“ليبانون ديبايت” – محمد المدني
حراك رئاسي غير مسبوق تشهده الساحة اللبنانية تزامناً مع المعارك الدائرة بين “حزب الله” وإسرائيل. لكن الحركة لا تزال بلا بركة، إذ من المستحيل أن يتمّ انتخاب رئيسٍ للجمهورية تحت “النار” باعتراف غالبية النواب الذين يقومون بمشاورات رئاسية، وهم يعلمون أنها لن تفلح إلاّ بعد وقف إطلاق النار.
من السياسيين القلائل الذين يؤيدون انتخاب رئيس للجمهورية قبل وقف إطلاق النار، هو رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي يرى في الظروف الراهنة فرصةً له لإيصال مرشّح محسوب عليه، ولهذه الغاية تراه ناشطاً على عدة محاور مستغلاً إنعدام حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية من جهة ورفض الثنائي الشيعي لترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون من جهة أخرى.
إذا، “المصيبة” جمعت جبران باسيل ونبيه بري. الرجلان يرفضان ترئيس جوزف عون، وبما أن ورقة فرنجية سقطت إلى حدٍ كبير، يرى باسيل أن المرحلة تسمح بحصول تقاطع رئاسي بينه وبين الثنائي الشيعي، معتقداً أن الثنائي يحتاجه اكثر من أي وقت مضى.
ولكن ما يغيب عن بال باسيل أن ما كان يرفضه الثنائي في عزّ قوته ودعمه لسليمان فرنجية وهو عدم إنتخاب رئيس للجمهورية من دون تقاطع مع المجتمع الدولي والمملكة العربية السعودية، لمعرفته مسبقاً أن لبنان بحاجة للخروج من عزلته من أجل النهوض المالي والاقتصادي، أصبح اليوم أكثر إلحاحاً بعد الحرب والدمار والحاجة لإعادة إعمار لبنان من جهة، وبعد اضطرار الثنائي وتحديداً الرئيس بري إلى الأخذ بعين الإعتبار رأي المجتمع الدولي وتحديداً الثنائي أميركا-السعودية، بعد الإنتكاسة الكبيرة لمحور الممانعة من جهة أخرى.
والجدير بالذكر أن باسيل وقع في خطأين بيّنا أنه لا يسعى لإيصال رئيس توافقي كما يدّعي، الأول هو عندما أوفد نوابه إلى الكتل النيابية للبحث في لائحة أسماء لم تتضمّن المرشحين الذين يرفضهم باسيل، والخطأ الثاني هو عندما أودع القطريين ثلاثة أسماء جميعهم محسوبون عليه.
لذلك، يبقى أفق الرئاسة مقفل على المدى المنظور فما يتمنّى باسيل الوصول اليه من أسماء مع الثنائي “لتهريب” الرئاسة دون موافقة المعارضة شبه مستحيل، وما تتمنّاه المعارضة من أسماء ما زال يصطدم برفض الثنائي، وإلى حين التقاطع بين الثنائي والمعارضة على إسمٍ وسطي مقبول، قد يلتحق به باسيل أم لا، فإنه من المستحيل إنجاز الاستحقاق في الظروف الحالية.