تفاصيل مهمة للغاية.. إليكم ما كشفته معارك جنوب لبنان

تشهد مقدمة الجبهة الجنوبية مواجهات عسكرية في إطار العدوان الإسرائيلي على لبنان، حيث تتجلى الإستراتيجيات والتكتيكات المتبادلة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، على قاعدة محاولة التوغل البري مقابل التصدي ونصب الكمائن والتفجير.

وشهدت القرى الحدودية الجنوبية في الأيام الأخيرة محاولات تقدم من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيلي على عدة محاور:

المحور الأول: منطقة عمليات الفرقة 146 لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الممتدة من الناقورة غربًا وصولاً إلى مروحين شرقًا، حيث حاولت قوة مشاة إسرائيلية التسلل نحو الأحياء الجنوبية لقرى شيحين والجبين، إلى جانب محاولة قوة استطلاع التقدم نحو وادي حامول.

المحور الثاني: منطقة عمليات الفرقة 36 لجيش الاحتلال، الممتدة من راميا غربا وصولا إلى رميش شرقا (عيتا الشعب ضمنا)، وفيها يواصل حزب الله استهداف التجمعات الإسرائيلية في منطقة عيتا الشعب وعيترون.

المحور الثالث: منطقة عمليات الفرقة 91، الممتدة من بليدا جنوبا وصولا إلى حولا شمالا، ويسيطر فيها جيش الاحتلال بالنار على الأطراف الشرقية للقرى، دون أي تقدم جديد في هذا المحور، بعد أن تكبد فيه خسائر سابقة.

المحور الرابع: منطقة عمليات الفرقة 98، الممتدة من مركبا جنوبا وصولا إلى قرية الغجر اللبنانية المحتلة في الشمال الشرقي، حيث حاولت قوة مشاة التقدم نحو بلدة كفركلا.

المحور الخامس: منطقة عمليات الفرقة 210، الممتدة من قرية الغجر وحتى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وفيها استهدف مقاتلو حزب الله محاولات التقدم الإسرائيلية في كفرشوبا وشبعا.

المناورة البرية

 في هذا السياق، أعلن حزب الله عن أحدث المستجدات بشأن التوغل البري الإسرائيلي المعروف بـ”المناورة البرية في جنوب لبنان”، حيث تجاوز عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي 95 قتيلا و900 جريح منذ بداية المناورة.

وأكد البيان أن الحزب تمكن من تدمير 42 دبابة من طراز “ميركافا”، إلى جانب 4 جرّافات عسكرية، وآليتين من طراز هامر، وآلية مدرعة وناقلة جنود، كما تم إسقاط 3 طائرات مسيّرة من طراز “هيرميس 450” واثنتين من طراز “هيرميس 900″، علما أن هذه الحصيلة لا تشمل الخسائر في القواعد والمواقع العسكرية، بالإضافة إلى المستوطنات والمدن المحتلة.

توازيًا، يواصل حزب الله التصدي لمحاولات التسلل الإسرائيلية إلى القرى الحدودية، حيث وقعت اشتباكات مباشرة في بعض المناطق، وفي المقابل، يستمر جيش الاحتلال في نشر مقاطع الفيديو التي توثق تدمير المنازل في القرى والبلدات التي توغل فيها، مستخدما أساليب التفخيخ، كما انتشرت مقاطع تُظهر تفجيرات في بلدات مثل ميس الجبل وعيترون ويارين والضهيرة، مما يعكس تصاعد وتيرة المواجهات في المنطقة.

الدفاع المرن

يشير الخبير العسكري والإستراتيجي منير شحادة، إلى أن إسرائيل نشرت 5 فرق عسكرية تضم نحو 70 ألف جندي، مزودة بمختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك مئات دبابات “الميركافا” وطائرات الاستطلاع من طراز “إف 16″ و”إف 35″ و”إف 15” ومع ذلك، لم تتمكن هذه الفرق من خرق الحدود اللبنانية بسبب استبسال المقاومة، مما حال دون تحقيق أهدافها في إنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان بعمق 5 كيلومترات.

ويوضح شحادة للجزيرة نت، أن القوات الإسرائيلية حاولت التقدم عدة مرات ومن مختلف القطاعات، بدءاً من القطاع الغربي في الناقورة، مروراً بالقطاع الأوسط في عيتا الشعب، وانتهاء بالقطاع الشرقي، لكنها لم تنجح في أي من هذه المحاولات.

وبعد أكثر من 3 أيام من المحاولة الجديدة من سهل الخيام -يضيف شحادة- حيث تشارك الفرقتان 98 و91، تكبدتا خسائر فادحة نتيجة استهداف المقاومة لهما بصواريخ الكورنيت وغيرها، وكذا بالمدفعية، مما جعل القوات الإسرائيلية غير قادرة على الثبات في أي مكان.

