الفيول الموجود أكبر من حاجة المؤسسة…و التغذية بالكهرباء في حدّها الأدنى

لن تنقطع الكهرباء بسبب النقص في مخزون مادة «الغاز أويل»، كما جرى نهاية آب الماضي. فوزارة الطاقة، بحسب الوزير وليد فياض، «طوّفت مؤسسة الكهرباء بالفيول». بمعنى آخر، ورغم حرب العدو الصهيوني المفروضة على لبنان، فإن إمداد معامل الكهرباء بالوقود مستمر، ويفوق حاجة المؤسسة مقارنةً مع إنتاجها الحالي من الطاقة. وخلال تشرين الأول الجاري، سيصل مخزون مادة «الغاز أويل» اللازمة لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار إلى نحو 100 ألف طن، وهذا أعلى مستوى يبلغه المخزون، وفق فياض. ولكن مقابل هذه الكميات الكبيرة، لم تتحسن ساعات التغذية، إذ لا تقوم المؤسسة بزيادة إنتاجها، لـ«أسباب لا نعرفها»، بحسب وزير الطاقة.

إذاً، يمكن الاستنتاج بأنّ الحرب عطّلت تنفيذ المرحلة الخامسة من خطة وزارة الطاقة والمياه لاستعادة 12 ساعة من التغذية بالكهرباء يومياً. منتصف آب الماضي، انطلق العمل بالخطة المؤلفة من 5 مراحل. وأُنجزت 4 منها، إذ عادت التغذية لـ4 ساعات يومياً، ويعمل معملا الزهراني ودير عمار بقدرة تصل إلى 400 ميغاواط. وتمّت تغطية حاجات المعملين الشغاّلين من مادة «الغاز أويل». وكان من المفترض رفع التغذية بالطاقة إلى حدود 800 ميغاواط في المرحلة الخامسة، وتشغيل المحركات العكسية (المعامل الجديدة) في الذوق والجية لزيادة ساعات التغذية.

إلا أنّ حسابات وزارة الطاقة، لم تتوافق مع مخاوف مؤسسة الكهرباء. فالطاقة تعمل اليوم كوسيط لتأمين الوقود اللازم لإنتاج الكهرباء، فيما أمر التغذية وزيادتها والتوزيع بيد المؤسسة. على الورقة والقلم، «مخزون المؤسسة من الوقود أكبر من حاجتها اليومية التي لا تزيد على 1600 طن»، بحسب فياض. حيث يوجد 18 ألف طن من مادة «الغاز أويل» في خزانات كلّ من معملي الزهراني ودير عمار، ما يعني حوالي 36 ألف طن بالمجمل. إلا أنّ تدفق الوقود سيستمر، وخلال الأسبوع الجاري، «ستصل إلى لبنان باخرتان تابعتان للشركة الفائزة في مزايدة استبدال النفط الجزائري بمادة الغاز أويل. الأولى فارغة ستملأ بـ30 ألف طن من هبة الفيول الجزائري المخزّنة في لبنان. فيما ستفرغ الثانية حمولتها، وقدرها 24 ألف طن، من مادة «الغاز أويل» في معملي الزهراني ودير عمار». عندها، سيرتفع المخزون إلى نحو 60 ألف طن.

واذا استمرت المؤسسة في توليد الكهرباء بالوتيرة المنخفضة الحالية، فإن هذا المخزون يكفي نحو 37 يوماً. في حين، من المرجّح أن تبلغ كميات الوقود في مؤسسة الكهرباء حوالي 100 ألف طن خلال تشرين الأول الجاري، إذ يشير فياض إلى «وصول باخرة من 3 بواخر، حمولتها الإجمالية 76 ألف طن من الغاز أويل». وتأتي هذه البواخر نتيجة عملية المبادلة التي تجريها وزارة الطاقة للفيول العراقي. وفي الدفعة الأخيرة التي أُخرجت من المرافئ العراقية في 27 أيلول الماضي، حصل لبنان على 125 ألف طن من الفيول، زائد 10%، ما يعني وصول الكمية إلى 137 ألف طن، وفقاً لفياض. لذا، وبموجب عملية المبادلة، سترسل شركة «SAHARA ENERGY» إلى لبنان 3 بواخر من مادة «الغاز أويل»، تحمل الأولى 21 ألف طن، والثانية 30 ألفاً، والثالثة 25 ألفاً. بالتالي، يعمل فياض على إيصال هذه البواخر بفارق زمني حدوده الشهر الواحد بين كلّ منها، لعدم رفع المخزون أكثر من قدرة المؤسسة على الاستيعاب، حصوصاً مع إبقاء التغذية بحدودها المنخفضة.

