بعد الرمادية: لبنان على شفا اللائحة السوداء… هل ينجح في تفادي الكارثة
بعد سنوات من التحذيرات الدولية المتكررة، أدرجت مجموعة العمل المالي (FATF) لبنان على لائحتها الرمادية، ما يضعه ضمن الدول التي تُخضعها المجموعة لمراقبة مشددة بسبب الشكوك حول التزامها بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. هذه الخطوة تشكل ضربة جديدة للاقتصاد اللبناني الذي يعاني منذ سنوات من أزمات متراكمة، وتنذر بخطر أكبر يتمثل في إمكانية إدراج لبنان على القائمة السوداء في حال عدم تصحيح المسار.
في هذا الإطار، يرى الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس أبو دياب، أن “إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لا يخدم الاقتصاد اللبناني إطلاقاً، بل يُنذر بتداعيات أوسع إذا لم يتم اتخاذ خطوات حاسمة، خصوصاً أن التحذيرات السابقة من المجتمع الدولي كانت واضحة بشأن ضرورة الالتزام بالإصلاحات”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”، يشير أبو دياب إلى أن “المشكلة الأساسية بدأت في العام 2019 مع انهيار القطاع المصرفي، ما أدى إلى تحويل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد يعتمد بشكل كبير على السيولة النقدية بدلاً من التعاملات المصرفية المعتادة”.
ويؤكد، أنه “كان بالإمكان تفادي هذا الوضع عبر إقرار القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وضبط الحدود والتهريب، وهي خطوات ضرورية لتعزيز الثقة الدولية بالاقتصاد اللبناني”.
ويعتبر أن “هذا الإجراء لن يؤثر بشكل مباشر على الأفراد، لكنه سيضع تحديات أكبر أمام التجار، حيث سيصبح من الصعب فتح الاعتمادات المصرفية المطلوبة، ما سينعكس سلباً على حركة الاستيراد ويزيد من تكاليف السلع المستوردة”.
وأشار أبو دياب، إلى أن “إدراج لبنان على اللائحة الرمادية يُعدّ عائقاً كبيراً أمام جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني بشدة، إذ سيزيد من تردد المستثمرين في ضخ أموالهم في بلد يواجه مخاطر مالية عالية، ما ينعكس سلباً على محاولات إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق الانتعاش. وبذلك، يصبح المسار الإصلاحي ضرورة حتمية لتفادي تدهور أكبر قد يضع لبنان في مواجهة تداعيات القائمة السوداء”.
وعليه، جزم أبو دياب بأن “هذه ليست نهاية العالم في الاقتصاد، وإنما هي خطوة قد تؤدي إلى اللائحة السوداء، أو، بعد الإصلاحات، إلى الخروج من اللائحة الرمادية. لكن هذا يتطلب وقتًا، للإصلاحات، ولانتظام مؤسسات الدولة، ولانتخاب رئيس، لكي تصبح هناك فعليًا مؤسسات في الدولة اللبنانية تستطيع تطبيق الإصلاحات وتنفيذ توصيات المؤسسة المالية الدولية. فإذا لم نقم بإصلاحات، فإننا ذاهبون باتجاه اللائحة السوداء”.