ويشير المتحدث ذاته إلى أن إسرائيل، نتيجة هذه الخسائر، تضطر إلى تفخيخ الأحياء السكنية وجعلها بمستوى الأرض، ليس فقط لأنها لا تستطيع الثبات في القرى، ولكن أيضا لتعقيد عودة السكان إليها بعد انتهاء الحرب، مما يجعل هذه القرى غير قابلة للحياة، في إطار سياستها المعروفة بـ”الأرض المحروقة”.

ويؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي أن عدم قدرة إسرائيل على إنشاء المنطقة العازلة التي زعمت أنها تسعى إليها، يعد فشلاً واضحاً لها، إذ لم تتمكن 5 فرق من دخول الأراضي اللبنانية، رغم محاولاتها اختراق الجبهات باستخدام الدبابات، إذ تواصل المقاومة استهداف هذه الدبابات وتدميرها.

كذلك، فإن المقاومة نجحت في تدمير دبابات خلف المنطقة الحدودية، مما جعل إسرائيل تتجنب إرسال آليات عسكرية عبر الحدود اللبنانية، عِلما أن المقاومة تمتلك قدرات صاروخية كافية لتدمير دباباتها.

ويضيف الخبير العسكري أنه “إذا فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها، فإن ذلك يعود إلى قوة وبسالة المقاومة، وما قامت به من تحضيرات منذ عام 2006 وحتى 8 تشرين الأول 2023، سواء من حيث تهيئة الأرض وحفر الخنادق أو تخزين الأسلحة تحسبًا لحرب من هذا النوع، كل هذه العوامل ساهمت في فشل إسرائيل في تنفيذ هذا الاختراق”.

ويتابع شحادة أن المقاومة تستخدم أيضًا حرب الدفاع المرن لاستدراج القوات الإسرائيلية إلى الداخل، حيث تتمكن من استهدافها وإلحاق الخسائر بها، كما حدث في عيتا الشعب والقوزح، ففي إحدى المواجهات، وقع عدد كبير من لواء غولاني في كمين، مما أدى إلى تكبدهم خسائر فادحة.

وفي القطاع الغربي، حاولت إسرائيل إدخال الدبابات، ولكن المقاومة استهدفتها ودمرتها، مما دفعها لإرسال فرقة أخرى لسحب القتلى والجرحى، والتي تعرضت بدورها للقصف من المقاومة، مما أدى إلى وقوعها بين القتلى والجرحى 4 مرات دون أن تتمكن من تنفيذ مهمتها.

ويوضح شحادة أن الجيش الإسرائيلي اعتمد على دخول قواته إلى الأراضي اللبنانية لبضع أمتار لتفخيخ الأحياء السكنية وتدميرها، ثم الانسحاب تحت ضربات المقاومة، لأنه لم يعد بإمكانه البقاء في هذه المناطق تحت القصف المستمر.

تضاريس معقدة

بدوره، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن المتقاعد هشام جابر، أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات طبيعية في تحقيق الاحتلال الفعلي بسبب طبيعة الأرض في جنوب لبنان، حيث تعيق التضاريس تقدمه بالآليات، ويشير إلى أن معظم المناطق المحاذية للحدود مرتفعة، مما يُسهل على حزب الله الذي يتمركز في هذه المناطق، صد التقدم الإسرائيلي.

ويعتبر جابر في حديثه للجزيرة نت، أن الاحتلال عادة ما يعتمد على قوة عسكرية كبيرة، كما هو وارد في كتب الحرب، حيث تكون تكاليفه عالية، وتزداد مع استمرار وجوده، وقد تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر جسيمة في محاولاته للوصول إلى تلك المناطق وتدمير القرى، مما يبرز استحالة استمراره في المنطقة.

وفي ما يخص العمليات العسكرية، يشير جابر أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق التقدم المطلوب، حيث يقوم بتنفيذ عمليات عسكرية وتفجير منازل، لكنه محاصر بالمقاومين، مما يجبره على الانسحاب قبل حلول الظلام.

أما عن سبب عدم دخوله في العمق اللبناني، فيشير إلى أن ذلك يعتبر بمثابة مستنقع صعب للغاية، حيث تدور المعركة الحقيقية لحزب الله في العمق وليس على الأطراف، كما أثبتت أحداث عام 2006.

ويضيف جابر أن الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي يسعى إلى احتلال المرتفعات مثل منطقة الخيام، ورغم محاولاته، فإنه بعد مرور 4 أيام لا يزال يواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى المدينة، وقد تكبد خسائر فادحة، على الرغم من أنه يُهاجم بقوات ضخمة، ويُشير جابر إلى أن الأرض في الخيام تتيح له الحركة أكثر مقارنة بمنطقة مارون الراس، التي تتسم بارتفاعها. (الجزيرة نت)

Exit mobile version