ما مصير الموظفين النازحين الذين تركوا وظائفهم بسبب الحرب

نتيجة التوترّات الحاصلة في الفترة الأخيرة في العديد من المناطق اللبنانية، وشنّ إسرائيل غاراتها على مناطق بقاعية وأخرى جنوبية وفي الضاحية الجنوبية، توجّه العديد من النازحين اليوم إلى أماكن أخرى، أكثر أمانًا من بيتهم ومنطقتهم ولم يعد بإمكان الآلاف من الأشخاص، العودة إلى منزلهم وأحيائهم وعملهم.

هذه الحالة، شكّلت خطرًا على العمّال والموظّفين لدى شركاتهم، فمنهم من طُرد تعسفًا، ومنهم من أعطاهم فترة راحة لمعرفة مصير الحرب هذه، ومنهم من بات يتقاضى جزءًا من راتبه، على أمل تشافي الوضع.

فكيف نصف أوضاع العمّال الذين نزحوا؟

يقول عماد إبن الضاحية الجنوبية، مهندس معماريّ يعمل في شركة في  بيروت، إنّه خسر عمله منذ اللحظة الاولى التي تلقّى فيها تهديداتٍ للإبتعاد فورًا عن مكان سكنه.

وقال في حديثه للدّيار، إنّ التهديدات هذه هي أصعب من القصف نفسه. ففي ثوانٍ قليلة، ربطنا الأحزمة وخرجت مع عائلتي إلى منطقة آمنة، تحديدًا إلى الشويفات لدى إبنة خالتي، معتبرًا أنّه من الصعب جدًا العودة إلى العمل في هذه الأثناء.

وأكّد أنّ الوضع لا يقتصر عليه فحسب، بل أيضًا على العديد من أصحابه وزملائه الذين يواجهون المشاكل عينها.

وعن الشركة قال: أعطتني مُهلة الأسبوع لتعرف ما إذا كنتُ سأترك وظيفتي أم لا لأنّه وفي نهاية المطاف، تهتمّ الشركة بمصلحتها، فوق أيّ اعتبار.

حال عماد كحال غيره. فرحاب، إبنة بعلبك الهرمل، لم تخسر وظيفتها فحسب، بل أصبح من الصعب جدًا إرسال إبنتها إلى المدرسة. وتأسّفت لأنها لم تعد تلك المرأة المتمسكة بوطنها، بل باتت اليوم تحلم بالهجرة مع عائلتها إلى مكانٍ أفضل.

كثرٌ من النازحين، وقعوا ضحية طمع أصحاب الشقق المفروشة أو الفنادق بعد دفعهم ايجارات تخطّت المعقول، مستغلين حجّة النزوح هذه لدفعهم 3 سنوات على الأقل “سلفا “.

فيقول أحمد، أحد القاطنين اليوم في فندق شهير في عمشيت، إنّه دفع ايجار غرفة كبيرة له ولعائلته بمبلغ يتخطّى الـ1500 دولار شهريًا، علمًا بأنّه اليوم بلا عمل لأنه صرف من عمله.
 
وقال إنّه اضطر لإتخاذ هذا القرار “أحسن ما نصفي بالشارع”.

وكل المخاوف ازدادت في الأيام الأخيرة، مع استهداف إسرائيل لمناطق لبنانية اعتبرت اليوم غير آمنة، لتروي لمى قصّتها وتختصرها بالمرحلة الأسوأ على الإطلاق. فبعد نزوح أهلها، استأجرت لهم غرفة مجاورة لها. وتقول: أعطاني صاحب الشقة لآخر هذا الشهر، كي أخلي له غرفة أهلي المستأجرة حديثًا، بحجة أنّ الجيران يخافون من أن يكون أحدهم مسؤولًا في الحزب ومطلوبًا من قبل اسرائيل. وكأن كل شيعي مسؤول في الحزب أو حتى مؤيدًا له.

اليوم أصبحت هي وأهلها بلا مأمن ولا عمل في ظل شبه استحالة إيجاد منزل يأويهم، للسبب نفسه الذي طردوا على أساسه. وإن وجدت، فعليها دفع مبلغ خيالي لتأمين سقف يحميها وعائلتها.

الشارع بدون عمل

رئيس الإتحاد العمّالي العام بشارة الأسمر، يصف الشارع بأنه “بدون عمل”، ويؤكد في حديثه للدّيار بأنّ آلاف الموظّفين اليوم إمّا تم طردهم تعسفًا من قبل شركاتهم، وإمّا بدأت عمليات الرواتب الجزئية، ومنهم من حُرم بشكلٍ كاملٍ من راتبه.

وأكّد بانّهم يحاولون معالجة الموضوع رغم أنّ المؤسسات أصبحت مقفلة ومتضررة. وقال: قمنا بحملات لمنظمات دولية لمساعدة هؤلاء العمّال. وقابلنا رئيس الحكومة مرّتين على التوالي هذا الأسبوع لدراسة الوضع وطرحنا هذا الواقع المستجدّ والأليم عليه. وطالبنا بمبالغ نقدية، بعد إجراء إحصاءات على كافة العمّال المهجّرين. وكان الرأي أنّه من الممكن أن نلحقهم بمشاريع وزارة الشؤون الإجتماعية ليتم البحث بكافة الطلبات.

أمّا العمّال غير المهجّرين، ولو كانوا في مناطق آمنة، أيضًا يواجهون واقعا إقتصاديا مستجدّا، فتم توقّف قطاعات كثيرة عن الإنتاج ولمسنا تراجعًا بالحركة الإقتصادية.

فلا شكّ أنّه في ظروفنا الصعبة هذه، تدهورت القطاعات السياحية، والإنتاجية، والتصنيع وكلّ ما يتعلّق بصناعة البناء، والغذاء، والزراعة. وكل هذه الأمور في تراجعٍ واضحٍ. وهذا ما حاولنا الإلتفات إليه مع منظمة العمل العربية التي حصلت في بغداد في الأيام الأخيرة، وحصلنا يومها على تعهدات وأمانات.

Exit mobile version