ويلفت فياض إلى أنّ هدف وزارة الطاقة هو زيادة ساعات التغذية بالكهرباء، لا تخزين الوقود وتمديد فترة توليد الكهرباء، إذ تريد الوزارة صرف كميات أكبر من الوقود، لأنّ الشحنات التالية ستصل بشكل متتابع، كلّ شهر. ويرجّح فياض أن تتمكن معامل الكهرباء، بالمخزون الحالي من الوقود، أن تصرف يومياً حوالي 3 آلاف طن من «الغاز أويل». بمعنى آخر، أن تصل قدرة الكهرباء على الشبكة إلى حوالي 800 ميغاواط، أي قرابة 10 ساعات يومياً من التغذية. إنما، أمر رفع التغذية هو بيد مدير مؤسسة الكهرباء كمال حايك. إذاً لماذا لا يرفع إنتاج الكهرباء؟ يجيب فياض بـ«لا أعرف، ربما يخاف مدير الكهرباء من أن تؤدي زيادة التغذية إلى انخفاض مخزون الوقود، أو يخاف من عدم قدرة المؤسسة على الجباية الفعالة بسبب الحرب»، علماً أن «حل مشكلة الجباية سهل، لأن المناطق التي تدفع فواتيرها بشكل منتظم، وبنسب أعلى، تُعدّ آمنة اليوم»، و«يمكن لمؤسسة الكهرباء تغيير سياستها في عملية الجباية، وطباعة الفواتير الإضافية لهذه المناطق تحديداً، خاصةً أنّ الجباية اليوم تتم عن الأشهر الأولى لعام 2023. وفي حال تسريع العملية، هذا سيساعد المؤسسة على تحمل تكاليف رفع التغذية بالكهرباء»، لافتاً إلى أن «المناطق التي خرجت من دائرة التغذية بسبب الحرب، نسبة الجباية فيها منخفضة، ولا تتخطى 60%، وفقاً للمعلومات التي أوردها مدير عام مؤسسة الكهرباء في اجتماع للجنة الطاقة النيابية».

عقود تأمين الفيول مؤمّنة

قبل انتهاء العقد الحالي مع العراق، سيبدأ لبنان بتنفيذ عقد ثانٍ. على أساس مبادلة النفط الخام هذه المرة، لا مادة الفيول أويل. وأكد وزير الطاقة والمياه وليد فياض توقيع «العقد الجديد، وإرساله إلى وزارة النفط العراقية لتصديقه وتنفيذه». وفي حال المباشرة في تنفيذ هذا العقد، سيحصل لبنان في تشرين الثاني على باخرة محمّلة بمليون برميل من النفط الخام، ثمنها 75 مليون دولار. وسيبادل لبنان حمولة هذه الباخرة بـ3 بواخر من مادة «الغاز أويل»، حمولة كل منها 30 ألف طن، على أن تصل بشكل متتابع خلال 3 أشهر. بالتالي، سيزيد تدفق الوقود على مؤسسة الكهرباء، لتصل الكمية إلى 90 ألف طن شهرياً، 30 ألفاً من العقد الجديد الخاص بمبادلة النفط الخام العراقي، و60 ألفاً من العقد الأول

ثلثا المبالغ المتوجبة للعراق لم تجدول بعد
ستبلغ كمية الفيول المستوردة من العراق، في نهاية عام 2024 مليوناً ونصف مليون طن. ويُقسم ثمن الفيول العراقي إلى جزءين، وفق وزير الطاقة والمياه وليد فياض. ستدفع مؤسسة الكهرباء الثلث الأول من سلفة الخزينة المخصصة لدفع فواتير كهرباء المؤسسات والإدارات العامة، أي ثمن نصف مليون طن من الفيول. ومن المفترض تحويل وزارة المال الأموال إلى مؤسسة الكهرباء، لتقوم بإرسال الأموال إلى الحساب العراقي. إلا أنّ المعضلة ستكون بكيفية إرسال أموال بالليرة  اللبنانية إلى الحساب العراقي المفترض تغذيته بالدولار، علماً أنّ الحساب العراقي سيُصرف في السوق اللبناني بالليرة. ولكن، أولاً يجب تحويل الأموال من الليرة إلى الدولار. فالدين العراقي هو بالدولار. أما الثلثان الباقيان، أي ثمن مليون طن من الفيول، فيجب على الدولة اللبنانية دفعهما، وفقاً للعقد الموقّع مع الدولة العراقية، ما يفرض على الحكومة جدولة هذه الدفعات.

فؤاد بزي – الاخبار

Exit mobile version