نافذة أميركية واحدة قد تنهي الحرب

الانطباع العام في بيروت أن المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين فشل في مهمته وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، بسبب غياب الرغبة الجادة لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو ما أعلنه شخصيا بقوله إن أوان التسوية لم يحن بعد، إلى جانب اعتباره أن تطبيق القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١ “ليسا الشيء الرئيسي”، وتمسّكه بـ “قدرة وإصرار إسرائيل على ضمان تنفيذ الاتفاق وإحباط أي تهديد من لبنان على أمنها، وبشكل يعيد سكاننا إلى بيوتهم بأمان”.
تعزّز هذا الانطباع اللبناني بفعل مغادرة هوكستين والمستشار الرئاسي لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك تل أبيب مباشرة إلى واشنطن من دون المرور في بيروت، كما كان متوقعا في حال تحقيقهما الاختراق المطلوب.

دفع هذا الواقع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى نعي المهمّة الرئاسية الأميركية، مؤكدا أن “نتنياهو رفض خريطة الطريق اللبنانية التي توافقنا عليها مع هوكستين”، معتبرا أن الحراك السياسي لحل الأزمة “تم ترحيله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية”.
غير أن تقارير صحافية إسرائيلية خالفت هذا الانطباع اللبناني، مشيرة إلى أن عدم زيارة المسؤولَيْن الأميركيين بيروت “يعود إلى إصرارهما على وضع صيغة اتفاق محكم مع نتنياهو، لا يستطيع وضع عراقيل إضافية أمامه”، متحدثة عن “تقدم في المفاوضات، لكنه لا يكفي لتقديم عرض متماسك للحكومة اللبنانية وحزب الله، وهما يسعيان لإغلاق كل الثغرات مع نتنياهو أولاً”.

صحيح أن السباق الرئاسي الأميركي يضع رحاله بعد ٣ أيام لتنكشف مساء الثلاثاء المقبل هوية من سيقود البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة، لكن الإدارة الأميركية الراهنة بأشخاصها تبقى فاعلة نظريا ونسبيا في المرحلة الانتقالية قبل التسليم والتسلّم في كانون الثاني ٢٠٢٥. وربما هذا ما يفسّر عدم إقفال التقارير الإسرائيلية الباب أمام صيغة توقف إطلاق النار في ما تبقّى من عهد الرئيس جو بايدن.
غير أن مصادر سياسية رفيعة في بيروت تقلّل من فرص التوصل إلى وقف الحرب الإسرائيلية، مستدلّة بذلك إلى أداء نتنياهو نفسه، وإلى تهديد الوزراء المتطرفين في حكومته بالانسحاب منها وإسقاطها في حال أقدم على اتفاق من هذا النوع. وتشير إلى أن نافذة واحدة قد تبقى صالحة، وذلك في حال قرر الرئيس المنتخب، والراجح حتى الآن أن يكون دونالد ترامب، أن يوظّف قوة الدفع الناتجة عن الفوز لفرض وقف الحرب على نتنياهو لكن بالتأكيد مقابل ثمن ما.
وسبق لترامب أن صرّح بأن “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها”. وقد يكون هذا الثمن الذي يرضي نتنياهو لكنه بالتأكيد سيأتي على حساب أراض عربية، ويغذّي الرواية التوراتية عن إسرائيل الكبرى والتي تتحكّم بالعقل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي.

Exit mobile version