بعد أكثر من 40 يوماً على التصعيد الكبير في لبنان، تلوح في الأفق بوادر لحل قد ينذر بوقف إطلاق النار.
ورغم ذلك، لا تتوقف التحذيرات من مغبة فشل المساعي الدولية، خصوصا بعد تحذير وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بوحبيب، الاثنين، من “فتنة داخلية” بسبب النازحين، وهو ما نبّهت منه أيضاً كل من فرنسا وألمانيا.
أكدت الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي أن أعداد النازحين تخطت مليونا و400 ألف نتيجة التصعيد الإسرائيلي المتواصل على جنوب لبنان، يعيش أغلبهم ظروفاً صعبة.
بدوره، قال كارل سكاو نائب المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي إن الوضع في لبنان سيئ للغاية، ويمكن أن يصبح أسوأ بكثير في حال استمرار العمليات العسكرية.
كذلك حذّرت الأمم المتحدة من أن لبنان يواجه “أزمة إنسانية كارثية”، مشيرة إلى وصول عدد النازحين داخليا إلى رقم غير مسبوق.
أمام هذا الوضع أكد وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، أن أكثر ما يقلق اليوم في لبنان هو الفتنة الداخلية نتيجة توسع الاحتكاكات بين النازحين اللبنانيين وسكان المناطق التي نزحوا إليها، في إشارة إلى ما حدث الأسبوع الماضي في بيروت حينما دخل نازحون إلى أبنية غير مأهولة في بيروت من دون موافقة مالكيها، ما اضطر القوات الأمنية إلى إخراجهم بالقوة ما فجر توترا كبيرا.
وقال بوحبيب أمام الاجتماع الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط المنعقد في برشلونة، الاثنين، إنه في حال لم تتوقف الحرب فوراً فإن النزوح يمكن أن يؤدي إلى تفجير الأوضاع وحدوث صدامات مجتمعية وهجرة كبيرة.
عن هذا الوضع، لفت الأمين العام للجنة اللبنانية الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار المفكر اللبناني الدكتور محمد السماك، إلى أن المخاوف من مصطلح “فتنة النزوح” الذي باتت تتداوله وسائل إعلام لبنانية ودولية طبيعية بسبب وضع الحرب، إلا أن ما سيحدث هو “هزات اجتماعية” لا أكثر.
وأضاف في مداخلة لـ”العربية”، أن تجارب لبنان علّمت الشعب كيف يتجنّب الفتنة، ومرّنته على تحويل المآسي إلى أداة للبحث عن مخارج وحلول.
وشدد على أن لبنان مرّ مرارا بهجرات داخلية خلال الماضي، وكان دائماً يجد مخارج آمنة تجنبه دفع ثمن باهظ للفتنة.
واعتقد أن الوضع الحالي خطير وسيئ وقابل للاستغلال، لكن الوعي أكبر.
أيضاً أكد على أن المرجعيات الدينية بالتعاون مع المرجعيات السياسية قادرة على إيجاد المخارج وإعادة بناء الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي للخروج من المحنة، كما فعلت سابقاً خلال التاريخ.
مع هذا، شدد على أن الوضع النفسي لدى المهجرين صعب جداً، وكذلك الوضع الاقتصادي للمستقبلين أيضا، ولهذا فإن الحذر مطلوب، وضرورة إيجاد حل بات أولوية، مشددا على أن دور المرعيات الدينية هام جدا لدرء هذا الخطر.
واستشهد بأن اللبنانيين بعد حرب 2006 عادوا إلى مناطقهم بمجرد انتهاء الحرب، وقاموا بإعمار كل شبر فيها، واستأنفوا حياتهم، مؤكدا أن هذا ما سيحدث بعد انتهاء الحرب الحالية حيث إن ما جري في لبنان حالياً هو مرحلة انتقالية.
تأتي هذه التحذيرات مع تدفق أعداد كبيرة من النازحين خلال الأسابيع الماضية، هرباً من القصف الإسرائيلي العنيف.
إذ اكتظت العديد من مراكز الإيواء التي أعدتها السلطات الرسمية والجمعيات في لبنان.
كما عمدت مجموعات قليلة إلى السكن مؤقتا في بعض المباني الفارغة لاسيما في العاصمة بيروت، بموافقة مالكيها.
إلا أن بعض النازحين دخلوا إلى أبنية غير مأهولة من دون موافقة مالكيها، فعمدت القوات الأمنية إلى إجلائهم ما تسبب باحتكاكات وتوتر.
بدورها، شددت الحكومة اللبنانية على أن الدولة لن تقبل بأي اعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وأنها تسعى لنقل النازحين من الطرقات إلى مراكز إيواء وتعمل لإزالة التعديات عن الأملاك الخاصة والعامة.
ومنذ اندلاع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من تشرين الأول 2023، دعما لحماس في قطاع غزة، بلغ عدد النازحين من الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلا عن الجنوب مليون و400 ألف لبناني، أغلبهم فر خلال الأسابيع القليلة الماضية.
فيما افترش بعضهم الطرقات والساحات العامة في العاصمة اللبنانية، بعدما ضاقت بهم مراكز الإيواء في بلد يعاني أساسا من أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ 2019.