يعاني القطاع الزراعي اليوم، من أزمةٍ خانقةٍ شهدت أشنع مواسم لها نتيجة الحرب المستمرّة على لبنان، والأحوال الجويّة الصّعبة. فما هي التحديات التي يعيشها القطاع الزراعي اليوم وما هي سبل المقاومة؟
رئيس تجمّع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي، يفيد بأنّ الخسائر تتزايد يومًا بعد يومٍ نتيجة تدهور الوضع الأمني في البلاد.
ويؤكّد في حديثه للدّيار، بأنّ الخسائر تتوزّع ما بين المناطق الجنوبية والشمالية وفي البقاع وكافّة المناطق اللبنانية، وحالة المزارع تُبكي. فالمزارع إمّا ينقصه عمّال، وإمّا قد ترك منزله ونزح إلى أماكن آمنة، وإمّا يواجه صعوبة في نقل البضاعة إلى الأسواق التجارية نتيجة الحرب والوضع الاقتصادي الصّعب.
يؤكّد الترشيشي أنّه رغم ذلك، الأسواق المحلّية لم تنقصها البضاعة، بل العكس هناك كساد وبالتالي نواجه رخصًا في الأسعار. وهذه العرقلة نتجت مع نقص الطلب على الخضار والفاكهة لأنّ قسمًا منهم يعيش اليوم على الإغاثة والمساعدات. تمامًا كما يحصل في سوق صيدا الذي يعمل بحدود الـ5% وسوق صور والسفارة الكويتية قد أغلقا.
أمّا سوق قب الياس ورغم كساد البضاعة، تجلس النّاس في منزلها ولا تعمل ولا تشتري ولا تفكّر سوى بالأماكن والسلامة، لذلك الوضع الزراعي لا يُحسد عليه بتاتًا، تمامًا كباقي القطاعات.
وقال: طالما القصف مستمر، المزارع سيكون غير قادر على الإعتناء بأرضه، ولا بإمكانه قطف المحصول كما يجب والمزارع سيشهد نقصًا في عدد العمّال.
كل ما علينا القيام به اليوم، على حدّ تعبيره، هو على الأقلّ الإستفادة من موسم العنب وقطفه. ولكن لا يزال حتّى السّاعة، يخشى العمّال من دخول أراضي الكروم، باستثناء من يطالب بأضعاف الايجار. ومن يقطفها لا يدري إلى أي سوق سنبيعها.
الزراعة بحاجة إلى استقرار وأمل ودورة مستمرة من الزرع حتّى الحصاد، وهذا ما لا يحصل في لبنان، لكنّنا نطمئن الناس اليوم بأنّ الإنتاج موجود والفائض في الثلاجات، سيّما البطاطا والعنب والتفاح والبصل. ولا خوف من ارتفاع الأسعار، بل العكس تماما الأسعار إلى انخفاض لأنّ الطلب انخفص بعد نشوب الحرب.
وللأسف، نصف الشعب يشتري البضاعة لأنّ النصف الآخر إمّا مهجّر أو نازح لذلك الكساد والرخص سيدا الموقف. ولا يمكننا أن نقاوم أو نعالج مشاكلنا طالما الضرب مستمرّ.
لفت الترشيشي إلى أنّ المزارعين في منطقة الجنوب، يعانون بشكل خاص من قطف الزيتون والإستفادة منه. واعتبر أنّ من باستطاعته الوصول إلى أرضه ورزقه بسلام، سيقطفه له ولعائلته لأنّه اولًا يعاني من نقص في العمّال، ثانيًا لأنّ العمّال يتقاضون 3 أضعاف ممّا كانوا يتقاضوه سابقًا، ثالثًا بسبب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت بيوتهم ومنازلهم وطرقاتهم، ورابعًا نتيجة إغلاق الأسواق في صيدا وصور وباقي الدكاكين نتيجة تأزم الوضع هذا، لذلك وضع المزارع في الجنوب مذري وخسائرنا لا تعدّ ولا تحصى.
وختامًا، لفت الترشيشي إلى أنّ أكثر 5 أضعاف من المنتوجات الزراعية قد تضرّرت بسبب السقيع وتدنّي درجات الحرارة، وهي: الخيار والبندورة والكوسى والبطاطا والبصل. وللأسف بدل الإستفادة من الري الطبيعي والامطار في مثل هذه الأيام، شاهدنا انخفاضا في درجات الحرارة، ورياحا شمالية ناشفة دهورت الوضع أكثر فأكثر.
هذه الحرب انعكست بشكلٍ مباشرٍ على القطاع الزراعي، وتحديدًا في القرى الحدودية بحيث أنّ 70 في المئة من سكانها يعتمدون على الزراعة في معيشتهم، فهي تشكّل العمود الفقري الاقتصادي لهم، هذا المورد أطاحته الحرب اليوم. لم يتمكّن مزارعو القرى من زراعة حقولهم للموسم الشتوي، وضاع عليهم موسم الخريف أيضًا والبادي أظلم.
مارينا عندس- الديار