في لبنان اليوم 600 مدرسة حكومية وخاصة تشبه كل شيء ما عدا المدرسة، بعدما إستحالت منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 23 سبتمبر الماضي مراكز إيواء لعائلات نازحة من الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع. مدارس تحوّلت صفوفها الى غرف نوم مزدحمة بالأمتعة والفرش، فيما ملاعبها وحتى إشعار الأمطار والشتاء المرتقب ساحات لبعض التسامر والترفيه..
600 مدرسة لا تتوافر فيها كفاية الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والرعاية الطبية، ومن بينها نحو 50 مدرسة فتحت أبوابها طوعاً أو حتى قسراً للنازحين.
وحين إستأنفت المدارس الخاصة نشاطها الحضوري، إرتفعت المطالبة من إدارات هذه المدارس الى المعنيين في الحكومة بإستعادة هذه المراكز التربوية لإستعادة زخم التعليم الحضوري، ومن بينها 6 مدارس كبرى في بيروت.
وإذا كان بعض طلاب المدارس الرسمية قد التحقوا بمدارس خاصة، فإن أرقام وزارة التربية في لبنان تتحدث عن تلامذة نازحين عبارة عن 400 الف تلميذ لبناني و110 آلاف تلميذ سوري و35 الف تلميذ فلسطيني، فضلاً عن أكثر من 45 الف معلم ما عادوا قادرين على القيام بمهامهم ورسالتهم.
وبحسب وزارة التربية التي وضعت خطة لتمكين طلاب التعليم الرسمي من العودة الى الصفوف في الرابع من نوفمبر المقبل، فإن نحو 300 مدرسة خالية من النازحين ستفتح أبوابها الأسبوع المقبل في دوامين صباحي ومسائي، في موازاة إعتماد بديل عن المدارس غير الشاغرة كإستئجار بعض المدارس الخاصة في فترة بعد الظهر أو مبان أخرى مجاورة للمدارس التي تؤوي نازحين. أما الخيار الأخير والذي يبقى كما يقول المسؤولون التربويون أفضل من لا شيء، فهو التعليم عن بعد ولو أنه أثبت خلال أزمة كورونا عدم فاعليته للطلاب ما دون صف البريفيه(الشهادة المتوسطة).
وكان وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي قد شارك ضمن الوفد اللبناني الرسمي في “المؤتمر الدولي من أجل لبنان”، الذي إنعقد في العاصمة الفرنسية باريس الخميس الماضي بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون. وسلّم الحلبي باليد الرئيس الفرنسي الخطة التربوية لوزارة التربية والتعليم العالي، فيما طلب ماكرون من مستشاره السفير إيمانويل بون متابعة الموضوع مع الوزير الحلبي، وقرر إيفاد بعثة الى بيروت لمناقشه كيفية مساعدة القطاع التربوي في هذه الظروف المعقدة.
العدالة التعليمية في خضم الحرب هي أكبر تحدّ يواجهه اليوم القطاع التربوي في لبنان، لاسيما في ظل قناعة بأن التعليم هو أساس التعافي والأمل. ومن دون عودة الى مقاعد الدراسة، لا نجاة للعام الدراسي. والخسائر النفسية على التلامذة قد تكون أكثر فداحة من الخسائر التربوية.
بولين فاضل – الانباء