خارطة طريق للخروج من اللائحة الرمادية.. ماذا عن الودائع

“ليبانون ديبايت”

يرسم أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة خارطة طريق تسمح للبنان بالخروج من اللائحة الرمادية أولاً وباستعادة المودعين لأموالهم ثانياً وباستعادة الثقة بالنظام المصرفي ثالثاً. ومن المعلوم أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية وكما ورد في تقرير مجموعة العمل المالي الدولية، لم يكن سوى نتاج عدم السيطرة على القطاع غير المالي، بعدما وصلت أرقام التداول بالكاش إلى مستوى متقدم جداً وبشكل لم يعد ممكناً فيه مراقبته وتحديد مصادره.

وفي حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، يركز الدكتور عجاقة على الخطوات المطلوبة من الدولة، لأنها وبعد منع التداول بالكاش، ستكون مضطرة لتوفير البديل، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي اليوم قبل الغد، ولكن من دون أن تتمّ هذه العملية على حساب المودعين وفق ما كان مطروحاً في السابق، عندما كانت أي خطة لإعادة هيكلة المصارف تصطدم بالرفض بسبب تركيزها على اقتطاع أو شطب الودائع، لأن الشطب سيؤدي إلى إشكالية الثقة التي ستكون معدومة بالدولة اللبنانية وبنظامها المصرفي.


ورداً على سؤال حول قدرة السلطة على التنظيم والسيطرة على الكاش في النظام غير المالي، يؤكد الدكتور عجاقة أنها “خطوة ممكنة وهي تتم من خلال تحديد سقف مالي لكل عملية بحيث أن كل عملية تتخطى هذا السقف، يجب أن يتمّ دفعها عبر الوسائل المصرفية مثل الشيك المصرفي أو البطاقة المصرفية أو التحاويل المالية”.

من الناحية العملية، يضيف عجاقة أن “المطلوب اليوم، هو العمل وفق ما ذكر صندوق النقد الدولي، الذي طلب إجراء عملية تقييم للمصارف من أجل تحديد المصرف الذي يستطيع الإستمرار في العمل والمصارف المتعثرة، وإجراء عمليات دمج بين هذه المصارف أو إخراج العاجز من السوق، ثم ضخّ الأموال من قبل المساهمين برأس مال المصارف، على أن تقوم الدولة في مرحلة لاحقة وبالشراكة مع مصرف لبنان المركزي ومع المصارف، بالتعهد بضمان أموال المودعين وبعدم خسارة أي فلس منها.

وبالتوازي، يتحدث عجاقة عن أهمية صدور قرار بمنع التعاملات بالكاش على أن يتم إطلاق يد الأجهزة الأمنية لمحاربة التداول بالكاش، وعندها وبشكل تلقائي ستتجه الأموال إلى المصارف، وأبرز مثال على ذلك، هو ما يقوم به المستوردون حالياً عند إجراء المعاملات لاستيراد سلع من الخارج، فهم يودعون الأموال قبل تحويلها إلى الخارج عبر القطاع المصرفي، حيث لأنها لم تكن مودعة فيه، بل تمّ ايداعها نقداً لتحويلها من أجل فتح اعتمادات والإستيراد، وبالتالي إذا كان قرار منع التداول بالكاش جارياً فإن هذه الملايين كانت ستكون في المصرف ما سيوفر السيولة في القطاع فيعود العمل إلى طبيعته ويصبح بالإمكان تسديد حقق المودع الذي لا يحتاج في الأيام والأوضاع الطبيعية لأكثر من 15 بالمئة من إجمالي الودائع وبكل بساطة ستؤمن هذه العملية إعادة الإنتظام إلى القطاع المصرفي.

ويستدرك عجاقة بأن ما تقدم لا يعني بأي شكل من الأشكال أن التغاضي عن المسؤوليات والإرتكابات التي حصلت في المرحلة السابقة سواء كانت في القطاع الخاص أو في القطاع العام لأن تقرير مجموعة العمل المالية “فاتف” يشير بكل وضوح إلى انتشار الفساد على مستوى الإدارة العامة وعلى مستوى القطاع الخاص، وهو ما يستدعي إطلاق يد القضاء لمحاسبة الفاسدين، وطبعاً تكريس استقلالية القضاء ومنع التأثير السياسي عليه، وهنا يأتي دور الإصلاح المطلوب خصوصاً في ضوء الوعود بضخّ كميات كبيرة من الأموال بعد إنجاز الورشة الإصلاحية، ما سيعيد العمل المصرفي لطبيعته، وهو ما سيسمح بشكل او بآخر باستعادة الزخم للقطاع المصرفي على أن يحصل المودعون على أموالهم.
Exit mobile version