“التيار” يُعيد تقييم علاقته مع ح ز ب الله
أكد نائب رئيس “التيار الوطني الحر” ناجي حايك أن “التيار” لا يقطع التواصل مع أي طرف، سواء كان “حزب الله” أو غيره، مشيراً إلى أن التيار يسعى للتواصل مع الجميع، “إلا إذا قرر أي فريق خلاف ذلك”.
جاء ذلك في تصريح أدلى به حايك لصحيفة “الشرق الأوسط”، حيث أوضح أن مواقف “التيار الوطني الحر” كانت واضحة منذ البداية، إذ كان التيار معارضاً لقيام “جبهة إسناد غزة”، مشككاً في جدوى نظرية الردع.
وأشار حايك إلى أن تجربة السنوات الماضية أظهرت أن النظرية التي تقول بأن وجود “حزب الله” يردع إسرائيل “غير صحيحة”، وفق قوله.
وأضاف: “مع فقدان قوة الردع، بات من الضروري البحث عن آلية جديدة لحماية لبنان”.
وأوضح حايك أن هذه الآلية يجب أن تتضمن “استراتيجية دفاعية” تحدد حاجات الجيش اللبناني.
كما شدد حايك على أن الدفاع عن لبنان لا يتطلب حلولاً عسكرية فحسب، بل ينبغي أن يتضمن خطوات أخرى، أبرزها “تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية وإقامة علاقات جيدة مع الدول الصديقة والشقيقة وبناء اقتصاد قوي”.
وتتوالى مواقف قيادات ونواب “التيار الوطني الحر” لتؤكد أن العلاقة بين “التيار” و”حزب الله” دخلت منحى جديداً، وأن مراجعة شاملة ستجري عقب وقف إطلاق النار، لا سيما بعد التحول الاستراتيجي في موقف قيادة “الوطني الحر” التي كانت ترى في قوة “حزب الله” حماية للبنان. لكن التطورات الأخيرة، بحسب تصريحاتهم، أسقطت هذه “الفرضية الردعية”، مما يطرح تساؤلات حول البدائل المطروحة.
واستدعى اهتماماً كبيراً الموقف الذي أعلنه النائب جيمي جبور، الذي قال إن “الوعود حول استراتيجية المبنى مقابل المبنى، والمدينة مقابل المدينة، لم تُترجم في الميدان”، معتبراً أن الردع كان يُفترض أن يكون فاعلاً منذ الأيام الأولى. وأضاف جبور أن “سلاح المقاومة الذي كنا نعدّه نقطة قوة، بات يُنظر إليه كنقطة ضعف، جلبت العدوان دون أن تحقق قدرة ردعية”، مما دفع كثيرين لاعتبار تصريحاته بمثابة بداية قطع “شعرة العلاقة” بين “التيار” و”الحزب”.
على صعيد آخر، يلتزم “حزب الله” الصمت تجاه هذه الملفات الداخلية، إذ تعتبر مصادر قريبة منه أن أولويته الحالية هي المعركة والمساعدات للنازحين. وأوضحت مصادر مطلعة لصحيفة “الشرق الأوسط” أن العلاقة مع “الوطني الحر” لم تُقطع نهائياً، لكنها معلّقة حتى انتهاء المعركة، وأن ملف الرئاسة مؤجل.
ومنذ 17 أيلول الماضي، تاريخ استهداف عناصر من “حزب الله” وتفجير أجهزة “البيجر” وما تبعه من اغتيال الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، انقطعت تواصلات الحزب المباشرة مع معظم القوى السياسية، واقتصرت إلى حد كبير على رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كُلّف بالتفاوض لوقف الحرب.
وبينما يُظهر “التيار الوطني الحر” تماسكاً داخلياً، فإن التيار يعاني من انقسام داخلي. إذ يرى قسم من “العونيين” ضرورة النقد علانية، ويعتبر رئيس التيار جبران باسيل أن سياسة “وحدة الساحات” التي اتبعها “حزب الله” كانت “خطأً استراتيجياً”، مشيراً إلى أن إيران تستخدم “حزب الله” في الصراع الإقليمي بدلاً من الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. في المقابل، يؤكد قسم آخر أن هذه التصريحات ينبغي أن تؤجل حتى وقف النار، وأن “حزب الله” يستحق المساءلة بعد انتهاء المواجهات، بينما يدعم البعض مواقف الحزب بالكامل.
وقد توسّعت حملة على باسيل و”التيار” من قِبَل مناصري “حزب الله” على وسائل التواصل، إذ اعتبر كثيرون أن هذه المواقف بمثابة “نكران جميل”، وطرح أحد المغردين سؤالاً مفاده: “هل كنت ستقول هذا الكلام و’حزب الله’ في أوج قوته وفي وجود أمينه العام؟”.
ومع ذلك، لم تؤثر هذه التصريحات على التعاون بين الفريقين في مجال إيواء النازحين، حيث تستمر المناطق المحسوبة على “الوطني الحر” في تقديم الدعم والمساعدة للنازحين الشيعة، وخصوصاً الموجودين في مراكز الإيواء، في مبادرة تعكس أولوية التضامن الإنساني على الخلافات السياسية.