك قدرات «حزب الله»، بل خلق آليات تساعد على ضمان عدم قدرة الحزب على إعادة تسليح نفسه مستقبلاً.
جاء ذلك في حين كشف مصدر إيراني لـ «الجريدة»، أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التوقف عن الاتصال به، بعد اتصال عاصف بينهما عقب عملية بنيامينا. وقال المصدر إن ماكرون طلب من بزشكيان وقف إمداد «حزب الله» بالسلاح، والضغط عليه لوقف إطلاق النار، ووجّه تهديدات لطهران بفرض عقوبات أوروبية عليها، وعرقلة أي تطورات في المفاوضات النووية.
وخلال زيارة لسلطنة عمان، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن الاتصالات غير المباشرة مع واشنطن متوقفة، في حين كشف مصدر رافق الوزير إلى مسقط لـ «الجريدة»، أن عراقجي أبلغ المسؤولين العمانيين أن بلاده لن تقبل الدخول في أي مفاوضات مع الأميركيين قبل وقف إطلاق النار في لبنان وغزة أيضاً.